التائبون .. من التالي بعد البشير ؟

صاحبة الجلالة _ متابعة

شكل وصول شيخ قبيلة البكارة (المعارض) نواف البشير الى دمشق كأول التائبين العائدين من قصور وفنادق الخمس نجوم ضربة قاسمة في صفوف معارضة المنفى التي لطالما تغنت بالأذرع الخارجية مطالبة باحلال الديمقراطية وتشكيل حكومة انتقالية رافضين فيها اي وجود "للنظام" الا ان حالة التشظي والتشرذم التي وصلت اليها وانكشاف نواياها الحقيقية للرأي العام وعلى رأسها تقسيم سورية تجلت بعودة البشير كأول الغيث فمن هو التالي !؟

لاشك ان  لقرار أنس العبدة رئيس ما يدعى الائتلاف الوطني دلالة كبيرة خصوصا بعد إحالة بعض قيادات الائتلاف الى التحقيق للمحاسبة وربما الطرد من هيكليته على اثر تبادل الاتهامات بالفساد وعدم الفاعلية وغياب القيادة الجماعية ، بما يشي ان احتمال انشقاق القيادات في المعارضة عن هيئاتها بات مطروحاً لتقديم الولاء الى الوطن الام بعد ان تجرعوا الخيبات من الدول الداعمة الخارجية وعلى راسها تركيا وواشنطن والسعودية والتي شكل اللاعب الابرز فيها عودة حلب إلى كنف الدولة السورية ناهيك عن تغيير الوجهة السياسية التي فقدت اولى دعائمها اللوجستية بتقارب التفاهمات الروسية التركية وتغيير رأس هرم الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الذي لم يصرح بشكل علني عن مواقفه الداعمة للمعارضة السورية التي لطالما دأبت حكومة باراك اوباما على استخدامها كعصا سليمان في محاولة منع الوصول إلى اي حل ينهي رحى الحرب الدائرة  ..فهل بدأت فعلا المعارضة تلملم ذيول خيبتها وتولي قبلتها إلى الاراضي السورية ..؟!

يبدو ان عودة الشيخ البشير الى دمشق ، وانشقاقه عن المعارضة ، جاءت في توقيت على درجة كبيرة من الأهمية، أي قبل أسبوعين تقريبا من موعد انعقاد مؤتمر الآستانة الذي من المفترض ان يدشن مفاوضات بين وفد الحكومة السورية وعشرة فصائل مسلحة لها وجود على الأرض، ومقربة من السلطات التركية، ولم توجه الدعوة لحضوره لا للائتلاف الوطني، ولا هيئة المفاوضات العليا ومقرها الرياض.

"نحن أسأنا التقدير" بهذه الكلمات بدأت تصريحات الشيخ نواف البشير التي ادلى بها فور وصوله الى مطار دمشق، واعترف فيها بأنه بنى موقفه في الانشقاق عن النظام على معلومات خاطئة، واصفاً المعارضة بأنها أدوات محكومة لجهات خارجية، مؤكدا ان تسليح هذه الفصائل لم يدفع ثمنه الا الشعب السوري خاتما حديثه بالقول"اوجه تحية للجيش السوري فأنا اتيت لأضع نفسي تحت تصرف وطني وشعبي وقيادتي ورئيسي .

اللافت في الامر الصمت المطبق الذي ألم بصفوف المعارضة ازاء هذه التصريحات الا ان الضعف والضياع تجلى ايضا في الشريط المسرب “عمدا” للقاء الذي جرى مع ميشيل كيلو، الكاتب والسياسي المعارض، الذي وجه خلاله انتقادات لاذعة للرياض الداعم الرئيسي للمعارضة السورية، وقال “ان جماعة السعودية ليس لهم أي حسن وطني، ولا حس تاريخي، ولا عروبي، ولا إسلامي”، واتهمها بأنها “تريد ان تنشر الفوضى في سوريا”، كاشفا ما قاله لمسؤول سعودي “ان كل سوري يموت هنا فإنه يوفر موت 5 سعوديين  في الحرب القادمة مع ايران”.

شهد الاسبوع الاول للعام الجديد مفاجأة لم تكن بحسبان عرابي المعارضة او حتى بصفوفهم انفسهم ربما ، لكن تخلي الحلفاء العرب والغربيين والاوروبيين بعد انضمام تركيا الى المعسكر الروسي شكل القشة التي قسمت ظهر البعير .. فمن سيكون ثاني التائبين ؟؟

ويبقى السؤال .. هل ستسامح دمشق ابناءها الخارجين من عباءة المعارضة "التائبين" ؟ ام  ستعاملهم كمذنبين يستوجبون العقاب ؟