بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

رقشٌ على البازلت .. في تطوّر جماليات القصيدة والصورة الفنيّة

الأحد 01-01-2017 - نشر 8 سنة - 6057 قراءة

أولى الشاعر العربي الحديث الصورة أهميّة قصوى في العملية الشعرية؛ كيف لا والشعر هو «التفكير بوساطة الصور»، كما عبر الرمزيون الروس، وها هي ذي القصيدة الحديثة تلغي ثنائية التعبير المعروفة: (فكرة + صورة)، وتعبِّرُ عن الفكرة من خلال الصورة أو بالصورة، لقد رأت قصيدة  الحداثة في الصورة أداة الخلق أو التعبير الوحيدة عن التجربة الشعوريّةِ وأبعادها كلها ومضامينها وخصائصها، أي «جعلت من الصورة المكوّن الرئيس لها»، والصورةُ في الشعر الحديث وسيلة خلقٍ وكشفٍ ورؤيا وأداةُ تعبير وحيدةٌ عن العلاقة المتشابكة المُعقّدة ما بين الأنا -الآخر، الداخل –الخارج، وتالياً فقد تخلّت الصورة الفنيّة الحديثة عن وظائف الصورة التقليديّة في الشرح والتزيين، وإذا كانت المقاربة هي القانون في التصوير الفني سابقاً، فإن الحداثة الشعريّة والجمالية عامةً  «رأتْ أن التعبير عن الواقع يمكن أن يتم برصد آثارِهِ لا برصدِ خصائصه وسماتهِ، ولهذا أصبحت المُباعدة أو المفارقة أشبه بالقانون الجمالي في التصوير الفني»، واتسَعَتْ الهّوة بين طرفي الانزياح الدلالي، وتالياً طغت لغةُ الإيحاء وتعدّدت دلالاتُها، وأصبحت ميزة للغة الشعرية الحداثية. نقرأ المقطع الآتي كمثالٍ عاديٍ على ذلك:  «ليدين من حَجَر وزعترْ هذا النشيدُ .. لأحمدَ المنسيِّ بين فراشتين.. مضتِ الغيومُ وشرَّدتني ورمتْ معاطفها الجبالُ وخبأتني.. نازلاً من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل البلاد وكانت السنةُ انفصال البحر عن مدن الرماد وكنتُ وحدي.. ثم وحدي..آه يا وحدي؟ وأحمدْ  كان اغترابَ البحر بين رصاصتين.. مُخيّماً ينمو، ويُنجب زعتراً ومقاتلين».

وفي المقابل لا بُدَّ من أن نشير إلى تراجع مفهوم الصور الجزئية، ولاسيّما في قصيدة النثر في الثلث الأخير من القرن الماضي حتى اللحظة، لقد اعتمدت القصيدة المذكورة ما يمكن تسميته الحدس الحسّي على حساب الحدسين الميتافيزيقي والصوفي اللذين كان يمتلكهما الشاعر النبي والشاعر الرائي، وذلك بعد تراجع مكانتِهِ من المركز إلى الهامش؛ وعليه فقد تراجعت أهميّة الصورة الجزئية حتى كادت قصيدة النثر تخلو منها، في كثير من تجاربها الأخيرة، وَحلّ محلها الاهتمام بالصورة الكليّة للقصيدةِ أو المقطع؛ «فحين سادتْ آليات السرد الذي تمثّلُهُ اللغة التداولية بديلاً عن الانحراف والانزياح اللغوي، نتج عن ذلك نوع جديد من (الحيود) حيث إن السرد يقتضي رسم صورة كليّة، من دون أن يعول كثيراً على نحت صور جزئية، لأنها بطبيعتها تتطلّبُ انحرافاً لغوياً لم يعد قائماً داخل القصيدة، وهنا تتأسس القصيدة على مفهوم المشهديّة الذي يعتمد على خلق مشهد شعري يتسم بالاطراد والاكتمال؛ وهذا الاكتمال لا يتحقق إلا عند الوصول إلى الكلمة الأخيرة من المقطع/القصيدة، فيما يشبه لحظة الأورجازم»، لنقرأ مثلاً قصيدة  «روتين» للشاعر رياض الصالح الحسين:

«القهوة مع الحليب في الصباح /قبلة الزوجة السريعة / الطريق إلى العمل / الطريق إلى البيت/ الطريق إلى السرير /ومن ثم… / القهوة مع الحليب في الصباح

إنه حيّ تماماً / المسه ولا تخفْ /فالموتى لا يخيفون».

تشرين


أخبار ذات صلة

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

إشراف.. الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

المايسترو ميساك باغبودريان:

المايسترو ميساك باغبودريان:

من المحزن عدم وجود أي برنامج يتحدث عن الموسيقا في قنواتنا التلفزيونية