بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

المشروع الاستيطاني “الإسرائيلي”.. إلى متى؟

السبت 16-09-2017 - نشر 7 سنة - 5599 قراءة

“لكل إنسان الحق في أن يعيش في وطنه، ولا يجوز أن يقتلعه أحدٌ منها..”

كانت هذه كلمات رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، في خطابه خلال احتفال للكنيست بمناسبة مرور 50 عاماً على الاحتلال العسكري “الإسرائيلي” للأراضي الفلسطينية، والتي تعهد فيها بتعزيز “المشروع الاستيطاني الإسرائيلي”.

إلا إن الحق الذي أشار إليه “نتنياهو” في خطابه لا ينطبق، فيما يبدو، على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

فقيام “إسرائيل” بشكل غير مشروع ببناء وتوسيع المستوطنات، وما يتصل بها من مرافق البنية الأساسية، على الأراضي الفلسطينية هو أحد السمات المميِّزة للاحتلال “الإسرائيلي”، وقد أسهم في وقوع انتهاكات واسعة النطاق ضد الفلسطينيين على مدى العقود الخمسة الماضية.

فقد هُدمت عشرات الألوف من منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، مما أدى إلى تشريد مجتمعات بأكملها من ديارها، كما استولت “إسرائيل” على ما لا يقل عن 100 ألف هكتار من الأراضي لأغراض المشروع الاستيطاني “الإسرائيلي”، بما في ذلك أغراض البناء والزراعة.

وتُعد المستوطنات “الإسرائيلية” على الأراضي الفلسطنية المحتلة بمثابة جرائم حرب بموجب القانون الدولي، بل إنها فضلاً عن ذلك تنتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي ترتِّب مسؤوليات إضافية على جميع الدول.

ومع ذلك، فقد دأبت “إسرائيل” على مدى عقود على تحدي القانون الدولي باستمرارها في توسيع مستوطناتها دون هوادة.

حيث تعتبر المستوطنات “الإسرائيلية” ركناً أساسياً من أركان سياسة التهويد التي ينتهجها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فعقب احتلالها للضفة الغربية (بما فيها القدس)، وقطاع غزة في العام 1967م، باشرت “إسرائيل” بفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض، تمثلت أولاً ببناء المستوطنات في محافظات الضفة الغربية وفي محافظة القدس بشكل خاص، لتعزيز السيطرة “الإسرائيلية” على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إن “الحكومات الإسرائيلية” على اختلاف انتماءاتها السياسية شجعت بناء وتوسيع المستوطنات، التي أقيمت وتوسعت على حساب الأراضي الفلسطينية والتي تمت مصادرتها بذرائع وحجج مختلفة.

ففي معظم الحالات تمّت مصادرة الأراضي التي بُنيت عليها المستوطنات من قبل “الإسرائيليين” من دون أن يحصل المالكون الأصليون على أية تعويضات (في إحدى المراحل عرض “الإسرائيليون” تعويضات على الفلسطينيين عن مصادرة أراضيهم، لكن ليس واضحاً مدى كفاية هذه التعويضات. رفض الفلسطينيون هذا العرض لأنه سيعتبر قراراً منهم باستيطان أراضيهم، ثم توقّف “الإسرائيليون” عن تقديم التعويضات)، شمل بناء المستوطنات في كثير من الحالات مصادرة وتدمير الأراضي الزراعية مثل بساتين الزيتون التي اعتمد عليها أصحابها لكسب عيشهم، كما تم تلويث موارد المياه لتلبية حاجات المستوطنات، وكذلك شجّعت “الحكومات الإسرائيلية” المتعاقبة بناء المستوطنات من خلال العديد من الحوافز الاقتصادية.

واستمرت الاعتداءات المتكررة للمستوطنين “الإسرائيليين” القاطنين في المستوطنات “الإسرائيلية” القريبة من القرى الفلسطينية، حيث يقوم المستوطنون بمصادرة الأراضي الفلسطينية القريبة من المستوطنات ومنع أصحابها من الوصول إليها، ووضع أسلاك شائكة حولها وزراعتها بالأشجار المثمرة، في خطوة من شأنها تعزيز وجودهم غير الشرعي في هذه المستوطنات.

إنّ التسارع في وتيرة النشاط الاستيطاني “الإسرائيلي” غير القانوني في المستوطنات “الإسرائيلية” بالضفة الغربية المحتلة، هو خطوة خطيرة نحو فرض واقع مؤلم على الأرض الفلسطينية، وحلقة من مسلسل الاستخفاف “الإسرائيلي” بقرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 446 عام 1979م، والذي أقر بأن السياسات والإجراءات “الإسرائيلية” المتعلقة بإقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأراض عربية أخرى محتلة منذ 1967م، لا تستند إلى أي أساس قانوني وتشكّل عائقاً خطيراً تجاه عملية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، كذلك قرار مجلس الأمن رقم 452 (عام 1979م) والذي يدعو “إسرائيل”، على وجه السرعة، إلى وقف إنشاء وتشييد وتخطيط المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ 1967م، بما في ذلك القدس، وقرار مجلس الأمن رقم 465 عام 1980م، الذي طالب “إسرائيل” بوقف الاستيطان والامتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة منذ ذلك الحين، وطالب أيضاً الدول الأعضاء بعدم مساعدة “إسرائيل” في بناء المستوطنات. ويتضح لنا أن ليس هناك أي دليل على أن الاحتلال “الإسرائيلي” لديه نية لوقف النشاطات الاستيطانية في المستوطنات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية، أو حتى إبطاء البناء فيها، كما ازداد عدد المستوطنين “الإسرائيليين” الذين يعيشون بصورة غير قانونية في المستوطنات “الإسرائيلية” على الأراضي الفلسطينية المحتلة. علاوة على ذلك، فقد تسارعت وتيرة تشييد بنى تحتية للمستوطنات، مثل شق الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات “الإسرائيلية” بعضها ببعض، الأمر الذي يفصل ويعزل التجمعات الفلسطينية عن بعضها، ويُقيّد النمو الطبيعي للمدن والبلدات الفلسطينية، ويحد من إمكانية الوصول إلى موارد المياه والزراعة، ويعيق النمو الاقتصادي.


أخبار ذات صلة