الليتر بـ300 ليرة.. والمازوت رسمي !!
تمكنت أزمة المياه الأخيرة، من انتزاع صدارة الاهتمام المحلي، بعد أن كانت تحتله أزمات الغاز والمازوت والكهرباء لعدة فصول متتالية، إلا أن بروز أزمة جديدة، لم يلغ أي مما سبقها، فلا تزال أزمة المازوت مؤرقةً للجميع في الفصل البارد، الذي بات يدفع للكآبة لكثرة نفقاته وأزماته..
دفا المازوت ارتفع من 36 ألف-200 ألف ليرة
ومع ارتفاع سعر المازوت الأخير إلى 180 ليرة/ ليتر، ارتفع هَمّه المادي أولاً، ليصل إلى 36 ألف ليرة (مساوٍ أو أعلى من راتب شهر عمل كامل) كحد أدنى ثمن 200 ليتر، لكن هذه القيمة ليست واقعية في معظم الحالات، لأن كثيراً من العائلات قد لا تحصل على مخصصاتها من مازوت التدفئة خلال فصل الشتاء، بسبب طول فترة الانتظار على الدور الذي يتم تسجيله في المراكز الحكومية مع بدء فترة التسجيل، وبالتالي تضطر لتأمين المادة من مصادر أخرى حتماً بسعر أعلى إن لم يكن مضاعفاً.
وليست العائلات التي تحصل على المادة بداية الفصل البارد، أو في منتصفه، في حال لا تحسد عليه، لأن الكميات المخصصة بالسعر الرسمي لا تكفي على الإطلاق إلا لشهر واحد، أو نحو ذلك في حال استخدام المازوت بتقنين، في حين تقدر الحاجة الحقيقية من المادة بما لا يقل عن 600 ليتر وتصل إلى ألف ليتر في المناطق شديدة البرودة، وبالتالي ستكون الأسر كافة، مضطرة لشراء المادة من السوق السوداء، ما يرتب مزيداً من النفقات عليها ( بين 120 ألف -200 ألف ليرة في حال شراء الليتر بسعر 200 ليرة فقط).
بتعرف حدا؟
وتشوب عملية الحصول على المازوت عبر مراكز التسجيل الرسمية كثيراً من الفساد والمحسوبيات، التي تلعب دوراً في تقديم أو تأخير موعد التعبئة، حيث قد يأتي موعد التعبئة في فصل الصيف، ويكون «يلي ضرب ضرب ويلي هرب هرب» وليس هناك حاجة ملحة للشراء ما قد يدفع الأسر، وبسبب ضيق الحال، إلى رفض استلام مخصصاتها، لتعود مع قدوم الشتاء إلى ذات الدوامة والمعاناة مع البرد..
وفي الوقت ذاته، نجد ان المازوت يتوفر في «سوق سوداء» وبسعر يصل إلى 300 ليرة/ ليتر، الأمر الذي يثير التساؤل عن كيفية وصول المادة لأولئك التجار، ويكشف حتماً فساد العاملين في هذا المجال وعدم القدرة على ضبطهم أو محاسبتهم وربما عدة وجود رغبة حقيقية بذلك !.
أعضاء «المافيا» هم..
ويأتي موزعو المازوت على رأس المتهمين بتهريب المادة للسوق السوداء، نظراً لوجود عدة طرق يتمكنون من خلالها من اختلاس كميات من المازوت بحكم عملهم، حيث يتم ذلك عبر التلاعب بالعدادات المركبة على الصهاريج أو تركيب خراطيم ضخ بأقطار كبيرة وإلغاء صمام عدم الرجوع أو بإضافة المياه.
وفي حالات عدم استلام الأسرة المستحقة للكمية المخصصة لها، بسبب عدم توفر السيولة النقدية، يتولى الموزع شحنها إلى السوق السوداء، ناهيك عن التلاعب بعدادات المضخات، وتقاضي السعر الزائد، كنفقات نقل بحجة بعد المسافة، وصولاً إلى شراء الموزعين للمادة من بعضهم البعض، حتى ضمن مستودعات المحروقات.
وتتألف شبكات تهريب المازوت، من عمال بعض مستودعات شركة “محروقات” بداية، وسيارات التوزيع المعتمدة من قبلها، فهي التي تقوم بتهريب المادة وتحويلها إلى تجارة رائجة في السوق السوداء.
الطلبات في وادٍ والتوزيع في وادٍ آخر!
في النهاية ورغم حلول العام الجديد، وشهر كانون الثاني، والدخول في أكثر فترات الشتاء قساوة (الأربعينية) إلا أن المادة لا زالت بعيدة المنال عن كثير من السوريين، حيث تظهر الأرقام الصادرة عن إدارة «محروقات»: أن إجمالي كميات مادة المازوت الموزعة في سورية لغرض التدفئة، منذ الأول من آب وحتى منتصف كانون الأول 2016، بلغت 126،463،307 ليتر وعدد الأسر المستفيدة 1،022،317 أسرة بمعدل توزيع من 50 إلى 200 ليتر لكل أسرة حسب المحافظة، وكانت أكبر كمية موزعة في مدينة دمشق، وبلغت23،2 مليون ليتر موزعة على 116،1 ألف أسرة.
وفي مفارقة ثانية، يبلغ عدد الطلبات التي تسلم للمحافظات في الأسبوع الواحد 1468 طلباً، بكمية تبلغ حوالي 32،2 مليون ليتر، بينما الكميات التي توزع في الأسبوع الواحد تصل إلى 9،33 مليون ليتر فقط، توزع على 77 ألف أسرة!!..
وليبقى الواقع هو الحاسم بأمر هذه الأرقام المعلنة، حيث ما زالت المعاناة المستمرة هي الفيصل والحكم لدى المواطن البردان والباحث عن الدفء ولا يجده!.
"قاسيون"