هدية من بوتين تثير خلافا بين "فقراء" أوروبا
ردت وزارة الخارجية الرومانية بشدة على تصريحات أدلى بهارئيس مولدوفا الجديد خلال أول زيارة خارجية له إلى موسكو.
حتى البحر الأسود لم يعد جارا لرومانيا!
وجاءت تصريحات الرئيس المولدوفي إيغور دودون حول حدود "مولدافيا الكبيرة" والتي كانت تضم أراضي تتبع حاليا لرومانيا وأوكرانيا، بعد أن أهداه نظيره الروسي فلاديمير بوتين خريطة لـ"إمارة مولدافيا" تعود إلى القرن الثامن عشر.
وقال دودون بعد أن شكر بوتين على الهدية: "اليوم يسألني العديد من الصحفيين الرومانيين، لماذا تقول إن رومانيا سيئة. لكن روسيا القيصرية أقدمت على خطوة سيئة أيضا، عندما تسرعت بالتوقيع على اتفاقية بوخارست للسلام عام 1812، ورسمت فيها الحدود على نهر برت. ولو رسموا الحدود وفق حدود مولدوفا التاريخية، لكانت بلادنا اليوم موحدة الأراضي".
وفي تصريحات صحفية، نشرت الخميس 19 يناير/كانون الثاني، وصفت وزارة الخارجية الرومانية تصريحات دودون بأنها "غير مناسبة ولا تتوافق مع العلاقات السياسية الحالية، لا سيما بين رومانيا ومولدوفا".
وفي الوقت نفسه، أكدت لوزارة أن "التعزيز المستدام للعلاقات مع مولدافيا، والدعم الثابت للجهود الرامية للتقارب مع الاتحاد الأوروبي في إطار الشراكة الاستراتيجية الثنائية من أجل التكامل الأوروبي، تبقى من أولويات السياسية الخارجية لرومانيا".
وتجدر الإشارة إلى أن نتائج زيارة دودون إلى موسكو، الثلاثاء 17 يناير/كانون الثاني، أكدت أسوأ التوقعات، للأحزاب المولدوفية الموالية للغرب، وللقوميين الرومانيين الذين يدعون إلى توحيد رومانيا ومولدوفا. وكانت هذه المساعي للقوميين المولدوفيين والرومانيين، بعد استقلال مولدافيا عن الاتحاد السوفيتي، السبب الرئيسي وراء نشوب النزاع المسلح في إقليم ترانسنيستريا وأغلبية سكانه من الروس. لكن المبادرات الخاصة بـ"ابتلاع" رومانيا لمولدوفا، اصطدمت بالوضع الاقتصادي الصعب الذي واجهه كلا البلدين، على الرغم من حصول رومانيا على العضوية في الاتحاد الأوروبي عام 2007.
يذكر أن ترانسنيستريا التي تقع أراضيها على ضفتي نهر الدنيبر، أعلنت استقلالها عن مولدوفا عام 1990. وجاء انفصالها نهائيا بعد النزاع المسلح بينهما عام 1992. ولم تعترف مولدوفا بانفصال هذا الإقليم، وتعتبره جزءا لا يتجزأ من أراضيها. ويسير حوار حول تسوية الأزمة ببطء.
وكان من أهم نتائج زيارة دودون إلى روسيا، اتفاقه مع بوتين على اتخاذ حزمة إجراءات عملية ترمي إلى تحسين الظروف المعيشية لسكان الإقليم المنشق، تمهيدا لإعادة تكامله مع باقي أراضي مولدوفا. وأكد الرئيس في الوقت نفسه ضرورة إطلاق عملية تسوية سياسية للنزاع.
وإذا بدأت عملية التسوية السياسية الفعلية لقضية ترانسنيستريا فسيشكل ذلك المسمار الأخير في تابوت حلم الوحدة الرومانية المولدوفية. ولا شك في أن تسوية النزاع مستحيل بلا دور موسكو المحوري، وبلا استعادة التعاون الحقيقي بين موسكو وكيشيناو.
وتأتي هذه التطورات في النهج السياسي لمولدوفا، بعد أن بقيت البلاد لسنوات في المعسكر الغربي، وهي تحاول الحصول على آفاق العضوية في الاتحاد الأوروبي.
لكن توقيع البلاد على اتفاقية الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي وإعفاء المولدوفيين من تأشيرات الدخول إلى أراضي الاتحاد، لم يغير شيئا عمليا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بالنسبة للسكان.
ومع تنامي خيبة آمال السكان من الاتحاد الأوروبي، أصبحت مواقف القوى السياسية الداعية لإعادة تكامل مع روسيا اقتصاديا، أكثر قوة، وهو ما سمح لها في نهاية لمطاف بالفوز في الانتخابات الرئاسية.
فلاديمير بوتين وإيغور دودون
وكان دودون، الزعيم السابق لحزب الاشتراكيين، لم يستبعد، بعد مباحثاته مع بوتين، الثلاثاء، إلغاء مولدوفا لاتفاقية الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في أواخر عام 2018. وينوي حزب الاشتراكيين وحلفاؤه التخلي عن هدف التكامل مع الاتحاد الأوروبي، والانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
وكانت شركة " Stratfor" الأمريكية الاستطلاعية الخاصة قد توقعت في تقرير حول تنبؤاتها لعام 2017، توسع دائرة النفوذ الروسي في أوروبا، مشيرة إلى احتمال عودة أوكرانيا إلى هذه الدائرة قريبا، مثل مولدوفا. ومن العوامل التي ستعزز نفوذ موسكو، أشارت الشركة إلى انشغال الاتحاد الأوروبي بالقضايا الداخلية، ولا سيما "بريكسيت"، بالإضافة إلى التغير المتوقع لسياسة الولايات المتحدة بعد تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم. وسبق لترامب، أن تعهد بالتركيز على حل مشاكل أمريكا الداخلية، وجعل حلفاء واشنطن الضعفاء في أوروبا دفع شيء ما مقابل المساعدات العسكرية الأمريكية أو قطع تلك المساعدات عنهم.
ويشكك محللو " Stratfor" في فرص أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا في مواصلة عملية التكامل مع الاتحاد الأوروبي في العام المقبل. واعتبروا أن ذلك سيدفع بالدول الثلاث إلى بناء علاقات براغماتية بقدر أكبر مع موسكو.
وكالات