كميات من الخبز تهدر يومياً كعلف.. وللباعة حصّة جيدة من سوقه السوداء.. هدر وضياعات و ” بزنس” تحت عباءة المواطن؟!
ما إن تمر بجانب أحد الأفران في دمشق وريفها حتى يهرول باتجاهك الكثير من بائعي الخبز، يتدافعون فيما بينهم متوقعين الظفر بزبون “دسم” يدفع لهم أكثر مما يطلبون، مع أنهم يطلبون مبالغ تتجاوز خمسة أو ستة آلاف ليرة للربطة الواحدة وأحياناً أكثر حسب المنطقة.. زبون قد لا يمكّنه وقته من الانتظار على الأفران، أو أنه لا يفضل تلك ” الوقفة” كالعامّة، أو ربما يحظى هؤلاء الباعة بصاحب بطاقة غير”مدعومة” قد لا يجد الفرق كبيراً إذا ما دفع لهم زيادة على سعر الربطة بدل انتظاره فترة قد تطول على نافذة الفرن، فيريح “رأسه” بأن يشتريها من الباعة ” عالماشي”.
لا يحتاجون إلا قسماً من مخصصاتهم
(أم زينب) تخرج من منزلها صباحاً متجهة إلى الفرن الكائن في منطقتها ولا تعود إلا في المساء، وتبقى مستمرة في بيع الخبز للمواطنين طوال النهار, لدى سؤالها من أين تأتي بهذه الكميات من الخبز لتبيعها، رغم أن الخبز على البطاقة الإلكترونية حصراً، أجابت بأن البعض يتركون معها بطاقاتهم بشكل دائم، وحين يحتاجون للخبز يطلبون منها إحضار حاجتهم فقط إلى منازلهم، وذلك يتم بناء على اتفاق مسبق بين الطرفين بألا “تقطعهم”وقت الحاجة، فيما تتربّح هي ببقية مخصصاتهم بقية الأيام.. ولا يغيب عن الذهن أن بعض العائلات قد لا تحتاج من مخصصاتها إلا ربطتين أسبوعياً، لأن عدداً من أفرادها ربما يكونون مسافرين أو في محافظات أخرى بسبب العمل أو الدراسة.. وطبعاً لكونهم لم ينتظروا ساعات على الفرن وقد قدمت لهم الخدمة إلى باب منازلهم، فإن إكرامية البائعة محفوظة لديهم، فأحياناً يحاسبونها بسعر ألفي أو ثلاثة آلاف ليرة للربطة الواحدة وربما أكثر حسب ما يرون أنها تستحق.
وأكدت أن ما جمعته وتجمعه من بيع مخصصات تلك البطاقات على مدى سنوات والأرباح الكبيرة قياساً بعدد البطاقات التي بحوزتها، مكّنها من شراء منزل صغير من دون إكساء، وهي مستمرة في عملها إلى أن تتمكن من إكسائه.
بطاقات الأقارب والجيران
(أم رامي) بائعة، تبيع الخبز أمام فرن في منطقة أخرى من ريف دمشق، ذكرت أنها تحصل على مخصصات بعض أقاربها، وحين لا يحتاج جيرانها إلى مخصصاتهم أحياناً، فإنها تجمع بطاقاتهم وتحصل على الخبز “لتتنفّع” به، فهذه الطريقة تجعلها تؤمّن مصروف أسرتها، لأن زوجها عاطل عن العمل ويدفعها هي لكسب لقمة أولادهما .
تسهيلات مشبوهة
في منطقة أخرى بدمشق، ينتشر الباعة بين وسائط النقل بكثافة ويفترشون الخبز على السيارات المتوقفة في الشوارع الفرعية بجانب الفرن، وحين تقترب من نافذة الفرن ترى بأمّ العين أن العامل فيه أعطى الأولوية على إحدى النوافذ للبائعات، وبات يعرف بالضبط من أخذت أكثر مما اعتادت عليه، لينادي على أخرى غيرها وتحصل كسابقتها على كمياتها.
نقطة مراقبة
يؤكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق نائل اسمندر لـ”تشرين” أنه تتم معالجة هذا الموضوع من خلال نقطة مراقبة تراقب مدخولات الأفران من الدقيق التي يجب أن تكون مخرّجة خبزاً بالكميات نفسها وأي فرن لا يخرج كمية المدخولات يتم اتخاذ إجراءات بحقه.
وعن الإحصائيات في 2023 تم تنظيم 900 ضبط فقط فيما يتعلق بالمعتمدين، تتعلق بالتلاعب بمنظومة البطاقة الذكية، ولغير المعتمدين تم تنظيم حوالي 600 ضبط تتعلق بالمخابز، جزء منها سوء صناعة، وجزء آخر بيع خارج البطاقة ونقص الوزن والتصرف بالدقيق، كما تم ضبط 180 طناً من الخبز العلفي، إضافة إلى حوالي 60 طن دقيق تمويني و50 طن قمح، وطبعاً هذه الضبوط كلّها تحوّل إلى القضاء.
تشرين