أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق : المشهد الاقتصادي للعام القادم مرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية
صاحبةالجلالة _ متابعة
يودع السوريون عام 2023، بأزمات اقتصادية حادة هي الأشد مقارنة بالسنوات السابقة، ويتشاركون المعاناة بتبعاتها المتمثلة بارتفاع أسعار السلع والخدمات عامة، وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية بين أسباب تقلص حجم الاقتصاد السوري، بأنها عائدة لانخفاض وقلة القطع الأجنبي (وانخفاض العرض منه) مقارنةً مع ضعف المخزون وانخفاض حجم الإيرادات منه، وذلك نتيجة التضخم بأنواعه، أما آثارها فقد تمثلت بضعف التصدير نتيجة(ضعف الإنتاج، ضعف القدرة التصديرية، انخفاض القدرة التنافسية الخارجية بسبب ارتفاع تكلفته وأسعار المنتجات التصديرية..الخ).
وأضاف فضلية: تفاقمت هذه الحالة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تفاقم الأسباب التي أدت إلى نشوئها، أضف إلى ذلك ضعف الاستثمار الأجنبي، انخفاض مبالغ وأحجام الحوالات والتحويلات العائلية وغير العائلية الواردة إلى القطر من القطع الأجنبي لأسباب عديدة متباينة ومختلفة.
وأشار فضلية إلى أن كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى تقلص حجم الاقتصاد السوري وضاقت السوق السورية، ومن أهم الآثار السلبية لما ورد أعلاه، تمثل بعض منها في هجرة شريحة عريضة من السوريين نحو الخارج للعديد من الأسباب، ومنها الخوف والهرب من الأعمال الإرهابية في بعض المناطق، وضيق سبل العمل وصعوبة تأمين مصادر الدخل والاحتياجات المعيشية، الأمر الذي أدى كمحصلة إلى تراجع نسب النمو الاقتصادي السنوي من (6 إلى 7%) بالمتوسط خلال فترة ما قبل الحرب، إلى معدلات نمو أقل بكثير خلال معظم فترة وسنوات الحرب، بل بنسب نمو سلبية أحياناً، والتي تُقاس بنسبة نمو (الناتج المحلي الإجمالي)، المتمثل بمجموع وإجمالي (ما يتم تحقيقه وتحصيله من) الرواتب والأجور والريوع الصافية (الناتجة عن استثمار واستغلال الأراضي والموارد الطبيعية)، زائداً (فوائد رأس المال بكافة أشكاله) و(الأرباح) التي يجنيها الأفراد وأصحاب الأنشطة الاقتصادية سنوياً مضافاً إلى كل ذلك ما يصب في الخزينة العامة للدولة من ضرائب ورسوم على هذه الدخول المذكورة أعلاه، والفوائض والموارد الصافية الأخرى التي تحصل عليها الدولة (كالمعونات المالية على سبيل المثال).
وحول التوقعات المستقبلية لتوجه الحال الاقتصادية والمعيشية في سورية، أكد فضلية أنها إيجابية (نظرياً)، بحسب الحراك الحكومي التشريعي الحالي والتخطيطي والإجرائي متوسط وبعيد المدى، الذي بدأنا نلمسه بصورة مكثفة ومتواترة منذ حوالي سنة تقريباً، متمثلاً خصوصاً بالقوانين والمراسيم الرئاسية الإيجابية والجريئة مستجدة الرؤى التطويرية ذات الصلة.
أما (عملياً) وبالنسبة لظروف الواقع، وفيما إذا كانت ستساعد على تحقيق ذلك أم لا، فالأمر يتعلق بصورة مباشرة بسيرورة التطورات والأحداث العسكرية الحربية والسياسية والاقتصادية العالمية والإقليمية المحيطة ويتعلق كذلك، بل وخصوصاً وهو الأهم، بإنهاء وتسوية الملف السوري الداخلي تسوية عادلة تتسق مع رؤية القيادة السياسية لما يجب أن تكون عليه سورية (دولةً) و(اقتصاداً) و(شعباً)، الأمر الذي يتعلق بدوره (بل والمشروط) بتغيير بعض المواقف الدولية والاقليمية لبعض الدول تجاه قطرنا، ليتحول بجرأة وعدالة من سلبي تخريبي إلى إيجابي حيادي متوازن.
.
غلوبال