البضائع موجودة والناس تتفرج
لعل التعبير الأكثر دقة هو ما قاله أحد المعنيين بحماية المستهلك أن البضائع موجودة في الأسواق والناس تتفرج وذلك مع اقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، إذ كيف يستطيع موظف أن يشتري شجرة عيد الميلاد بمبلغ يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة ملايين ليرة، أو يشتري كيلو لحمة مشوية بمئتين وخمسين ألف ليرة، وهذا المبلغ يعادل راتب شهر كامل يضاف الى ذلك فإن سهرة الأسرة المكونة من أربعة أشخاص في البيت تحتاج إلى مسبحة ومتبل وتبولة وفتوش وموالح وحباشات متنوعة لتصل تكاليف السهرة إلى مليون ليرة، في وقت لم يستطع الكثير من الموظفين أن يشتروا تنكة زيت زيتون لأسرتهم والتي بلغ سعرها حوالي مليون وربع المليون ليرة مع توقعات بارتفاع السعر بعد صدور الموافقة بتصدير زيت الزيتون المفلتر والمعبأ بعبوات صغيرة تصل في حدها الأعلى إلى خمسة ليترات.
لكن وهل هنالك ضرورة لمثل هذه السهرة وما يرافقها من بعزقة مالية قد تحرم الأسرة من الحصول على الضروريات لعدة أشهر، وبالتالي فإن العقلاء الذين لاحول لهم ولا قوة عليهم بالاكتفاء بإقامة الشعائر الدينية والوجدانية وتبادل التهاني عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
المشكلة أن الشعب السوري وبسبب البحبوحة التي كان يعيشها قبل الحرب الكونية على بلده، وعندما كان الحد الأدنى للراتب يعادل المئتي دولار قد تعود على أحياء كل المناسبات بما يليق بها حتى وإن لم تتوافر السيولة حينها يستقرض من الزملاء أو من اللحام و”الخضرجي“ والبقال ويسدد المبلغ في نهاية الشهر بجزء من الراتب.
ولكن هذا لم يعد متاحاً الآن وخرجت العديد من المأكولات عن مائدته بسبب غلائها وضيق ذات اليد، وهذه السهرات الاحتفالية باتت تقتصر على ميسوري الحال وبات الموظف يردد أغنية مطربة البادية سميرة توفيق (لاباكل ولابشرب بس بتطلع بعيوني)، ومع أن العين مغرفة الكلام فإن مغرفة الطعام تحتاج إلى طناجر وقدور تغلي وتطهو بما لذ وطاب في رأس السنة أو في المناسبات على الأقل.
ونظراً لأن اليد قصيرة والعين بصيرة ولكي لانصيب المحتفلين برأس السنة بالعين، نأمل منهم ألا يفتحوا جبهة يلعلع بها الرصاص وتسقط مقذوفاته الخطرة على رؤوس البشر، وفي كثير من الأحيان تؤدي تلك المقاذيف الطائشة إلى تحويل رأس السنة لكابوس يحوله الرصاص الساقط إلى مأتم، حيث يفقد العديد من الأبرياء حياتهم نتيجة هذا التهور والطيش في إطلاق العيارات النارية في كل عام، نأمل أن تتم معالجة هذه الظاهرة القاتلة بالتوعية أولاً وبالقانون والعقاب للمرتكبين ثانياً.
وأخيراً نقول لكل من لم يستطع أن يشتري شجرة عيد الميلاد ولن يستطيع إحياء رأس السنة بما لذ وطاب، إلزم بيتك وابتعد عن النوافذ واطلب من الله أن يحميك ويحمي أسرتك من طيش المحتفلين ورصاصهم الطائش وكل عام وأنتم بخير.
غلوبال