الأكلات الشعبية للأكابر فقط!
تتوالى البشائر غير السارة عن الأسعار التي “تنط” يومياً لتسجل أرقاماً قياسية جديدة مع تأكيدات من مصادر مجلس الشعب الذين ناقشوا الموازنة العامة للدولة بأن الموازنة ذات الأرقام الفلكية لاتتضمن بنداً يتعلق بزيادة الرواتب والأجور التي تنخفض قيمتها الشرائية بشكل مستمر، مع فقدان الأمل بأن يتوقف هذا النزيف الذي لم يبق على مدخرات الأسر التي كانت تعمل بالمثل القائل “خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود”، فيما تعاني غالبية الأسر من قلة مزمنة للقروش بمختلف ألوانها.
في الأسبوع الماضي تم رفع أسعار الأدوية بنسبة تصل إلى مئة بالمئة لبعض الأصناف، ما دفع المرضى لزراعة الأمل بالطب الشعبي والعلاج بالأعشاب حتى ولو لم تنفع لأن “العين بصيرة واليد قيصرة”.
وقبل أن ينسى الناس غلاء الأدوية وحليب الأطفال ورفع سعر البنزين المدعوم، تلقت خبر دراسة لرفع أسعار المأكولات التي كانت تسمى قبل سنوات مأكولات شعبية، وفي تلك الدراسة التي سوف يتم إقرارها عاجلاً أم آجلاً يتضاعف سعر قرص الفلافل من 250 إلى خمسمئة ليرة، وسندويشة الفلافل من خمسة آلاف إلى سبعة آلاف ليرة، وربما تصل إلى عشرة آلاف إذا كانت مدعومة وتكفي كوجبة لمن يتضور جوعاً دون أن ننسى تناول كأس من العيران بألفي ليرة.
ولم تترك الدراسة من شرور رفع الأسعار الحمص المسلوق والفول المسلوق والمسبحة، وبما ينصف أصحاب المطاعم الذين يشترون مشتقات النفط من أسواق متعددة الألوان.
ويبرر معدو الدراسة ضرورة رفع الأسعار بديمومة الخدمة التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تكاليف المواد الأولية وحوامل الطاقة وأجور المحلات والعمال مع هامش ربح يعتقدون بأنه ضروري لأنه لا أحد يعمل في مصلحة غير مربحة.
فهل تخرج الفلافل من تصنيف الأكلات الشعبية، وهل يستطيع العامل الذي تتراوح أجوره اليومية بين سبعة إلى عشرة آلاف ليرة أن يأكل سندويشة فلافل مع كأس عيران يومياً؟.
قبل أسابيع قال أحد أعضاء مجلس الشعب إنه متأكد بأن هناك أسراً لاتستطيع أن تأكل سوى وجبة واحدة في اليوم، وربما سيقول بعد إقرار التسعيرة الجديدة للأكلات الشعبية بأن شخصاً واحداً من تلك الأسر يمكن أن يأكل وجبة واحدة في اليوم فيما ينتظر الآخرون دورهم بعد أربعة أيام بشرط ألا تزيد الوجبة على سندويشة فلافل.
إن الحرب الإرهابية التي تعرضت لها البلد قاسية يضاف إليها سرقة أمريكا لمواردنا النفطية والغذائية هذه حقيقة يعرفها الجميع، لكن يجب أن يتم وضع حلول تنقذ شرائح واسعة من الجوع بسبب انخفاض الدخل وسرعة تحريك الأسعار لصالح المستثمرين على اختلاف مستوياتهم، حيث لم تترك الظروف بدائل غذائية يمكن التوجه نحوها، وبات الأمل الوحيد لدى أصحاب الرواتب أن تتحسن دخولهم لتستطيع الأسر الحصول على الحد الأدنى من الوجبات الغذائية، وعندها سيصرفون النظر عن الأكلات الشعبية التي باتت حكراً على ذوي الدخل غير المحدود.
غلوبال