فورة التخفيضات تملأ المحال التجارية مع انتهاء المواسم..مستهلكون ينتصرون على الأسعار وخبراء يعدّونها وسيلة خداع وتسعيراً نفسياً
مع انخفاض درجات الحرارة سارعت أغلب المحال التجارية المتخصصة ببيع الألبسة بمختلف أنواعها إلى عرض الألبسة الشتوية وبأسعار تكاد تكون خيالية، بالمقابل أعلنت، حسب زعمها، عن تخفيضات على الألبسة الصيفية، لكن من يتابع حركة السوق والأسعار بشكل دائم يعلم أن التخفيضات التي أعلن عنها هي مجرد كذبة ووهم الغرض منه التدليس على الزبائن وبيعهم المنتجات بأسعار عالية بحجة وجود تخفيضات، لكنّ هناك عاملاً نفسياً يلعب عليه التجار وهو ما يعرف بالتسعير النفسي.
تخفيضات 25%
وخلال استطلاع أجرينا في عدد من الأسواق الشعبية والمراكز التجارية الكبيرة أشار عدد من المواطنين إلى أن التخفيضات هي وهم، حيث تشير المواطنة (وصال) إلى أن بعض الباعة يعمدون إلى رفع الأسعار لأي قطعة ثم شطب السعر القديم ووضع سعر أقل بقليل لإيهام الزبائن بأنه تم تخفيض الأسعار بنسبة تراوح بين 25% و 50%.
خبير تسويق: يتم استخدام استراتيجيات سيكولوجية بإضافة قيمة للمنتج سواء كانت هذه القيمة متعلقة بامتلاك جودة أكبر أم بشرائه بسعر أقل
في حين ترى المواطنة مديحة صالح أن هناك تخفيضات على ألبسة عفا عليها الزمن لوجودها في المستودعات لعدة سنوات ولم تُبع فيتم عرضها بأسعار مخفضة. بينا تشير (عبير) إلى أن التخفيضات في المراكز التجارية الكبيرة تكون حقيقية إلى حد ما، لكن الأسعار مرتفعة جداً، فالقطعة التي كانت تباع 400 ألف تباع بـ300 ألف مع نهاية موسمها.
ولفتت (حلا) إلى أن التخفيضات هي أساساً أسلوب جذب لخداع المستهلكين الراغبين بالشراء في موسم التخفيضات لكونه يحقق راحة نفسية للمواطن بأنه حصل على منتجات جيدة وبأسعار مخفضة.
التلاعب بالمشاعر
ويشير خبير التسويق في إحدى الشركات الخاصة بإنتاج الملابس محمود القدة إلى أن التسعير النفسي هو إحدى استراتيجيات التسويق الفاعلة التي يتم فيها استخدام المشاعر والمحفزات النفسية كعنصر من عناصر عملية التسويق الناجحة، بحيث يتم استخدام استراتيجيات سيكولوجية بإضافة قيمة للمنتج سواء كانت هذه القيمة متعلقة بامتلاك جودة أكبر أم بشرائه بسعر أقل من خلال الإعلان عن التخفيضات على سبيل المثال.
ولفت القدة إلى أن استراتيجيات التسعير النفسي تعمل مفعول السحر على العميل أو الزبون ولاسيما في مواسم التخفيضات أم العروض الحصرية، إذ يتوهم العميل بأنه حقق انتصاراً على أرض الواقع بشراء منتج بسعر يخالف سعره الحقيقي أو تمكّن من الفوز بصفقة عادلة حصل فيها على منتجات بأسعار مخفضة .
التسعير النفسي
وأضاف القدة: يظهر التسعير النفسي بقوة في ممارستنا اليومية بشكل غير واع، وذلك عندما تجد نفسك تميل بشكل لا إرادي إلى شراء المنتجات ذات القيمة السعرية الأقل كـ9.99 أو عند شرائك الحجم الأكبر من المنتجات ذات الثلاثة أحجام المتقاربة في السعر، أو شراء المنتج بعد الخصم حتى لو كان قليلاً، أو التبضع عبر الـ«أون لاين» لأن الشحن مجاني على هذه المنصة، كل هذه الأفعال التي تجعلنا نستغرق في العملية التسويقية من دون وعي، هي في الأساس جزء لا يتجزأ من التسعير النفسي، وهي ممارسات قام العلماء بدراستها بدقة على مدار العقود، ومكنتهم نتائجها من الخروج بتوصيات لعلماء التسويق تساعدهم في مضاعفة مبيعاتهم بكل سهولة ومن دون أي جهد، وتتميز استراتيجيات التسعير النفسي أيضاً بكونها قابلة للقياس والاختبار أيضاً، إذ يمكن للعلامة التجارية أن توفر المنتج ذاته بأسعار مختلفة في أماكن عدة وتقيس نسبة تفاعل الزبائن المستهدفين مع هذه الأسعار المختلفة وما هو أفضل عرض بالنسبة لهم.
التخلص من البضائع الكاسدة
ويعمل التسعير النفسي، حسب القدة، كأنبوب اختبار مصغر لثمن المنتج ذاته، حيث يمكن من خلاله معرفة ميل العملاء إلى المنتج لكن الثمن هو من يعوقهم، أو أن المنتج غير مرغوب فيه حتى بعد تقليل سعره، ولفت إلى أن التسعير النفسي يساعد ولاسيما في أوقات نهاية المواسم على التخلص من البضائع الزائدة على الحاجة وبيعها بسرعة وبأرباح جيدة أيضاً. كما يساعد التسعير النفسي على مضاعفة عملية الشراء ولاسيما عند استخدام العروض التكميلية أو بيع أكثر من منتج بصفقة واحدة عادلة للمشترى. وتساعد استراتيجيات التسعير النفسي أيضاً على منح الزبائن ميزات نفسية حصرية ولاسيما في حالة المنتجات الغالية الثمن، حيث تضيف طابعاً اجتماعياً راقياً إلى صاحبها.
اختصاصية نفسية: الحزن والقلق يضعفان قدرتنا على ضبط النفس، ومن ثم ننزع إلى اتخاذ قرارات غير صائبة، فنلجأ إلى التسوق
وتوضح الاختصاصية النفسية والاجتماعية سوسن السهلي أن الإنسان يلجأ إلى التسوق، وبصورة خاصة النساء، عندما يشعر بالحزن أو الضيق، وفي هذه الحالة يكون التسوق نوعاً من العلاج النفسي يلجأ إليه المرء بدافع من تنظيم مشاعره.
وتضيف السهلي: عندما ينتابنا الحزن أو القلق تضعف قدرتنا على ضبط النفس، ومن ثم ننزع إلى اتخاذ قرارات غير صائبة، فنلجأ إلى التسوق، وتكون فترة التخفيضات فرصة لتحقيق الهدف وهو ما يلعب عليه أغلب التجار في التحريض على الشراء وبأسعار مخفضة ولو كانت وهمية.
تشرين