قرارات ... جعلت سيارات (تنك) رفاهية
إيقاف توريد كثير من السلع والتجهيزات، كما تم ترشيد المستوردات لبعض السلع والمنتجات لهدف واحد وهو الحفاظ على القطع الأجنبي دون أن يحسب أحد حساباً لتأثير ذلك على الإنتاج المحلي وانعكاس ذلك على الأسواق، الأمر الذي أدى لنقص المعروض وارتفاع أسعاره بشكل جنوني لا يمكن كبحه، وهذا هو منطق السوق، وذهب المفسرون إلى تصنيفات للمستوردات بين ما هو رفاهية وما هو حاجة للصناعة المحلية، كما تم منع استيراد بعض المنتجات لحماية الإنتاج المحلي ما دفع ” بالمحميين ” لفرض أسعار تعادل ضعفيها في دول الجوار وبمواصفات متدنية جداً.
السيارات حسب التوصيف الحكومي رفاهية وعلى هذا الأساس تم منع استيرادها إلا لشريحة ضيقه تُبدل سياراتها مع بداية كل عام وتبيعنا سياراتها في مزادات بأسعار فلكية تؤسس لتسعير السوق بشكل كامل.
اعتبار السيارات رفاهية أدى إلى جعل السيارة أحد أهم المدخرات ما جمد كتلة نقدية كبيرة كان يُفترض تداولها في الإنتاج والاستثمار، أيضاً “رفاهية السيارات” أحيا موديلات قديمة جداً ورفعها سعرياً إلى مصاف موديل السنة في دول العالم، وأدت الاعتبارات الحكومية أيضاً إلى توريد قطع سيارات بمبالغ تفوق ما كان سيخصص لتوريد السيارات، وأدى أيضاً لسوق تهريب كبير جداً لقطع السيارات وحرم الخزينة من إيراد مهم كان سيتحقق لو تمّ توريد السيارات بشكل منطقي، وأدى الأمر أيضاً لوقوع عدد كبير من حوادث السير وخسارة الأرواح لقدم السيارات وعدم جاهزيتها الفنية نتيجة ارتفاع تكاليف إصلاحها وفقدانها لأدنى عوامل الأمان، الأمر لم يتوقف هنا، فاستهلاك السيارات من الوقود بسبب قدمها فاقم من أزمة الوقود وكلّف خزينة الدولة مبالغ إضافية لدعم الاستهلاك الزائد من البنزين والمازوت، وليس أخيراً وإن كنا لا نهتم للبيئة فالجميع يعرف أضرار السيارات القديمة على البيئة والصحة التي تكلّف الدولة أرقاماً مرعبة.
ما سبق يفسر سبب ارتفاع سعر السيارات في سورية عدة أضعاف عن بقية دول العالم، ويعبر عن حجم الاستنزاف الكبير للدخل القومي، ويعبر عن الحجم الكارثي للأضرار الناجمة عن القرارات الخاطئة لجهات تقرر منفردة بعيداً عن حسابات القطاعات الأخرى والمصلحة.
الثورة