أكثر من 2.5 مليون سيارة في سورية.. خبير اقتصادي : 50% يستخدمون السيارة للضرورة والباقي للادخار
استغنت (باسمة) عن الذهب الذي تملكه مقابل شراء سيارة نوع (كيا ريو) موديل 2009 كوسيلة للادخار بعدما قررت تشغيل السيارة على أحد برامج طلبات التوصيل الخاصة.
تقول الخمسينية: ورثت من والدتي حوالي 250 غراماً ذهباً ووضعت فوقه القليل من المال بهدف شراء سيارة ولو لم أفعل ذلك لما حصلت عليها، مبررة أن السيارة تدر لها أكثر من مليونين في الشهر الواحد بعدما قررت تشغيلها.
أما (مجد) وهو مهندس معلوماتية فقد حالفه الحظ وقام بشراء سيارة بالتقسيط قبل الحرب يقول لـ”تشرين”: أنا والكثير من أفراد العائلات ذوي الدخل المحدود، الذين اشتروا سياراتهم بالتقسيط، أصبحوا يعجزون عن استخدامها وتحريكها بسبب ارتفاع أسعار البنزين وتخفيض الدعم عن البنزين، فسعر 25 ليتراً أصبح يكلف 200 ألف ليرة وهذا يعد راتب موظف في القطاع العام، مؤكداً أن أسعار السيارات داخل البلد زادت من تفاقم التحديات التي يواجهها المواطنون بالنسبة للمواصلات ومن لم يشتر في السابق سيارة لم ولن يستطيع اليوم ركوب تكسي أجرة، فما كان يعد في يوم من الأيام رمزاً للرفاهية أصبح الآن يذكّر بالفوارق الاقتصادية التي أصبحت في البلد.
عدد السيارات في سورية
يقدر عدد السيارات في سورية بنحو 2.5 مليون سيارة، وارتفع عدد المركبات خلال عام 2022 لأكثر من 45 ألف سيارة سياحية قياساً بالعام الذي سبقه، وارتفع عدد السيارات السياحية العامة 700 سيارة للفترة ذاتها، وبينت إحصائيات مديرية الإحصاء والتخطيط في وزارة النقل أنه حسب توزع هذه المركبات في المحافظات فقد جاءت محافظة دمشق في المرتبة الأولى بعدد السيارات المسجلة وجاءت محافظة حلب في المرتبة الثانية ومحافظة ريف دمشق في المرتبة الثالثة وحلت محافظة حمص رابعاً ومحافظة حماة حلت في المرتبة الخامسة وحلت محافظة طرطوس في المرتبة السادسة وجاءت محافظة اللاذقية سابعاً في عدد المركبات المسجلة.
حركة البيع والشراء لا تتعدى 10%
وضع أسعار السيارات يتم كما كل المواد في البلاد، وهو على أساس سعر الصرف، فكلما ارتفع زادت قيمة السيارة، وكما نعلم كانت 500 ألف ليرة تشتري “كيا ريو” قبل الحرب، أما الآن فلا تشتري دولاباً واحداً للسيارة حسب ما أكده مجد شواط تاجر سيارات في شارع بغداد.
وأشار شواط إلى أن حركة البيع والشراء قليلة جداً وهي لا تتعدى 10%، فالمقبلون على الشراء يفعلون ذلك غالباً بداعي “الادخار لأموالهم”، وهم من الشريحة التي تتوفر لديها سيولة، في حين الأنواع التي يوجد عليها طلب من بعض الأسر هي السيارات الرخيصة المتهالكة لأن سعرها أقل.
وعن الأسعار قاال: وصلت أسعار السيارات الكورية كـ”كيا ريو” موديل 2008-2011 إلى 190 مليون ليرة سورية، وسعر “هيونداي أفانتي” و “كيا سيراتو” إلى 250 مليوناً، أما سعر “لانسر” موديل 83 فيصل إلى 50 مليوناً، أما عن سعر “المازدا ” موديل 83 فيبلغ سعرها 65 مليوناً، فيما بلغ سعر “هونداي سوناتا” و“كيا سيراتو” موديل 2020 حوالي 800 مليون ، مشيراً إلى أن موديلات 2010-2008-2011 هي الأكثر طلباً.
50% من مالكي السيارة يستخدمونها للضرورة القصوى
أسعار السيارات في سورية الأغلى عالمياً بسبب الضريبة الجمركية المفروضة على أي سيارة تدخل البلد ما يؤدي إلى مضاعفة السعر أربع مرات من سعرها الحقيقي في بلد المنشأ، حسب ما أكده الخبير الاقتصادي شادي الحسن.
ويؤكد الحسن في تصريحه لـ “تشرين” انعدام القدرة الشرائية للسوريين وارتفاع نسبة الجمارك على السيارات إلى 300 %، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن 50% من الذين لديهم سيارات باتوا يستخدمونها للضرورة القصوى بسبب غلاء البنزين حتى إن الأغلب بات يسافر عبر وسائل النقل العامة بحكم التكلفة الكبيرة، فالحد الأدنى للسفر من دمشق إلى حمص أصبح يكلف مليون ليرة ذهاباً وإياباً، أما 50% من الملاك الباقين فيستخدمونها للادخار.
وأضاف الخبير الاقتصادي: أصبحت السيارة اليوم عبارة عن نوع من الادخار مثل الذهب أو الدولار أو المنزل يقوم الشخص بشراء سيارة لكي لا يصرف المال الذي يملكه، علماً أن الأسعار الرائجة بين تجار السيارات مرتفعة جداً وتختلف بين تاجر وآخر، مبيناً أن الموظف في القطاع العام يحتاج إلى جمع رواتب 50 عاماً على الأقل لكي يتمكن من شراء سيارة من النوع المستعمل.
بدوره لم ينكر مدير جمعية صيانة السيارات يوسف الجزائري في حديث سابق لـ”تشرين” أن امتلاك سيارة أصبح مستحيلاً بحكم الأسعار الجنونية، لافتاً إلى أن معظم الذين يشترون السيارات تكون قديمة وبهدف ادخار الأموال أو لتشغيلها في توصيل الزبائن.
وأشار الجزائري إلى عدم وجود جهة رقابية تحدد سعر السيارة وتضبط ارتفاع سعرها الكبير، بحكم العرض والطلب في السوق إضافة إلى أن سعر الصرف الذي يلعب دوراً في الموضوع، فبيع السيارات نوع من أنواع التجارة ويوجد فيها الربح والخسارة.
وكانت الحكومة قد أوقفت استيراد السيارات التي تستنزف ملايين الدولارات إلى خارج البلاد، بالمقابل كل فترة من الزمن تسمح باستيراد قطع تجميع السيارات من الخارج ليتم تجميعها في مصانع سورية والبالغ عددها 5 مصانع تعمل في تجميع السيارات بطاقة إإنتاجية سنوية /65100/ سيارة
تشرين