بالرغم من هزالة الأجور .. إنخفاض جديد في قيمة «الرواتب في سورية» بأكثر من ٪33 خلال النصف الأول من العام 2023
رغم حقيقة أن الحد الأدنى للأجور في #سورية شهد «ارتفاعات» دورية، وخاصة بعد العام 2011، إلا أن هذه الزيادة الشكلية للأجور لم تنعكس ارتفاعاً للقيمة الحقيقية للأجور التي يتلقاها العمال #السوريون مقابل قوة عملهم، بل على العكس من ذلك، فإن هذه القيمة الحقيقية آخذة بالانخفاض بشكلٍ مستمر.
و إن منظومة #الأجور_السورية لا تحتاج إلى كثيرٍ من البراهين اليوم لإثبات هزالة الرواتب. حيث لم تعد الرواتب في سورية قادرة على تغطية الحاجات الضرورية للإنسان. لهذا، يقع العمال والموظفون السوريون في القطاع العام (البالغ عددهم 1,752,301، من أصل 3,102,679 عامل في سورية، وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء المنشورة في عام 2023) فريسة الهوّة الآخذة بالاتساع يومياً بين الحد الأدنى الهزيل للأجور (92,970 ليرة سورية) وضرورات البقاء على قيد الحياة بالحد الأدنى.
سنركز في هذه المادة على الوضع الفعلي للأجور في البلاد في منتصف عام 2023، وعلى #التراجع الكبير الذي شهده خلال 6 شهور فقط، بالنظر إلى ما يمكن للحد الأدنى للأجور أن يشتريه فعلياً من سلع في السوق.
حسب معيار #الذهب: من 0.27 غرام إلى 0.18 فقط!
معيار يمكننا استخدامه لمقاربة التراجع في القيمة الحقيقية لأجور العمال في #سورية هو معيار الذهب، كونه واحد من السلع الأكثر استقراراً والأقل تقلباً من حيث القيمة.
في عام 2015، كانت 13,670 ليرة سورية تستطيع شراء ما يقارب 2.6 غرام ذهب من عيار 21، لكن بعد أربعة أعوام فقط، أصبح الحد الأدنى للأجور البالغ 16,750 ليرة غير قادر على شراء سوى 1.01 غرام ذهب، ليواصل هذا الحد انخفاضه إلى أن أصبح بالكاد قادراً على شراء 0.2 غرام ذهب في عام 2023.
لكن هذا التراجع تسارع خلال الشهور الـ6 الأولى من هذا العام، بحيث انخفض عدد غرامات الذهب التي يستطيع الأجر شراؤها ليصل إلى 0.18 غرام.
ما يعني أن قيمة الأجر الفعلية وفقاً لهذا المعيار قد انخفضت بما يزيد على 33.3% خلال ستة أشهر فقط.
#تكاليف_المعيشة : من 2.3٪ إلى 1.4٪
وواحد من المعايير الإضافية التي يمكن ذكرها للإشارة إلى مقدار التراجع الذي طال قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد هو قياس هذا الحد بنسبة ما يغطيه من تكاليف المعيشة الضرورية للأسرة التي تشمل تكاليف الغذاء بالإضافة إلى تكاليف الحاجات الضرورية الأخرى من نقل واتصالات وتعليم وغيرها..
بأخذ آخر نتيجة لمؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة،الذي ناشرناه سابقا، نرى أن وسطي تكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من 5 أفراد (علماً أن معدّل الإعالة في سورية يصل إلى ما يقارب واحد إلى سبعة، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة).
ارتفع من 68,160 ليرة سورية في 2015 إلى قرابة 332,000 ليرة في 2019، لتتصاعد على نحو كارثي إلى حوالي 4,012,178 ليرة سورية وفقاً لحسابات بداية عام 2023، ثم إلى 6,560,178 ليرة سورية في منتصف العام الحالي.
أما من حيث ما يغطيه الحد الأدنى للأجور من هذه التكاليف: ففي عام 2015، كان الحد الأدنى للأجور في البلاد قادراً على أن يغطي حوالي 20% من وسطي تكاليف المعيشة.
لتهبط هذه النسبة إلى 5% في 2019، ثم إلى حدود 2.3% في بداية 2022، وصولاً إلى 1.4% في منتصف العام، أي أن نسبة التغطية انخفضت بحدود 39.13% خلال ستة شهور فقط.
و الخلاصة فإنه مهما بلغت ارتفاعات الحد الأدنى للأجور في سورية فإنها لن تعني شيئاً إن لم تكن متسقة مع رفع القدرة الشرائية والقيمة الحقيقية لهذا الأجر، إذ يمكن أن يرتفع هذا الحد ويتضاعف مرات عدة شكلياً لكنه يتراجع فعلياً تاركاً الملايين من السوريين نهباً للفقر والجوع وانعدام الأمن الغذائي.
قاسيون