لماذا يجب على النساء مقاطعة الرجال أثناء الحديث؟
ثارت الأزمة الأخيرة في غرفة اجتماعات شركة "أوبر" لسيارات الأجرة مسألة "مقاطعة الرجال لحديث النساء"، وأعادت الجدل حول هذا الموضوع.
وتقول لوسي كيلاواي، الكاتبة بصحيفة الفاينانشيال تايمز، إن الرجال ينبغي أن يتوقفوا قليلا عن مقاطعة النساء، لكن على النساء أن يقاطعن الرجال أكثر.
ارتكب ديفيد بوندرمان، أحد أعضاء الهيئة الإدارية لشركة أوبر لسيارات الأجرة، الشهر الماضي خطأ كلفه منصبه، ففي وسط اجتماع لمناقشة ثقافة التفرقة بين الجنسين في الشركة، تطرق بوندرمان إلى مزحة غير مناسبة حول فكرة أن النساء يتحدثن أكثر من الرجال، والتي اعتبرت ذات طابع تمييزي ضد النساء.
وقاطع بوندرمان أريانا هافنغتون، وهي زميلة له ومديرة بشركة أوبر أيضا، وأورد حقائقه بصورة غير صحيحة. فالنساء لا يتحدثن أكثر من الرجال. وقد دفع ثمن أخطائه، وغادر منصبه بشركة أوبر.
لكنني أؤيد بوندرمان في شيء واحد. فبالنظر إلى أنني ممن يتصفون بقوة بمقاطعة الناس أثناء الحديث، ومنذ فترة طويلة، أشعر أنه لزاما علي من الناحية الأخلاقية أن أقف بجانبه.
تعد مقاطعة الناس أثناء الحديث أمرا فظا بالنسبة لكثيرين، لكن عندما يكون الرجل هو من يفعل ذلك تجاه النساء (كما هو معتاد من أغلب الرجال)، يُنظر إلى الأمر على أنه أكثر فداحة.
وقد واجه إيريك شمييت، المدير التنفيذي لشركة "ألفابيت" التابعة لشركة غوغل، انتقادات بسبب مقاطعته للمرأة الوحيدة التي كانت تشاركه مع آخرين في إدارة ندوة حول الإبداع، أقيمت على هامش مهرجان سنوي للأفلام والموسيقى في تكساس بالولايات المتحدة.
كما وعدت صحيفة نيويورك تايمز، بعد واقعة مقاطعة بوندرمان للسيدة هافنغتون، بإعداد مقال مطول يتناول هذا السلوك المتعلق بمقاطعة الرجال للنساء أثناء الحديث، وهو ما يعد تمييزا ضد المرأة.
قاطع ديفيد بوندرمان السيدة أرينا هافنغتون ليقول مزحة، وبعدها استقال من مجلس إدارة شركة "أوبر" بعد انتقادات تعرض لها
ويتفق أغلب الناس على أن علاج هذه الظاهرة بالنسبة للرجال هو إيقافهم عن ذلك. فمنذ شهرين تقريبا، وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي، ظهر تطبيق جديد يحمل اسم "ومان انتربتيد" (أو المرأة تُقاطَع).
ويضطر من يحمل ذلك التطبيق من الرجال إلى أن يردد ثلاث مرات عبارة "لن أقاطع النساء مرة أخرى"، ثم يُعطى علامة سوداء لكل مرة يفشل فيها في الالتزام بهذا الأمر، من خلال مراجعة المواقف التي قاطع فيها النساء خلال اليوم.
لكن بالطبع ليس ذلك هو الحل النهائي لهذه المسألة. فإذا مُنع كل الرجال من مقاطعة زميلاتهم، فلن يرغبوا في الاستماع إليهن بمزيد من الاهتمام، وربما يقطعون علاقاتهم تماما بالنساء في أماكن العمل.
فالمرأة والرجل على حد سواء يجب أن يقاطعا إذا كان حديثهما مملا، أو إذا كان الشخص الذي يقاطع لديه شيء عاجل ينبغي أن يقوله.
وفي كثير جدا من الأوقات تكون الحوارات في مجال الأعمال، والمناقشات في الاجتماعات الإدارية مليئة بالتفاصيل المملة حقا.
فعندما يبدأ شخص ما في الحديث، تتضح خلاصة ما يريد أن يقوله من أول جملة أو جملتين من حديثه. وبالتالي، ما يأتي بعد ذلك لن يكون مهما بالضرورة، ولن تكون هناك مشكلة كبيرة إذا تدخل شخص آخر ليطرح فكرة أخرى جديدة.
عندما يتوقف المتحدث لبرهة ليتقط نفسه، يمكنك أن تبدأ أنت في الحديث إذا أردت أن تقاطعه
ولا تؤدي مقاطعة الآخرين إلى جعل المناقشات والحوارات أكثر سرعة فقط، وإنما تجعل الناس أكثر يقظة، وأكثر تحديدا فيما يرغبون في قوله. فالخوف من أن يُسحب البساط من المتحدث يجعله أكثر سرعة واختصارا في عرض فكرته، قبل أن ينتقل الحديث إلى شخص آخر.
ومن الأفضل ألا يُطلب من الرجال أن يقاطعوا النساء بصورة أقل، بل أن يُطلب من النساء أن تقاطع الرجال أثناء الحديث بشكل أكبر من المعتاد.
وقد يجد كثيرون هذا الاقتراح صعب، لكن لأنني خضت هذه التجربة بنفسي كثيرا، فأنا أؤكد لهم أن الأمر ليس كذلك. فعندما يتوقف المتحدث للحظة واحدة ليأخذ نفسه، يمكنك ببساطة أن تبدأ أنت في الحديث.
وفيما يتعلق بإشارة السيد بوندرمان إلى أن النساء يتحدثن أكثر من الرجال، هناك العديد من الدلائل المتضاربة، لكن الإجابة الواضحة هي أن الأمر يتوقف على السياق الذي تحدث فيه المقاطعة، سواء من الرجل أو من المرأة.
فأي شخص حضر اجتماعا لمجلس إدارة شركة ما، أو شاهد سلوك المتحدثين الرئيسيين في ندوة أو مؤتمر ما، يمكنه أن يقول إن هناك علاقة مباشرة بين الأهمية التي يضفيها شخص ما على نفسه، وعدد المرات التي يندفع فيها ليقاطع الآخرين.
وبسبب ما هو شائع في مجال التجارة والأعمال في الفترة الحالية، من أن معظم من يتولون المناصب القيادية في الشركات هم الرجال، فإن معظم الأشخاص الذين ينظرون لأنفسهم على أنهم أشخاص مهمون ويجب أن يقاطعوا الآخرين هم الرجال.
والحل لذلك الأمر واضح تماما، فعندما يبدأ هؤلاء الأشخاص في التوقف لالتقاط أنفاسهم خلال الحديث، يجب على أشخاص آخرين أن يقاطعوهم، وبالطبع لا ينبغي معاقبة هؤلاء لسوء الأدب، لأنهم يؤدون لنا خدمة عامة.
وكالات