الرجل غير الخفي …. و الدولار لماذا يوجد لجنة لضبط سعر الصرف جانبية مقابل مجلس النقد والتسليف..؟
صاحبة_الجلالة - خاص
ثمة تساؤل عريض يثار حول قضية سعر الصرف ذات الأبعاد الاقتصادية الخطيرة، مفاده: كيف توكل مهمة ضبط سعر صرف الليرة مقابل الدولار للجنة أغلب أعضائها من قطاع أعمال ليس لهم ذلك النشاط الاقتصادي الإنتاجي بالشكل المؤثر لجهة إحداث فارق بالبنية الإنتاجية..؟
لعلّ الغرابة في هذا الموضوع هو أن الفاعل الأكبر في هذه اللجنة هو رجل أعمال سبق أن تم اعتقاله دون أية توضيحات رسمية حول ذلك، لكن يعتقد أن أسباب اعتقاله جاءت على خلفية خلافات من نظير له حول إقامة بعض الأنشطة الاقتصادية التي لا تخرج عن سياق الـ"البروباغندا"، ونعتقد هنا أن عمل هذه اللجنة لا يخرج عن هذا السياق أيضاً، بدليل أنه كلما شهد سعر صرف الليرة تذبذبات، سرعان ما يصرح أحد أعضاء اللجنة بأن "الدولار إلى نزول".. فتشتعل وسائل التواصل مساندة له.. كما حصل منذ أشهر عدة عندما تخطى السعر حاجز الـ3500 واستمر بالصعود إلى ما هو عليه حالياً..ليتبين عدم اعتماد اللجنة سياسة واضحة المعالم أو رؤية محددة تشتمل على أهداف تكتيكية وإستراتيجية.. وكأن الأمر من وجهة نظر اللجنة يحل بشعارات تعبوية ليس إلا..أو أن الاقتصاد الوطني يدار بصفحة فيس بوك هنا.. وقناة يوتيوب هناك..!.
أمام هذا المشهد نخلص بسؤال: هل نجحت هذه اللجنة بتثبيت سعر الصرف..؟
المصرفي عامر شهدا اعتبر أن ارتفاع أسعار السلع والمواد في الأسواق، مقابل انخفاض القوة الشرائية، يعطي مؤشراً واضحاً على فشل عمل اللجنة التي لم تستطع تثبيت سعر الصرف في السوق الموازية...!
وفي ذات السياق أشار شهدا إلى أن هناك لجنة تسعير رسمية تعمل تحت إشراف مجلس النقد والتسليف، معنية برفع دراسات يحدد بموجبها سعر الصرف الرسمي.
إجراءات ولكن..!.
الملاحظ أن كل الإجراءات المتخذة لضبط سعر الصرف هي مجرد إجراءات إدارية وليست اقتصادية، وهي أشبه ما تكون بمن يضغط نابضاً ما بيده، وكلما اشتدت قوة النابض تطلب ذلك مزيداً من قوة اليد الضاغطة عليه، حتى تأتي لحظة ما تعجز فيها قدرة اليد عن مقاومة قوة النابض وتكون النتيجة قفزة استثنائية لهذا النابض..وهذا ما يحصل لسعر الصرف.. فكلما وصل إلى حاجز ما، يستقر عنده لفترة من الزمن ليعاود القفز من جديد إلى حاجز جديد..!.
من هذه الإجراءات الإدارية ملاحقة الصرافين في السوق السوداء، واللذين باتوا على دراية تامة بلعبة القط والفأر بهذا الخصوص، إذ أنهم يعرفون تماماً الوقت المناسب لنشاطهم، وكيفية التعامل مع السوق السوداء بأساليب منها تقليدية.. وأخرى مبتكرة وفقاً للظروف المستجدة..!.
ومن الإجراءات أيضاً مسك السيولة في المصارف من خلال تحديد سقف السحوبات اليومي، والذي كان له تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني أكثر من إيجابياته على تحسن سعر الصرف والتي لم تكن إلا بحدود ضيقة جداً.. مقابل تعطيل الحركة التجارية بشكل لافت، فضلاً عن انحسار البنية الإنتاجية بسبب عدم توفر السيولة اللازمة في كثير من الحالات من جهة، وعدم ثقة أصحاب الفعاليات الاقتصادية بالتعامل بالشيكات أو التحويل بين الحسابات المصرفية من جهة ثانية..!.
وإذا ما اعتبرنا ضبط التهريب إجراء أقرب ما يكون إلى "الاقتصادي" منه إلى "الإداري"، إلا أنه لم يستمر إلى لفترة قصيرة جداً ربما لم تتعد الأسبوع الواحد..!.
إذا كانت اللجنة المكلفة بضبط سعر الصرف جادة بما تدعيه، فعلى أعضائها المنضوين تحت خانة "رجال أعمال" أن يوجهوا بوصلة عملهم إلى الإنتاج، لكونه السبيل الأنجع لتعزيز سعر صرف الليرة، وهم بلا أدنى شك مدركين لهذه الحقيقة المسلم بها..!.