انخفاض أسعار العقارات إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2011..!
خاص – صاحبة الجلالة
في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أنه من مفارقات الاقتصاد السوري هو استمرار ارتفاع أسعار السوق العقارية رغم تدهور القدرة الشرائية المتآكلة جراء التضخم الحاصل.. يرى البعض الآخر أن الأمر عكسياً تماماً إذ أن أسعار العقارات انخفضت إلى مستويات كبيرة إذا ما تم تقويمها وفق سعر الصرف، إذ أن متوسط سعر الوحدة السكنية ذات المساحة 75 م2 في ريف دمشق -على سبيل المثال لا الحصر- كان عام 2011 ما يقارب الـ1.5 مليون ليرة، أي حوالى 30 ألف دولار وفق سعر الصرف آنذاك "50 ليرة سورية"، أما اليوم فسعرها بأحسن الأحوال 80 مليون ليرة، أي حوالى 20 ألف دولار وفق سعر صرف السوق السوداء حالياً..!.
لعلّ اللافت للنظر استمرار بناء الكتل العمرانية بشكل كبير على مدى المساحة الجغرافية للبلاد، في ظل ما تشهده السوق العقارية من جمود ملموس منذ ما يزيد عن عام، ليس هذا وحسب، بل إن هذا الجمود لم يؤثر على انخفاض الأسعار والتي وصل متوسط سعرها نهاية عام 2020 في ريف دمشق ما بين 600 ألف إلى مليون ليرة للمتر المربع على الهيكل، إذ لا تزال تحافظ على مستوياتها باستثناء بعض حالات بيع النادرة تمت تحت ضغط الحاجة للسيولة، وذلك وفق ما أكده عدد من أصحاب المكاتب العقارية في محافظة ريف دمشق، الذين سرعان ما تتفتح قريحتهم للحديث عن احتمالات وتأويلات عدة حول استمرار التجار والمقاولين بتشييد هذه الكتل بطوابق تصل في كثير من الأحيان إلى سبعة طوابق.. فمنهم من عزا الأمر إلى أن تجار الأزمة ولاسيما حديثي النعمة منهم، ضاقت بهم السبل بما حصلوه من أموال فلم يجدوا سوى السوق العقارية ملاذاً آمناً لذلك، ومنهم رفع سقف الحديث بأن ما يحصل في السوق أشبه ما يكون بـ"عملية غسل أموال"..!.
في حين يوضح بعض تجار العقارات أن معظم زبائنهم هم من المغتربين المستفيدين من تذبذب سعر الصرف محلياً، وثباته بالنسبة لهم كونهم في بلدان الاغتراب التي يعملون بها، وبالتالي فإن أسعار العقارات بالنسبة لهم رخيصة ما يدفعهم بالمحصلة إلى ادخار ما يجنوه من أموال هذه السوق، وخاصة أولئك الذين لا يتمتعون بفكر تنموي ويفتقدون إلى الرؤية الاستثمارية، ويخشون المخاطرة بأية مشروع، فيلجئون إلى السوق العقارية الأكثر أماناً وأقل مخاطرة بالنسبة لهم..!.
هذا المشهد أثر بالطبع سلباً على زبائن السوق المحليين ممن لا يستطيعون مجاراة نظرائهم المغتربين لجهة المدخول الشهري، فأضحى امتلاك منزل أشبه بالمستحيل في ظل ارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة وتراجع القدرة الشرائية إلى أدنى مستوى لها.. لتثبت السوق العقارية أنها خارج أدبيات الاقتصاد وقدرتها على التمرد على ما يحكم هذا الاقتصاد من قوانين وأعراف..!.