هذا واقع أغلب رجال أعمالنا.. طروحاتهم سطحية ولا تنم عن فكر تنموي وتخدم مصلحتهم الشخصية..ومبادراتهم خلبية..!.
خاص – صاحبة الجلالة
نعتقد إلى حد الجزم أن اختزال مصطلح "رجل أعمال" بما يمتلكه من يحظى بهذا اللقب من ملاءة مالية غير دقيق أبداً، ولربما ينظر إليه في سورية فقط وغيرها من بعض دول العالم الثالث من هذه الزاوية الضيقة، علماً أن حقب تاريخ الاقتصاد السوري لم تخل من شخصيات تجارية وصناعية مرموقة لا تزال بصماتها حاضرة حتى الآن.
إن مصطلح "رجل أعمال" أوسع بكثير من الملاءة المالية، ويرتكز على أسس مرتبطة بالضرورة بتكوين الشخصية بالدرجة الأولى ومدى ارتباطها بالأخلاق العامة وأدبيات النشاط الاقتصادي ككل.
ومن الأسس أيضاً مدى قدرة رجل الأعمال على نسج علاقات اقتصادية مع نظرائه على المستويين المحلي والخارجي، وتسخيرها لصالح الاقتصاد الوطني.
ولعلّ الأهم من هذا وذاك وقوفه إلى جانب بلده وقت الأزمات، سواء لجهة تأمين الاحتياجات الرئيسة من السلع والخدمات، أم لجهة استثمار علاقاته الخارجية للالتفاف على العقوبات والحصار اللذان يفرضان عادة في الأزمات، أم لجهة تحقيق التوازن التنموي في المشاريع الريعية والإنتاجية بحيث لا تطغى الأولى على الثانية، إلا في حالات استثنائية جداً.
إذا ما أسقطنا ما سبق ذكره على رجالات القطاع الخاص في سورية.. كم هم اللذين يمتلكون هذه الروائز..؟.
للأسف ربما لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة في أحسن الأحوال.. فخلافاتهم على المستوى الشخصي وعلى المستوى التنظيمي في الاتحادات المنتمين باتت عنواناً لعلاقاتهم.. واستسهالهم للفرص أصبح نهجاً لعملهم.. وتذبذب بقائهم في البلد أضحى سراً لتضخيم ثرواتهم..!.
طبعاً ما ذكر آنفاً ليس مجرد ادعاء، إذ سبق لـ"صاحبة الجلالة" حضور الكثير من الاجتماعات وعلى مستويات عدة كان منها اجتماعات وصفت بالنوعية على مستوى رئيس الحكومة مع قطاع الأعمال، ولاحظنا أن أغلب طروحاتهم كانت سطحية جداً ولا تنم عن فكر تنموي، فضلاً عن أنها تصب في بوتقة المصلحة الشخصية، وبعيدة عن الاضطلاع بأية مبادرة تخفف من ضغوطات الظرف الموضوعي المتعلق بالحصار والعقوبات وشح الموارد، مع الإشارة هنا إلى عدم تبرئة الحكومة التي تتحمل المسؤولية أيضاً في هذا الاتجاه..!.
وكدليل آخر على سلبية قطاع الأعمال نُذكّر بالمبادرة التي أطلقتها غرفتي صناعة وتجارة دمشق بعنوان “عملتي قوتي” نهاية أيلول 2019، لدعم الليرة السورية بعد أن تجاوز سعر صرفها آنذاك حاجز الـ700 مقابل الدولار، بغية الحد من ارتفاع سعر الصرف وتقلباته عبر التدخل من خلال منصة لرجال الأعمال وتأسيس صندوق دعم لهذه الغاية، فبعد أن تم إطلاقها وجمع مبلغ قارب المليار دولار -حسب بعض التسريبات- عاد سعر الصرف إلى مساره العبثي ليصل إلى مستويات غير مسبوقة..وهنا نسأل ما هو مصير هذه المبادرة التي خبا وهجها الإعلامي فجأة.. ومن المسؤول عن وأدها إن كان مطلقوها جادون فعلاً بنواياهم..؟
لنخلص بالنتيجة إلى أن معظم رجال الأعمال لدينا غير ملتزم بالأخلاق العامة وأدبيات الاقتصاد والتجارة، وما تحتمه المسؤولية عليهم لجهة أن يكونوا شركاء حقيقيين للحكومة في العملية التنموية، باستثناء قلة لا يخولها ضآلة عددها من دمغ بصمة لها على المشهد الاقتصادي ككل..!.