فوضى الأسواق لا تقتصر على “ارتفاع الأسعار” بل تتعداها إلى “تدني جودة المُنتَج”..!.
لا تقتصر فوضى الأسواق على تخمتها بالمهربات، وارتفاع الأسعار، وظواهر الاحتكار، ومظاهر التلاعب بالكيل والميزان فحسب، بل ثمة إشكالية لا يستهان بها تتمثل بتدني جودة ونوعية ما يعرض على واجهات ورفوف المحال التجارية، وهي إشكالية أضحت مغيبة عن الطرح نظراً لتصدر ارتفاع الأسعار المشهد العام للأسواق..!.
في الوقت الذي يحمّل فيه البعض جمعيات حماية المستهلك مسؤولية التقصير لجهة القيام بدورها التثقيفي تجاه المستهلك وعدم جديتها بدعوات المقاطعة واقتصارها على مقاطعة السلع والمواد عند ارتفاع أسعارها فقط، يرى بعض الآخر أن ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا لا تزال مرتبطة بالعادات والتقاليد أو بالحاجة اليومية دون الأخذ بعين الاعتبار مدى مطابقة السلعة للمواصفة أو على الأقل الانتباه إلى بطاقة البيان المرفقة مع السلعة لمعرفة مكوناتها وحيثياتها، ويكتفي المستهلك بأحسن الأحوال بالاطلاع على تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، ما يعني أن المواطن لازال لا يعي حقوقه تجاه ما يشتري ويقتني من سلع ومواد مسندا هذه المهمة إلى الجهات الرقابية المفترض أن تقوم بحمايته، ما أدى في نهاية المطاف إلى استغلال هذا الوضع من قبل بعض التجار والصناعيين لزج منتجاتهم بأسعار ربما تكون منافسة لكنها للأسف على حساب الجودة والنوعية..!
هذا الواقع حدا ببعض خبراء الاقتصاد للدعوة إلى ضرورة إحداث دائرة دراسات وأبحاث في كل الشركات الإنتاجية العامة والخاصة وذلك لإعداد دراسات تطويرية لمنتجاتها وتغيير مواصفاتها من ناحية الشكل واللون بين الفينة والأخرى بحيث تنمي وعي المستهلك إزاء النوعية وتلبي رغباته، والمواظبة بشكل مستمر على دراسة السوق لمعرفة أذواق المستهلكين والزبائن المحتملين، وقياس أطوار السلع والمنتجات وانسيابها في السوق حسب المستهلك.
كما يبين الخبراء أن وجود قسم خاص للإعلان في كل شركة والقيام بحملات دعاية ضخمة تبرز جودة المنتج بعد تطويره، ومن شأن ذلك أن يعزز ويقوي منافسة المنتج المحلي أمام الأجنبي ما ينعكس إيجابا على الثقافة الاستهلاكية المحلية، مشيرين إلى أن سيطرة البيروقراطية والروتين على إدارات الشركات – خاصة العامة منها – التي لا تزال تتبع سياسة الباب المغلق أمام الشكاوي والاقتراحات والأفكار التطويرية.. الخ.
للأسف.. سيبقى المستهلك رهن واقع السوق غير المرضي، فكيف لمواد تفتقر إلى أدنى مستويات الجودة ولو بسعر زهيد أن تقود السوق إلى تحقيق الرضى الاستهلاكي والربحية المأمولة لدى البائعين الذين ببضائعهم المتواضعة لا يرتقون إلى مستوى المسؤولية عما يروجون، بينما المسؤولية الاجتماعية تعد العمود الفقاري لتوجه اقتصادنا الوطني.
البعث