كيلو البهارات المشكلة 25 ألف ليرة.. والفستق الحلبي 80 ألفاً.. وأوقية المحلب 20 ألفاً
تتوزع الكميات التي يشتري بها أهالي وسكان دمشق البهارات والتوابل بين (ربع وقية) وحتى تحديد قيمة الشراء بمبلغ 2000 و3000 ليرة، مع استبعاد بعض الأنواع من قائمة المشتريات بعد أن أصبحت أسعارها تفوق القدرة الشرائية لهم والمترافقة مع وجود شحّ ببعض المواد..
إن ضعف القدرة الشرائية أفرز نوعاً من الالتفاف على ارتفاع الأسعار لدى البعض ممن يرغب بصناعة حلويات منزلية أو غيرها، وذلك باستبدال الفستق الحلبي بفستق العبيد وإضافة صبغة خضراء أثناء التحضير، نظراً لانخفاض سعر الأخير مقارنة بالأخضر الحقيقي.
ووسط حركة بيع وشراء شبه معدومة في سوق البزورية بمدحت باشا، يطمح التجار لضخ دماء جديدة في عروق السوق الذي كبله الغلاء وانخفاض القدرة الشرائية وضعف المنافسة وعوائق الاستيراد المختلفة محلياً وعالمياً .
يعج سوق البزورية بروّاده لكن من دون اختلاف في كميات الشراء المذكورة أعلاه، ومن دون أن تعني كثافة التواجد فيه تحريكاً حقيقياً للسوق الرئيسي للتوابل والبهارات في دمشق، حيث تقلصت كميات المبيع إلى 6 أضعاف خلال السنوات الأخيرة وفقاً لعدد من تجار البزورية.
ويلجأ قسم كبير ممن يقصدون هذا السوق لشراء ما يحتاجه لاستخدام واحد فقط أو استخدامين كما تقول السيدة أميرة الألشي التي أضافت : إن المطبخ الدمشقي خصوصاً والسوري عموماً غني بأصنافه وتوابله لكن ارتفاع الأسعار حجّم بشكل كبير التنوع الذي يمتاز به هذا المطبخ .
وقالت السيدة حياة اللحام: إنها تتسوق البهارات والتوابل بكميات قليلة في وقت اختصرت فيه قسماً من مشترياتها من أنواع البهارات كالفلفل الأبيض وبهارات الكبسة أو الماجي، وبعض البهارات بحبتها الكاملة كالهيل والذي أصبح شراؤه قليلاً بالنسبة لها أو مستبعداً من القائمة لاكتفائها بالضروريات حيث تباع الوقية من الهيل الحبة الكاملة بعشرين ألف ليرة..
وأكدت أنها ذهبت لشراء (محلب) بغرض صناعة بعض أنواع الحلويات واضطرت لشراء ما قيمته 5 آلاف ليرة فقط حيث بلغ سعر (الوقية) 20 ألف ليرة!.
من جهته يصف أكرم الجبان تاجر -نصف جملة- في البزورية وضع البيع والشراء في السوق بالصعب جداً، وقال إنها أسوأ فترة تمر على السوق على مدى سنوات الحرب على بلدنا، قائلاً: في أسوأ أيام الحرب لم تتدحرج الأمور إلى هذه الدرجة من السوء..
وأرجع أسباب ضعف حركة البيع والشراء لعدة عوامل أبرزها الارتفاع الكبير بأسعار المواد، وشح بعض أنواعها ووجود الاحتكار، حيث فقد السوق أحد أبرز مزاياه وهي كونه سوقاً مفتوحاً .
وقال الجبان: ما يحدد الأسعار هو المنافسة وتواجد الأصناف في السوق، مضيفاً: إن العوائق كثيرة التي تعترض عملية الاستيراد لدى التجار ومنها القطع الأجنبي وإجازة الاستيراد وتكاليف الشحن العالية محلياً وعالمياً وتكاليف الضرائب.
ويرى أن الحلول لتحسين الوضع الحالي هي دعم المستوردين لأن زيادة التكلفة تحمل تلقائياً على البضائع.. ومع اقتراب العيد سجلت أسعار التوابل التي تدخل في صناعة الحلويات من معمول وكعك وغيرهما ارتفاعاً كبيراً، وتراوح سعر كيلو الفستق الحلبي حسب نوعه بين 50 إلى 70 ألف ليرة، وأكد الجبان أن رغبة الزبائن اتجهت نحو الفستق العبيد بديلاً عن الفستق الحلبي وثم استخدام صبغة خضراء لتلوينه.
يصل كيلو الفستق العبيد إلى 10000 ليرة للنوعية الجيدة، بينما يبلغ سعر عبوة الصبغة الخضراء 3500 ليرة.
كما سجل سعر (المحلب) ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة السابقة، ووصل سعر الكيلو إلى 80 ألفاً، بينما الوقية تباع بـ20 ألفاً، بدورها سجلت البهارات المشكلة ارتفاعاً أيضاً، حيث يتم تحديد سعرها وفقاً لخلطة كل محل، وتصل إلى ٢٥ ألف ليرة لمبيع المفرق، و 21 ألف ليرة لمبيع الجملة..
الفلفل الأبيض بدوره لم يعد متوفراً في السوق و للسبب ذاته وهو ارتفاع سعره الذي وصل إلى 30 ألفاً للكيلو الواحد وقلة الطلب عليه، في حين أن الفلفل الأسود متوافر وسعره 30 ألفاً للكيلو الواحد، وبالنسبة للفلفل الأحمر يصل سعره إلى 20 ألفاً للكيلو الواحد ومن النوعية الممتازة، والكزبرة تباع بـ 2000 ليرة للوقية بينما تباع القرفة بـ4000 ليرة للوقية ولم يطرأ ارتفاع على سعرها منذ عام تقريباً.
وأكد رئيس لجنة الرصد والمتابعة في جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها الدكتور أدهم شقير أن المشكلة أكبر من سلعة محددة، وأن سعر أي سلعة هو انعكاس للواقع الاقتصادي المحلي الذي تغزوه القوة الشرائية الضعيفة، إضافة لوجود ركود تضخمي نتيجة لغلاء الأسعار وهجمات الغلاء والتضخم التي ساهم بإيجادها الحصار والعقوبات أولاً، والسياسات النقدية غير الصحيحة ثانياً، ووجود الفساد بمجموعة من المفاصل ما أدى إلى زيادة التكاليف ثالثاً، وقال شقير: تشكل البهارات والتوابل جزءاً بسيطاً من الاستهلاك، ولا تعد عنصراً له قيمة كبيرة تجاه المشكلة الاقتصادية الكبرى، مضيفاً: إن البهارات من السلع ذات الأسعار المحررة ولا يحكمها القانون إلا من زاوية الفواتير المقدمة، وذلك بموجب القانون الذي وضح أنه يجب ألّا تزيد نسبة الأرباح في السلع المحررة الأسعار على 10% .
وأوضح شقير أن البهارات والتوابل تعد من المستوردات في أغلبها، وحالها حال المستوردات كلها التي خضعت لتغيرات سعرية كبيرة منذ بداية العام الجاري نظراً لغلاء أجور الشحن عالمياً وخاصة بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتغير سعر الصرف فضلاً عن انخفاض القوة الشرائية وتضخم الأسعار، إضافة إلى ارتفاع تكاليف حوامل الطاقة التي انعكست مباشرة على أسعار البضائع بشكل عام، وارتفاع في أجور العمالة، مبيناً أن المشكلة لا ترتبط بقطاع واحد بل هي أزمة اقتصادية متداخلة.
وكانت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق أوضحت في تصريحات إعلامية سابقة أن تسعير مادة البهارات والتوابل يتم من مكاتب المحافظات المختصة أو من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمحافظات، أما بالنسبة للمواد المستوردة فيتم التسعير وفق بيانات التكلفة ووثائق أصولية وبيانات رسمية وحسب كل مادة
تشرين