الدكتورة رولا صيداوي: لم تكن الحياة وردية .. والدعاء الذي رافقني .."يا لطيف ارحم عبدك الضعيف "
صاحبة الجلالة_ محاسن عبد الحي
عرفت الله من المدّرس الأول وهما أبي وأمي، كما أنَّ لمدرسة التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية أثر كبير على تعلقي بالله ومحبتي له، فأنارت لنا الطريق وغرست محبة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وآل بيته الطيبين الطاهرين بنفسي،وتابعت مسيرتي العلمية بعد الزواج حباً بالعلم، حتى أصبحت أخصائية العلاج النفسي الدكتورة رولا صيداوي.
تقول الدكتورة رولا: أنا من عائلة كريمة بسيطة تربينا على الصلاح، والدي رجل عصامي أحسن تربيتنا وعلمنّا بمساعدة والدتي، لنعيش بكرامة ونرتقي بالمراتب العلمية، لقول النبي صل الله عليه وسلم "ليس مني إلا عالم أو متعلم" والصورة المحفورة بذاكرتي حتى يومي هذا قيام الليل مع والديّ منذ نعومة أظفاري وإلى الآن أحافظ عليها.
سُقيت بذرة الصلاح بماء المحبة من خلال معلمة فاضلة بالمرحلة الثانوية لمادة التربية الإسلامية فشجعتنا على حفظ كتاب الله والتخلق بأخلاقه واتباع سنة نبيه عليه السلام، تفوقت بدراستي ولله الحمد ولكنّي تزوجت بعمر مبكر نوعاً ما على عادة الدمشقيين بالثامنة عشر، وأصبحت أماً لأربعة أولاد.
لم توقفني المسؤولية الزوجية عن التحصيل العلمي بل رتبت أولوياتي وتابعت دوري كأم مربية وداعمة لأولادي، حتى نضجوا وغرست فيهم حب العلم كما أحببته أنا وهم ساروا على نهجي، وأعطيتهم الجانب الذي يلزمهم من الحنان والعاطفة ليكونوا قادرين على متابعه حياتهم بسوية نفسية عالية، وهم بالمقابل شجعوني على تكملت دراستي الجامعية،وبمرافقة زوجي ودعم أهلي حصلت على دكتوراة بعلم النفس الإسلامي من الجامعة اللبنانية.
لم تكن الحياة وردية وإنما مثل نبضات القلب، حيث تنقلت بين سورية ولبنان بداعي الدراسةومن ثم العمل،رافقني دعاء أراحني في أوقات التعب وهو "يالطيف ارحم عبدك الضعيف"والحمد لله حصدت ثمرة جهدي وتلقيت دعوات لأحاضر بعدة جامعات لدول عربية وإسلامية،كما عملت مسؤولة الصحة النفسية بريف دمشق بجامعة خاصة واستلمت المكتب الاستشاري الجامعي بجامعة بلاد الشام ومديرة مركز إرشاد لمدة خمس سنوات،وكان ذلك خلال فترة الحرب على سورية وساعدنا الناس بالدعم النفسي من خلال الفريق التطوعي ولم نتخلى عنهم خصوصاً الأشخاص المتضررين نفسياً وما أكثرهم.
باعتقادي كلما أزداد وعي الإنسان وعلمه تزيد حاجته للتعلق بالله ونزداد تواضع، وأنا لا زلت إلى الآن أتعرف على الله واتخذت طريق العلم باب الوصول إليه لقوله تعالى:﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18]
فإلى جانب كوني أخصائية بعلم النفس تعلمت تفسير وتجويد القرآن الكريم وأعلم به، ويومياً أحاسب نفسي وأفكر كيف جرى يومي؟وهل كان أفضل من أمسي؟ وهل تقدمت نحو هدفي الأخروي؟ لأنه يجب محاسبة النفس قبل أن نحاسب وبهذا نعطي قيمة لأنفسنا ونجعل للحياة معنى خصوصاً إن ربطناه بالذات الإلهية.
وأقول الإنسان الوعي ينظر للماضي ويتفحص كل ما مر به من صعاب ويشعر بالطمأنينة والراحة لأنه يدرك أن العثرات التي مرت بها ليست إلا النجاح الذي حققه اليوم فأمره كله بيد الله.
والقرآن الكريم رفيق دربي فكل آياته شعار للحياة وأحبها لقلبي ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا﴾ [الإسراء: 80]