وزير الاقتصاد السوري : احتمال كبير ولادة نظام اقتصادي جديد غير مبني على الدولار
رأى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل أنّ "فرض العقوبات على روسيا يجب أن لايؤثر على حركة التجارة البينية المباشرة مع سورية في الأمد المنظور".
وقال الوزير الخليل في لقاء مع وكالة سبوتنيك : "أن استنهاض كافة السبل المتاحة لزيادة حجم التبادل التجاري هو الخيار الصحيح الذي من شأنه تحقيق مصلحة البلدين، ويضاف إلى ذلك تعزيز التعاون الاستثماري، حيث يمكن للشركات والمستثمرين الروس أن يحظوا بفرص استثمارية هامة في سورية، بالاستفادة بشكل خاص من المزايا والحوافز التي تضمنها قانون الاستثمار رقم /18/ لعام 2021".
وأكد الوزير الخليل أهمية إحداث تحوّل في حركة رؤوس الأموال الروسية وتغيير اتجاهها نحو الاستثمار في دول جديدة ومنها سوريا مع الإشارة إلى أنّ التعامل بالعملات المحلية كان واحداً من الخيارات التي يتم دراستها من قبل الجهات الحكومية المعنية كحل لتسهيل العمليات التجارية وللتخلّص من العقبات المرتبطة بالتعامل بالدولار".
وعن حجم التبادل التجاري بين البلدين و نسبته في التجارة الخارجية السورية قال الوزير الخليل ان "روسيا تأتي في المرتبة الثالثة على صعيد أهم الدول المصدّرة إلى سورية، وقد كانت قيمة المستوردات السورية منها خلال السنوات الثلاث الأخيرة بحدود /250/ مليون يورو وسطياً".
وأضاف الوزير الخليل ان " قيمة الصادرات السورية إلى روسيا تنامت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بشكل مضطرد، حيث ازدادت في عام 2020 بنسبة 54% عن عام 2019، فيما ازدادت في عام 2021 بنسبة 57% عن عام 2020".
واضاف أنّ "تعزيز التعاون بين البلدين يجب أن لا يقتصر على الجانب التجاري ، وإنّما يجب أن يكون أكثر نشاطا في الجانب الاستثماري".
وحول الفرص الاقتصادية التي يوفّرها هذا الوضع برمته في الاقتصاد العالمي في ظل ضعف الثقة بالدولار، والتسويات في العملات الوطنية، وارتفاع أسعار النفط، ومشاكل الغذاء قال الوزير الخليل: انه " من الواضح بأنّ المتغيّرات على الساحة الدولية المرتبطة بشكل خاص بالأزمة الأوكرانية تعكس احتمالية كبيرة لولادة نظام اقتصادي جديد غير مبني على الدولار".
وأضاف "أياً كانت نسبة أن تكون هذه الاحتمالية قائمة، فإنّها تؤكد بأنّ النظام السياسي الدولي القادم سيكون قائماً على التعددية القطبية وعدم استمرارية الاحادية القطبية، ولاسيما في ظل الإرباكات المؤثرة التي أحدثتها مواقف روسيا القوية والراسخة على كافة المستويات وذلك بالنسبة للدول التي تهيمن على قرارات وحقوق الدول وشعوبها".
الوزير الخليل قال انه "في عالم الاقتصاد فإنّ الدول التي تعاني من أوضاع وظروف اقتصادية ضاغطة عمقّتها العقوبات القسرية غير الشرعية ، فإنّ هذه الدول قد لا تتمكن على المدى الآني من استثمار الفرص التي تنتج عن المتغيّرات الدولية، كالأزمة الأوكرانية، إلاّ أنّه دون أدنى شك ستُتاح لها فرصة كسر العقوبات والحصار الاقتصادي مع الوقت وذلك من خلال إمكانية الاتفاق بين بعض الدول على اعتماد تسديد قيم العمليات التجارية إما بالعملات المحلية او بعملات أخرى غير الدولار، كما أنّه قد تتاح الفرصة لها لإنفاذ أنواع جديدة من صادراتها باتجاه الأسواق التي قد تتعرض لانقطاع في تأمين احتياجاتها من الأسواق التقليدية التي اعتادت عليها، كما يمكن أن تجني بعض الدول الأخرى مكاسب غير متوقّعة نتيجة ارتفاع أسعار بعض أنواع الصادرات ذات الثقل النوعي في الميزان التجاري لها، كما هو الحال بالنسبة لارتفاع أسعار النفط عالمياً نتيجة الأزمة الأوكرانية. فيما قد تتحول بعض الدول إلى ملاذ آمن للاستثمارات يلجأ إليها أصحاب رؤوس الأموال المتضررين من الحرب في الدول التي اتخذت مواقف عدائية ضد روسيا على سبيل المثال. وسيكون اتجاه رؤوس الاموال الى الغرب للاستثمار اكثر ترددا لانعدام الثقة والمصداقية في تلك الدول".
وأضاف.. "بطبيعة الحال فإنّ الحكومة السورية تعتبر بأنّ التعامل مع الأوضاع المستجدة يتطلب على صعيد العلاقات الخارجية تعميق اكثر لعلاقات التعاون الاقتصادي مع روسيا، فيما يتطلب محلياً استمرار العمل على إدارة الموارد بكفاءة عالية، وتعزيز نهج الاعتماد على الذات، ولاسيما فيما يتعلق بمتطلبات تحقيق الأمن الغذائي، بالإضافة إلى ضرورة جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الخارجية إلى الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية، وخاصةً في مجال الطاقات البديلة بهدف تأمين الحامل الطاقوي من جهة، وتخفيف مايمكن من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً على تكاليف المنتجات المستوردة المعدّة للاستهلاك من جهة أخرى".
ورأى الوزير الخليل " لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى فنزويلا للحصول على النفط، وإن كان لا يعني بأنّ اللجوء إلى العقوبات هو طريق مسدود بالمعنى الحرفي، يؤكد بأنّ أمريكا لا ترى إلاّ بمنظار مصلحتها الخاصة، وهي على استعداد للقيام بأي عمل يحقق هذه المصلحة، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح وحاجات الشعوب".
وأضاف "من هذا المنطلق تدرك الدول التي تعرضت للعقوبات الظالمة وبشكل متزايد أهمية ازدياد التعاون فيما بينها، إذ لطالما ألحقت العقوبات الضرر الكبير باقتصاديات هذه الدول وحالت دون إمكانية تعافيها ومنعتها من الوصول إلى حقّها في التنمية، وبالتالي كانت العقوبات سبباً رئيسياً لمعاناة المواطنين نتيجة صعوبة حصولهم على الحد الأدنى من مقومات سبل العيش، على أقل تقدير على المدى القصير. إلاّ أنّه على المدى الطويل فإنّ إجراءات التكيّف لدى الدول التي تخضع للعقوبات وسياساتها الرامية للحد من أثرها السلبي لا بدّ أن تؤدي إلى إفشال سياسة استخدام العقوبات كأداة لتحقيق أهداف الدول التي فرضتها".
وقال "هنا نجدد القول بأنّ تفعيل التعاون الدولي يعد أحد أهم الوسائل التي يتم اللجوء إليها للحد من أثر العقوبات التي تفرضها قوى الظلم والغطرسة. ومن هذا المنطلق، فقد كنا نلاحظ على الدوام بأنّ كلاً من سوريا وروسيا وإيران وفنزويلا وكوبا وغيرها من الدول كانت تقف إلى جانب بعضها البعض أثناء الأزمات، ولم تكن الصين ببعيدة عن هذا الاصطفاف، لا بل كان خيار تعزيز التعاون معها أحد عوامل صمود الدول وكسر طوق عزلتها".
وقال "بهذا الصدد لا بدّ من التنويه بأنّ الصين كانت على الدوام تنظر إلى أنّ حل مشاكل الدول يكون من خلال العمل على تنميتها لتحقيق الرفاه لمواطنيها وليس من خلال فرض العقوبات عليها".
سبوتنيك