بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

القصة المرعبة.. تاريخ تطور جراحة الأسنان

السبت 01-07-2017 - نشر 7 سنة - 757 قراءة

 

من بين كل مجالات الطب عبر العصور، لم يكن هناك تخصص أكثر رعبًا وإثارة للخوف لدى الأطفال والبالغين مثل طب الأسنان. ورغم كل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي تميزت به العصور المتأخرة، إلا أن التاريخ المرعب لهذا التخصص لا يزال يلقي بظلاله على المرضى.

إن كنت تشعر بالخوف وعدم الراحة تجاه فكرة زيارة الطبيب فلا تشعر بالخجل؛ تقول الدكتورة شيلا راجا، حاملة الدكتوراه ومديرة قسم العلوم السلوكية السريرية في كلية طب الأسنان بجامعة إلينوي شيكاغو، أن نسبة 50% من الأمريكيين يعترفون ببعض الخوف من الإجراءات المتعلقة بطب الأسنان، ويشعر 10% من الأمريكيين بخوف أكبر لدرجة أنهم يتجنبون حقيقة الذهاب لطبيب الأسنان،

وبالعودة عبر الزمن إلى أصول علم طب الأسنان وبعض الممارسات التي كانت شائعة خلال القرون الماضية، نجد أن الفكرة العامة بشأن السمعة السيئة لطبيب الأسنان لها ما يبررها وأكثر، وفي هذا التقرير سنأخذك في رحلة عبر العصور للنظر في جذور ونشأة واحد من أكثر الفروع العلمية إثارًة ورعبًا.

الماضي الأليم.. تاريخ يعود إلى العصر الحجري

يمتد تاريخ طب الأسنان لأكثر من ألفي عام، فقد دفعت الآلام القاسية التي تنتجها الإصابات الخاصة بالأسنان الأطباء والمعالجين لتكثيف جهودهم لمحاولة التغلب على أحد أقسى أنواع الألم التي يعانيها الإنسان، فقبل ألفي عام كان هناك بعض التحسن في مجال طب الأسنان، لكن الجراحات على الجانب الآخر كانت خيارًا مرعبًا بالنسبة للمرضى، فلم يكن هناك تقدم حقيقي في التخدير والسيطرة على الألم، فكان الأطباء يلجؤون إلى بعض الوصفات الطبيعية التي كانت تستخدم للتخدير مثل بذور نبات (البنج الأسود) المحروقة، والتي تسبب في دخول المريض حالة من النشوى ويشبه في تأثيره المشروبات الكحولية، أو خليط من الأفيون وعبير القندس وجذر نبات اليبروح الطبي والقرفة.

بردية مصرية قديمة لممارسات طب الأسنان

في بعض الحالات كانت تلك الوصفات غير متاحة أو غير معروفة، فنشأت طريقة أخرى للتغلب على الألم الموضعي، وهي تطبيق الضغط باليد على أقرب شريان رئيسي لمكان الألم، والذي يعني في حالة وجع الأسنان، الشريان السباتي، فكان المعالج يضغط على الشريان السباتي حتى يفقد المريض وعيه في بعض الأحيان، وعندما كان المعالج يضغط بقوة مفرطة عن طريق الخطأ، يعاني الدماغ من نقص الأكسجين وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى حالة الموت السريع.

توحي الطرق المستخدمة في علاج آلام الأسنان والجراحات الخاصة بها بأن الأمر كان أشبه لدرجة كبيرة بما نشاهده حاليًا في أفلام الرعب، لكن في ذلك الوقت كان هذا الرعب هو الأكثر احتمالًا من رعب ألم الأسنان. توجد بعض الدلائل على أن حفر الأسنان لمعالجة بعض أنواع العدوى وُجد قبل 8000 عام، وهو الوقت الذي يعود بشكل يثير الدهشة إلى العصر الحجري.

في الواقع اختلفت الإسهامات التي قدمتها الحضارات القديمة في مجال طب الأسنان، فاشتهرت الحضارة المصرية القديمة بمواد التخدير لآلام وإصابات الأسنان المختلفة ظهرت في عام 1550 قبل الميلاد. كما اكتشف المصريون القدماء معجون الأسنان وهو أقدم معجون أسنان اكتُشف في العالم. في ناحية أخرى من العالم، وفي الأراضي الإيطالية القديمة ابتكرت الحضارة الإتروسكانية الأسنان الذهبية بدلا للأسنان التالفة. واستخدم الإتروسكيون وهي لفائف ذهبية تم لحامها في حلقات وهو الابتكار الفريد في القرن الثامن قبل الميلاد.أما في الحضارة الصينية القديمة، فكانت أبرز إسهامات الصينيين هي حلول لمسببات تجاويف الأسنان، كما أنهم استخدموا الإبر الصينية لعلاج ألم الأسنان في عام 2700 قبل الميلاد، بينما سجلت أقدم حالات خلع الأسنان في العام 6000 قبل الميلاد.

حقائق لا تُصدق

عمليات على قارعة الطريق

ينضح تاريخ طب وجراحة الأسنان بالحقائق الغريبة التي يصعب تخيلها، كان وقود تلك الحقائق هو الوجود الطاغي لمشاكل الأسنان وآثارها المؤلمة، في الوقت الذي لم يتواجد به أطباء أسنان محترفون بالمعنى العلمي قبل بداية القرن التاسع عشر.

بدافع الحاجة للتدخل وتقديم المساعدة لهؤلاء الذين يعانون من آلام الأسنان، كان على أحدهم تقديم يد المساعدة؛ صدق أو لا تصدق، لكن الحلاقين هم من قدموا خبرتهم العملية وبعض الأدوات المتاحة لديهم للمساعدة في التغلب على مشاكل الأسنان. كان الحلاق يقوم بعمل طبيب الأسنان في كل المهام التي كانت أدواته تتيح له القيام بها، وكان هذه العمليات تقام في أحيان كثيرة على قارعة الطريق، ويخضع المرضى ليد الحلاق بينما هم وقوف. هذه الحقيقة صعبة التخيل لكنها واقعية.

لُعاب الضفدع والمسامير

مع كل التقدم العلمي في مجال الطب وطب الأسنان تحديدًا، لا يزال ألم الأسنان أحد أكثر المخاوف التي تنتاب البشر اليوم. فمع ألم الأسنان، يجد الشخص صعوبة في الكلام، ومحاولة تناول الطعام تصبح مهمة شبه مستحيلة، حتى الحصول على وضعية مناسبة للنوم يصبح أمرًا معقدًا.

تخيل إذًا كل تلك المصاعب في الوقت الذي تغيب فيه كل التكنولوجيا ومسكنات الألم في وقتنا الحالي، لقد دفع اليأس أسلافنا للعمل مع هذه المشكلة بطرق قد تبدو متطرفة لنا في الوقت الحالي، لكنها وبشكل ما كانت مشهورة وفعالة في وقتها.

لقد استخدم بعض المعالجين لعاب الضفدع علاجًا لبعض مشاكل الأسنان، في حين لجأ معالجون آخرون لاستخدام المسامير لتهييج المنطقة المصابة مما كان يؤدي إلى امتلاء الفم بالدماء.

جورج واشنطن وأسنان العبيد

حقيقة غريبة بشأن الرئيس الأمريكي جورج واشنطن تم تداولها في بعض كتب التاريخ، ففي كل الصور الخاصة به يظهر واشنطن بوجه عابس وفم مغلق بإحكام. يخبرنا بعض المؤرخين أن السبب يرجع إلى أن الرئيس الأمريكي كان يعاني من مشاكل مستمرة في الأسنان.

بعد أن فقد كل أسنانه قبل بلوغه عامه الواحد والعشرين، إلا واحدة؛ امتلك الرئيس الأمريكي مجموعة متنوعة من أطقم الأسنان، الغريب حول هذه المعلومة أنه يقال بأن واحدًا من تلك الأطقم كان قد صنع من أسنان بشرية حقيقية تم استئصالها من بعض العبيد.

لم تكن تلك هي المعلومة الغريبة الوحيدة حول أطقم أسنان واشنطن، بعض أشهر تلك الأطقم صنعها جون جرينوود، وقد صنعها من أسنان فرس النهر وعاج الفيلة، ورغم كل تلك المجهودات الكبيرة، لم يتخلص واشنطن من الآلام المبرحة الممتدة في حياته بسبب استخدامه المستمر لأكسيد الزئبق، وكان الزئبق أحد العلاجات الشهيرة للجدري والملاريا، ويعتقد البعض أنه كان المتهم الأول في مشكلة آلام الأسنان التي عانى منها الرئيس الأمريكي الراحل بشكل مزمن.

مواد غريبة لحشو الأسنان

معظم المواد التي تستخدم لحشو فراغات الأسنان في الوقت الحالي لم تكن موجودة قديمًا، بدلا من ذلك استخدم المعالجون بعض المواد التي، لم تكن فعالة في الأغلب بما يكفي.

لقد استخدموا خيارات متعددة من المواد لحشو تلك الفجوات، المواد الأكثر شيوعًا كانت الفلين المستخدم في غلق زجاجات الخمور، والرقاقات المعدنية والراتنج والصمغ.

وكما هو واضح فإن أكثر تلك المواد لن تكون حلًا طويل الأجل للمشكلة، فكان على هؤلاء المرضى أن يعاودوا زيارة أماكن المعالجين مرارًا وتكرارًا لحل نفس المشكلة، وربما يمتد العلاج المتكرر لها مدى الحياة. لذا يجب أن تعيد التفكير في كونك محظوظًا، فلديك الكثير من الخيارات الفعالة لعلاج تلك المشاكل في وقتنا الحالي.

جثة الفأر وفم السحلية.. اللجوء للخرافات

تولد الخرافة عادةً من تزاوج الجهل والمعاناة، فعندما يشعر الإنسان بالعجز تجاه مشكلة كبيرة، فإنه يلجأ لكل ما هو متاح، يمكن أن يقع علماء كبار ضحية للخرافة؛ فقد تتعجب عندما تعرف أن بيلينيوس الأكبر كان من بين مصدري تلك الخرافات، لقد نصح الذين يعانون ألم الأسنان أن يأتوا بضفدع تحت قمر كامل، يفتحون فمه ويبصقون فيه قائلين: «أيها الضفدع، اذهب وخذ وجعي معك».

لم تكن تلك هي الخرافة الوحيدة التي تبناها بيلينوس في قائمته الطويلة لعلاج ألم الأسنان، لقد قال بإمكانية إعادة سن متذبذب إلى وضعه الطبيعي من خلال تعليق ضفدع من فكه مباشرة في السن. كما أيد بيلينوس العادة المصرية القديمة بمضغ جثة الفأر بعد تشريحها، كما نصح باستخدام فم السحلية الذي تم إزالته تحت قمر كامل، وبودرة رأس الذئب المطحونة، وعظمة أذن الأرنب البري، وأقدام الخنزير، ولبن الحمار، وأسنان الضباع. لم يكن بيلينوس من مناصري حقوق الحيوان على ما يبدو.

بيلينيوس لم يترك مملكة البشر دون تحقيق أقصى استفادة، لقد تحول البشر بدورهم إلى أداة في منظومته المعرفية بالطبع. كان بيلينيوس مقتنعًا بأن التهاب اللثة يمكن التغلب عليه من خلال نثر بودرة أسنان مطحونة لجثة شخص توفي بعنف، بينما آمن أيضًا بفاعلية استخدام بعض الأعشاب الطبيعية بوصفها علاجات، لكنها يجب أن يتم استزراعها في وعاء عبارة عن جمجمة بشرية مقلوبة.

أدوات مرعبة

الكثير من الناس يكرهون زيارة طبيب الأسنان هذه الأيام بسبب بعض الآلات الغريبة في تصميمها والتي تصدر بعض الأصوات المخيفة، إن كنت من هؤلاء فعليك رؤية تلك الأدوات التي كانت تستخدم قديمًا في طب وجراحة الأسنان، قد تظن أنها أدوات للتعذيب في سجون الإمبراطوريات الكبرى، لكنها ليست كذلك. إنها مجرد أدوات طبية.

قوس الحفر (700 عام قبل الميلاد)

نشأت أدوات حفر الأسنان قبل 9000 سنة بحسب بعض المصادر. وكان موطن ظهورها الأول في وادي «إندوس» في الهند وباكستان الحالية، وكان قوس الحفر الخاص بالأسنان قد صُمم على شاكلة أقواس الحفر التي كانت تستخدم في إشعال النيران، مشتملًا على قوس خشبي مربوط بقائم دوار، وهذا القائم بدوره يمتلك رأسًا مدببة لثقب الأسنان لأغراض العلاج.

منقار البجع (القرن السابع عشر)

سميت تلك الأداة بهذه الاسم نظرًا لمحاكاتها لفم البجعة، وهي أداة لخلع الأسنان استُخدمت في القرن الرابع عشر وحتى القرن الثامن عشر. تتكون رأس البجعة من مخلب دوار مربوط على رمح قابل للتعديل والحركة، وكان خلع السن يوضع بين المخلب ورأس العمود ثم يُسحب.

مثقاب القدم يُحرك بواسطة القدم

إذا كنت من هؤلاء غير المحظوظين الذين خاضوا تجربة التعامل مع هذه الآلة فإن كل ما عليك هو أن تثق في قدرة طبيبك على التحكم بقدمه، واستخدام هذه الآلة كان يعتمد بشكل كبير على التعاون البصري الحركي بين العين والقدم للعمل على فجوات الأسنان في بداية القرن العشرين.

مفتاح الأسنان (نهاية القرن الثامن عشر)

كان المخلب يوضع بحذر وعمق بين السن واللثة، وبينما يدور أحد المخلبين بحذر، تُسحب السن بطريقة مفاجأة. عليك أن تتخيل هذه العملية بينما تقرأ وصف لطريقة عمل مفتاح الأسنان وستشعر كأن الذين أجري عليهم العلاج بهذه الطريقة كان ضحية لعنف أحد مجانين أفلام الرعب.

مقص التقليم (أوائل القرن التاسع عشر)

يبدو واضحًا من الاسم جنسية هذه الآلة، فهي آلة فرنسية استخدمت في العقد الأول من القرن التاسع عشر. كان هذا المقص يستخدم في علاج الأسنان المصابة عن طريق القبض على السن وسحبها بشدة من فوق حاجز اللثة.

ملقاط الأسنان المزود بالبرغي (منتصف القرن التاسع عشر)

هذه الآلة الغريبة تم اختراعها في أمريكا منتصف القرن التاسع عشر. تتكون من ملقاط للأسنان مزود ببرغي لولبي قابل للحركة رأسيًا. يوضع البرغي بواسطة الكلابين ليسكن في جذر السن بينما يتم استخراجها.

آداة هرس (طحن) اللسان ( منتصف القرن التاسع عشر)

بشكل مرعب ولا يصدق، كانت هذه الآلة، التي تبدو كأنها وسيلة تعذيب وليست آلة طبية، تستخدم في استئصال الجزء المتعرض للعدوى في اللسان لمنع انتشارها. يتم شد السلسلة على الجزء المصاب، ويتم الشد والضغط عليها باستخدام اليد الحديدية لمنع وصول الدم للمنطقة التي يتم استئصالها.

ساسة بوست


أخبار ذات صلة