اقتصاديون: إلغاء الدعم فكرة غير مقبولة حالياً وما هو مطروح لن يؤدي لجدوى اقتصادية
سياسة الدعم الحكومي في سورية ما لها وما عليها" عنوان طرحته كلية الاقتصاد بجامعة حلب في ملتقاها الاقتصادي النصف شهري عبر رؤية أكاديمية وعلمية سواء بطرح الموضوع كسؤال رئيسي أو تساؤلات تفصيلية أجاب عنها أساتذة الكلية المشاركون في الملتقى.
الدكتور عبد الناصر ناصر استعرض هوية الاقتصاد السوري مبيّناً أنه مرّ بمجموعة من الهويات المعلنة رسمياً بدأت منذ الاستقلال باقتصاد السوق الليبرالي وصولاً إلى ثورة الثامن من آذار عام 1963 والتي تبنت هوية التحول الاشتراكي الذي نص عليه دستور عام 1972 ومن ثم في منتصف الثمانينيات بدأ استخدام مصطلح التعددية الاقتصادية القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حتى وصل الاقتصاد السوري إلى محطة مفصلية مع إصدار قانون الاستثمار رقم 10 الذي شكل قفزة باتجاه توسيع الاعتماد على القطاع الخاص بشكل أكبر ، وصولاً إلى عام 2006 حيث تم تبني مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي إلى أن جاء دستور عام 2012 الذي اعتمد مبدأ العدالة الاجتماعية وأن كل هذه الهويات اعتمدت مبدأ الدعم، مضيفاً بأن الدعم الحكومي في الاقتصاد السوري في الفترة الأخيرة يتركز على السعر العام أي الدعم السلعي لسلع معينة وكان يستحوذ على أكثر من 90% من شكل الإنفاق العام في قائمة الدعم.
وأشار الدكتور ناصر إلى أن رفع الدعم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتضخم وانخفاض القوة الشرائية لليرة وأن كسر الحلقة المفرغة بما يكون برأيه بالبحث بالأسباب التي أدت إلى وجود الحالة التي تتطلب الدعم وهو انخفاض قوة الليرة مقترحاً تجميد القانون رقم 3 لعام 2020 الخاص بالحوالات الخارجية الأمر الذي سيؤثر على سعر الصرف، والإجراء الثاني السماح باستيراد السلع التي نحتاجها كالسكر والرز والزيت والمشتقات النفطية لكل من يريد الاستيراد دون حصر الاستيراد بالبعض فقط.
وعرض الدكتور كمال حاج عبدو بيانات الموازنة العامة في سورية ما بين عامي 2010 والموازنة المقترحة لعام 2022 مبيّناً وجود مجموعة من الخصائص في السنوات السابقة أولها انخفاض الإيرادات وارتفاع نسب العجز، كما أنه كان هناك توازن بين الإنفاق الجاري والاستثماري قبل 2011 أما في السنوات الأخيرة على سبيل المثال بعامي 2021 و 2022 المقدر بالإنفاق الجاري من 82 إلى 84% والانفاق الاستثماري لا يتعدى 15%، مؤكداً أن الحل لتعافي الاقتصاد السوري يجب البحث عن الإنفاق الاستثماري، وأنه في ظل الظروف الصعبة تأتي فاتورة الدعم الحكومي لتلقي عبئاً إضافياً على الموازنة العامة للدولة، .
واوضح أن مكونات الدعم الحكومي خلال الفترات السابقة هي المشتقات النفطية – الدقيق التمويني – الكهرباء – السكر والرز – صندوق المعونة الاجتماعية والصندوق الزراعي، مضيفاً أن الدعم الحكومي ما بين عامي 2015 و2022 يستنزف أكثر من 55 % من إيرادات الدولة وهو دعم يأخذ شكل الدعم السلعي وأن الإيرادات بالكاد تغطي كتلة الرواتب والأجور والدعم الحكومي، وبناء على ذلك يرى الدكتور حاج عبدو بأن الدعم المقترح لعام 2022 مقارنة بالكميات المستحقة لا يشكل أكثر من 47 إلى 48% من الدعم المطلوب، مستنتجاً في نهاية حديثه أن الحكومة غير قادرة على تلبية الوعود من حيث الكميات أو أنها ستقوم برفع الدعم تدريجياً أو رفع الأسعار لخفض قيمة الفاتورة أو كل الإجراءات مع بعضها البعض وهذا ما لا يمكن التنبؤ به حالياً.
وأكد عبدو أن نقطة ضعف الدعم السلعي بشكله الحالي أنه لا يلبي أكثر من 30 إلى 40% من حاجة المجتمع للمواد الأساسية، والدعم السلعي الحالي يتعارض مع مبدأ عدالة التوزيع فعلى سبيل المثال الأسرة التي تملك سيارة تحصل على دعم أكثر من الأسرة التي لا تملك سيارة وهنا – والحديث للدكتور حاج عبدو – لا نقول برفع الدعم وإنما نطرحه كمثال عن الآلية المتبعة.
ورأى الدكتور رائد حاج سليمان أن فكرة إعادة هيكلة الدعم قد تلحق بعض الضرر بمجموعة شرائح المجتمع لأن بعض ممارسي المهن التي سيتم استثناؤها من الدعم دخلهم الشهري منخفض، مؤكداً على ضرورة دعم مخرجات الإنتاج كونها ذات جدوى أكثر من دعم مدخلات الإنتاج، مبيّناً أن كل الخيارات صعبة نتيجة الظروف الحالية التي نمر بها نتيجة الأزمة ولكن يبقى إلغاء الدعم فكرة غير مقبولة خاصة في ظل هذه الظروف وأن كل ما يناقش بهذا الإطار لن يؤدي لجدوى اقتصادية.
الثورة