خبير اقتصادي للفريق الحكومي: ماذا أنتم فاعلون؟ هل زيادة السعر أدت إلى زيادة في الإنتاج؟ التحليق في فلك رجال الأعمال لا يحقق المراد
في هذا الزمن الحرج سمة إدارة الاقتصاد عنوانه المناكفة بين التجار والصناعيين وأعضاء الحكومة. منذ استلام الحكومة لمهامها لم تطرح ما يمكن اعتباره حلولاً إستراتيجية أو رؤية إستراتيجيه تخص المجتمع السوري. فالوقت مخصص للمناكفة فقط وإهمال تقارير أممية تقول إن قرابة 12 مليون مواطن يعانون من انعدام الأمن الغذائي أي ٦٠ بالمئة من السكان.
إن أهم المحاور التي عملت عليها الحكومة خلال الأشهر الماضية هي مجموعة مناكفات مع التجار والصناعيين.
موضوع الاستيراد وقوائمه التاريخية. مشكلة إعفائهم من الرسوم الجمركية. مشكلة استيراد (الشراطيط) الأقمشة المسنرة. مشكلة السكر، مشكلة الزيت، وأتى موضوع توفير المازوت بـ١٧٠٠ ليرة للصناعيين، واعتبر القرار زلزالاً سيقضي على السوق السوداء. واعتمد الترقيع والتشقيع في معركه ضد الاحتكار والسوق السوداء من دون التفكير بتوفير مقومات مثل هذه المعركة.
لجنة اقتصادية ولجنة رسم السياسات والإستراتيجيات وهيئة تخطيط الدولة ومجلس النقد والتسليف ومجلس استشاري، لم يطرحوا أي رؤية أو إستراتيجية لمواجهة ما هو قادم. إنها مشكلة شعب وهذا يعني أن حل مشاكل القطاع الصناعي والتجاري ليست حلولاً شعبوية بقدر ما هي حلول جزئية وتفصيل صغير أمام ما ينتظرنا.
من المعروف أن رجالات الدولة يطرحون حلولاً وأفكار حلول إبداعية على مستوى دولة وليس على مستوى قطاعات. يخوضون معركتهم تحت شعار التشاركية، إلا أن هذه التشاركية تحقق مزيداً من المكاسب لرجال الأعمال على حساب الشعب والاقتصاد الوطني. وبات الشغل الشاغل للحكومة الاستمرار في نقل القوة من الدولة إلى رجال الأعمال. وباتت قضايا الشعب والاقتصاد الوطني قضية ثانوية فبمراجعه بسيطة للقرارات التي صدرت سنكتشف أنها تصب في خانة قطاع معين وتحقق مصلحته مقابل قرارات تزيد من معاناة الشعب والضغوط المعيشية، وكأن دعم قطاع الصناعيين والتجار يأتي في إطار خدمة فئة معينة من المقتدرين والمؤمنين غذائياً.
تقرير منظمة الغذاء والزراعة العالمية عن سورية يقول يجب ألا تكون الزراعة مسألة ثانوية في سورية، ويجب حماية واستعادة الأمن الغذائي وفرص العمل والنمو الاقتصادي والموارد الطبيعية والتماسك الاجتماعي.
ماذا فعلت الحكومة أمام ذلك؟
تقرير منظمة الأغذية والزراعة العالمية عن سورية يقول: إن الإنتاج الزراعي للقمح في العام الماضي لم يتجاوز ٤٠٠ ألف طن وهو يشكل ١٥ بالمئة من حاجة البلاد. وبلغت كميات القمح المستوردة من روسيا العام الماضي ١.٥ مليون طن، وإن خسائر القطاع الزراعي في سورية بلغت أكثر من ١٦ مليار دولار. أي ما يعادل ٤١ بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي من المنتجات الزراعية. هذه الأمور ستؤدي إلى زيادة الفجوة التنموية بين المناطق الريفية والحضرية.
السؤال ماذا أنتم فاعلون؟ هل زيادة السعر أدت إلى زيادة في الإنتاج؟ ما إستراتيجيتكم لتأمين القطع اللازمة لاستيراد القمح؟ ما سيناريوهات الحلول للحد من الفجوة التنموية بين المناطق الريفية والحضرية؟ ما حلول البطالة؟ كيف تفكرون لخلق أقنية تنساب منها موارد القطع للخزينة؟ ما هدفكم من اللهث والتفكير بتأمين القطع اللازم للتجار والصناعيين أمام معاناة الشعب بارتفاع الأسعار المستمر.
أعتقد نواقيس الخطر تقرع بقوة إن كان على مستوى الاقتصاد السوري أو على مستوى الاقتصاد العالمي، والتقارير الأممية تحذر وأنتم تحصرون تفكيركم بحل مشكلة الشراطيط ولتر الزيت وكيف سترضون رجال الأعمال الذين يعملون من أجل مخلوقات فضائية قادرة على الاستهلاك تغنيهم عن المستهلك السوري.
نحن أمام خطر حقيقي يلزمه عصف فكري لخلق البدائل، فانتظار المطر مكلف أكثر بكثير من إيجاد بدائل حلول على مستوى دولة، ولا يمكن الاستمرار بنهج ونمطية تفكير متقوقعة بحل وإدارة مشاكل قطاع معين وإهمال قطاع الشعب.
نحن نناشد للإسراع بإعادة هيكلة كل اللجان والهيئات والمجالس المسؤولة عن الشؤون الاقتصادية والنقدية والمالية. فالوقت ليس لمصلحتنا. ونعتقد أن هناك الكثير من الحلول الإبداعية والكثير من الخبرات ما عليكم إلا مناقشتها والاستماع لأفكارها. فسياسة الدوغماتية بالتفكير والتحليق في فلك رجال الأعمال لا تحقق المراد.
عامر الياس شهدا
الوطن