فؤاد اللحــام يكتب.. رجل أعمال أم مالك أموال ؟
على الرغم من الفارق الشاسع بين التسميتين إلا أن الأمور على ما يبدو قد اختلطت في بلدنا بشكل لم يعد بالإمكان التمييز بينهما بسهولة. فكل منهما يعرف نفسه أو يعرف به الآخرون على أنه رجل أعمال وفي معظم الأحيان يضاف إليها ناجح أما لماذا وكيف نجح فهذه مسألة خلافية أخرى.
رجل الأعمال أو كما يسمى أحيانا” بالمستثمر أو المستحدث هو قبل كل شيء قدرة وإمكانية وكفاءة في تنظيم وتوظيف مجموع عناصر الانتاج لإضافة قيم حقيقية لها تفوق ما هو موجود أو متاح في كل منها بشكل منفرد وبالتالي فليس بالضرورة أن يكون رجل الأعمال كما يفهم الآن مالكا” لملايين أو مليارات لأن الملكية هنا ليست الأمر الأساسي والوحيد. ولهذا لايجوز أو يصح أن نسمي كل من يملك رأسمالا” سواء كان من حديثي النعمة أو ومن في حكمهم رجل أعمال ولو أدعى هو ذلك أو ادعاه له الآخرون .
والموضوع ليس موقفا” مزاجيا” أو تعسفيا” وإنما تعبير عن واقع و حاجة ضرورية لتمييز دور هؤلاء وأولئك والتعامل معهم في مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، خاصة وأن أصحاب رؤوس الأموال إياهم هم الأكثرية البارزة التي تطفو على السطح الآن وهم الذين أوصلوا رجال الآعمال الحقيقيين إلى حالة من الغربة والاغتراب وأفسدوا كافة المعايير والأخلاقيات التي كانت تحكم عملنا الصناعي والتجاري في المرحلة المنصرمة، ودشنوا مع ومن خلال امتداداتهم في بعض المراكز هنا وهناك مختلف أساليب الفساد والإفساد التي تجلت في نهب واستباحة المال والصالح العام.
بين هؤلاء وأولئك فروق شاسعة في الفكر وأساليب العمل واخلاقياته وعلاقاته. هذه الفروقات تأتي من كون رجل الأعمال له جذوره في الأرض التي يعمل عليها ولها ولهذا فهو كأساس من الاسمنت المسلح يرتكز عليه البنيان الاقتصادي والاجتماعي في البلاد في أوقات الرخاء والشدة . في حين يعتاش الثاتي بدون جذور على غيره ويتنقل من مكان إلى آخر ومن نشاط إلى آخر يستغل الثغرات هنا وهناك و يمتص خيرات البلاد ويحولها للخارج حتى دون أن يحاول توظيف جزء منها في الأرض التي ولدتها وهو بهذا يمثل الأساسي الملحي الهش الذي لايستطيع الصمود أو تحمل أية هزة أو أزمة بل أنه وكأمثاله في البلدان الأخرى العربية وغير العربية كثيرا” مايساهم في ازداد واتساع حالة التردي أو الآزمة التي قد تواجهها هذه البلد أو تلك ومنذ لحظاتها الأولى . وعلى الرغم من كل حالات الغوغائية التي يطلقها أو يحيط بها نفسه أو يحيطه بها الآخرون من المطبلين والمزمرين فإن الفرق يبقى بين من يخلق الأزمة ليستفيد منها ومن يتحمل هذه الأزمة ويساهم في معالجتها ليزيد من منعة البلد الاقتصادية والسياسية .
من المؤسف أن يساوى بين الاثنين و أن يطالب بتحقيق مصالحهما مع تباينها وتناقضها سواء فيما بينهما أو مع مصالح البلد . وفوق ذلك وأهم منه أن يسمح لهذه الفئات الطفيلية ورموزها أن يتصدروا الواجهة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وأن يسيئوا إلى صناعتها وتجارتها وينشروا مفاهيمهم الخاصة ويقدمونها كأخلاقيات وأساليب رجال الأعمال .
أليس مطلوبا” من الدولة حفاظا” على مصلحتها ومصلحة كافة المواطنين حاضرا” ومستقبلا” ” أن تساعد في إعادة الاعتبار لتلك القيم والأخلاقيات ؟ ثم أليس مطلوبا” أن تبادر غرف الصناعة والتجارة في إعادة تقييم دورها ومهامها وأسلوب عملها بشكل يساعد على منع تدهور هذه القيم و الانقضاض على البيئة التي أفرزتها وتحافظ عليها؟
الصناعي