وزيرة سابقة: الشروط الجديدة للحصول على دولار الاستيراد ستزيد حجم الفساد
صدر عن مصرف سوريا المركزي شرح للقرار المتعلق بعملية تمويل المستوردات (الحصول على دولار للاستيراد)، حيث وكّل بهذه العملية فقط البنوك وشركات الصرافة العاملة في سوريا، وربط عملية الحصول على إجازة استيراد والتخليص الجمركي بكتاب توجهه شركات الصرافة أو البنوك إلى الجهات المعنية فيه ذكر للفاتورة والمبلغ الذي تم تمويله، وحذر المستورد الذي يخالف هذه التعليمات مؤكداً أنه سيعرض نفسه إلى الملاحقة بجريمة غسل الأموال ومخالفة تهريب وسائل الدفع بالعملات الأجنبية إلى خارج البلاد.
ولاقى قرار المصرف انتقادات من تجار ورجال أعمال سوريين، معتبرين أن القرار من شأنه أن “يُخرج العديد من التجار والصناعيين من نشاطهم الاقتصادي، بسبب عدم قدرتهم على تحقيق المحددات والمعايير التي اشتملها القرار”.
كيف تتم عملية تمويل المستوردات
وفق قرار المصرف المركزي الجديد، ستتم عملية تمويل الاستيراد بموجب اعتمادات مستندية أو بموجب مستندات تحصيل مستحقة لدى الاطلاع أو مؤجلة الدفع أو مستندات مقرونة بشرط الدفع المسبق، أو بيع القطع الأجنبي للمستورد عن طريق المصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي، أو بيع القطع الأجنبي للمستورد عن طريق إحدى شركات الصرافة العاملة ضمن إطار عمل اللجنة المشكلة بقرار رئيس حكومة أو من حسابات المستورد في الخارج.
التعليمات الجديدة لتمويل المستوردات هي تسهيلات أم ضبط لسعر الصرف
بحسب ما قالته وزير الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي فإنه من الواضح من القرار أنه يهدف للتحكم بسعر صرف العملات الأجنبية مقابل سعر الليرة السورية، وينظم الطلب على الدولار بغية الاستيراد بعيداً عن آليات السوق ولجم المضاربة التي قد تلعب أدواراً اقتصادية سلبية، خصوصاً في ظروف سياسية حساسة معقدة.
إلا أن الموضوع وفقاً للدكتورة لمياء يحمل في طياته تعقيدات وإجراءات إضافية تزيد في صعوبة عملية الاستيراد، وقد لا يحقق الغاية المرجوة منه بضبط سعر الصرف، ويتم الالتفاف على هذه القرارات بطرق عدة، إذ أن ربط شركات الصرافة ووزارة الاقتصاد التي تصدر إجازات الاستيراد والجمارك التي تقوم بعملية تخليص البضائع، تستلزم الربط الشبكي والتجهيزات المعلوماتية وقدراً عالياً من القدرة على ضبط كل المدخلات والمخرجات بدون تلاعب بالمعلومات وبدون أن يكون الفساد هو اللاعب الرئيسي خصوصاً في العمل الورقي.
وهنا أشارت وزير الاقتصاد السابقة إلى أنه عندما تزيد المعوقات والإجراءات الإدارية تصبح تكلفة السلع أكثر وتصبح عملية الاستيراد صعبة ومثقلة بالكثير من الإجراءات، هذا من شأنه تقليل عدد المستوردين، وهذا يسمح بزيادة منسوب الاحتكار، ومزيداً من التحكم بالأسواق بعيداً عن سعر الصرف، لافتةً إلى أن سعر الصرف ثبت مدة الثلاث أشهر الماضية ولم نشهد هبوط سعر مادة واحدة بل ارتفع سعر كثير من السلع.
وعن الحل لتمويل المستوردات بدون تغير في سعر الصرف، تحدثت د.لمياء أن الحل الوحيد لتمويل المستوردات بدون الخشية على سعر الصرف من التذبذب، يكمن في زيادة “الواردات الدولارية” لمصرف سوريا المركزي وتأمين مصادر أكثر للقطع الأجنبي، سواء من الحوالات الخارجية أو التعهد بإعادة القطع الأجنبي للمصدرين، أو غيرها من الواردات الدولارية للخزينة العامة.
ونوهت د.لمياء بأنه تمت المطالبة سابقاً بالتعهد بإعادة القطع الأجنبي للمصرف المركزي ورفض المصدرين مبدأ الإعادة، مع أن تمويل المواد الأولية كان من المركزي وبسعر خاص للدولار وتم إعفاء المواد الأولية من الجمارك، ومع ذلك لم يقبل المصدرين بإعادة ولو نسبة من القطع الأجنبي… حديثاً، أنهى البنك المركزي هذه المسألة وأصدر قرار منه بإلزام المصدرين بإعادة ما نسبته 50% من قطع التصدير بسعر السوق الموازية أو السوداء، مبديةً استغرابها “لا أحد يعرف لماذا تأتي الحلول متأخرة”.
تطبيق التعليمات الجديدة بشكل فعلي
تعتقد الدكتورة لمياء أن التطبيق الفعلي لهذه التعليمات سيزيد من حجم الفساد، خصوصاً بغياب الأتمتة الشاملة والربط الشبكي بين الجهات المعنية، مضيفةً “لا أتوقع أن تطبيق القرار سيحقق الغاية المرجوة منه بالسيطرة على سوق الصرف، والدليل أن الدولار بدأ بالارتفاع رغم إجراءات أخرى كان قد اتخذها المركزي سابقاً ومازال، لتجفيف السيولة النقدية، سواءً من خلال تقييد السحب اليومي من البنوك وتقييد التحويل اليومي أو السفر بالأموال بين المحافظات، وهذه الإجراءات أضرت كثيراً العملية الإنتاجية والاقتصادية بشكل عام دون أن تحقق التحكم بسعر الصرف، إضافة إلى أن سعر السلع بقي على حاله رغم انخفاض سعر الصرف بسبب الاحتكار”.
هروب مزيد من رؤوس الأموال السورية باتجاه بلدان الجوار
تجدد وزير الاقتصاد السابقة تأكيدها أن التعليمات الجديدة تهدف إلى ضبط سعر الصرف، إلا أنها تعتقد أن هذه القرارات ستقلل عدد المستوردين وتجعله محصوراً ببعض الأسماء المعروفة التي تتمكن من الالتفاف على ما جاء في هذه التعليمات.
مع التأكيد بأن القرارات سيؤدي إلى موجة ثانية من هروب الرساميل إلى دول أخرى يكون فيها الاستيراد ليس معقداً ومثقلًاً بكل هذه الإجراءات والقرارات التي لا يقدر عليها إلا العشرة المبشرين بالجنة، على حد تعبير الدكتورة لمياء.
المواد المسموح تمويلها
حددت حكومة حسين عرنوس في 3 من حزيران المواد الأساسية والاستهلاكية المسموح بتمويل مستورداتها، وفق سعر صرف الدولار في النشرة الرسمية والمحدد بـ 2525، وبعمولة لا تتجاوز 10 %.
ووفقاً للقرار الصادر عن رئيس الحكومة، فإن اللائحة الأولى تضم المواد الأساسية الرئيسة، مثل السكر والرز والزيوت الخامية والمواد العلفية والمتة والذرة والأدوية البشرية والمواد الأولية للأدوية البشرية وحليب الأطفال الرضع.
كما نص القرار على السماح باستيراد الأسمدة والبذور الزراعية وبيض التفقيس وصيصان لأمات الفروج والبياض ولجدات الفروج والمعدات والكواشف المخبرية والمحاليل الخاصة.
أثر برس