بثينة شعبان تكشف: وزير الخارجية الصيني طلب موعداً يوم القسم الدستوري ليكون أول المهنئين للرئيس بشار الأسد
كشفت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية، بثينة شعبان، أن زيارة وزير الخارجية الصيني إلى سورية في هذا التوقيت كانت مقصودة وأن الوزير الصيني طلب موعداً يوم القسم الدستوري ليكون أول المهنئين للرئيس بشار الأسد، وهذا موقف الصين من سورية ومستقبل سورية والدور الصيني في سورية، مبينة أن الزيارة كانت موفقة جداً واللقاء مع الرئيس الأسد كان ودياً ومنتجاً وفعالاً.
وأشارت شعبان إلى أنه جرى توقيع اتفاقات في وزارة الخارجية والمغتربين بين الجانبين السوري والصيني، وعلى رأسها أن سورية ستكون جزءاً من مشروع الحزام والطريق وهذا الأمر في غاية الأهمية لمستقبل سورية.
وبينت أن الوزير الصيني نقل تحيات الرئيس الصيني شي جينبيغ للرئيس الأسد، وقال: يسعدني أن نكون نحن في الصين أول المهنئين بتوليكم رسمياً مهامكم الرسمية في الجمهورية العربية السورية، مبينة أن الوفد الصيني يضم نائب وزير التجارة الصيني وكانت المحادثات غنية جداً.
وبخصوص خطاب القسم، بينت شعبان أن الرئيس الأسد حاول في الخطاب أن يستخلص الدروس مما حدث لسورية، ولماذا حدث هذا الأمر، ولماذا حدثت هذه الحرب على سورية، وما الذي كان ممكناً أن يكون في هذا المسار الذي خضناه لمدة عشر سنوات، معتبرة أن الرئيس الأسد كان صريحاً جداً وشفافا في أن يتحمل السوريون جزءاً من هذه المسؤولية، كي لا نقع بالأخطاء نفسها التي وقعنا بها في الماضي، لذلك ركّز على المفاهيم المجتمعية وما أسماه المُسلّمات وأن هذه المفاهيم مهمة جداً في صياغة مواقف المواطنين، وذلك في مقابلة مع الإعلام الرسمي.
ولفتت شعبان إلى أن الرئيس الأسد لخص هذا الأمر بالانتماء، «هل كان هناك خلل ما بالانتماء»، إضافة طبعاً للمؤامرة الخارجية والتمويل، وهذا أمر مفروغ منه، لكن السيد الرئيس ركّز في هذا الخطاب على ما يمكن للسوريين أن يفعلوا وما هي مسؤوليتنا نحن كسوريين سواء بالنسبة للحرب التي جرت أم بالنسبة للمستقبل بحيث قدّم رؤية شاملة تتناول الأسباب وتحاول أن تضع الأسس لتلافي هذه الأسباب، وبالتالي تضع الأسس لمستقبل أفضل بحيث لا نقع بهذا الأمر مرة أخرى.
شعبان لفتت إلى أن سبب المشكلة بالحرب على سورية والحرب الممنهجة التي شنت عليها هو نتيجة مواقف سورية وموقعها الجغرافي، وما يجري في المنطقة وضرورة كسر عمود فقري في هذه المنطقة وهي سورية، لكن الرئيس الأسد ركّز في خطابه على عوامل داخلية مساعدة في هذا الأمر، وهذا ما استهدفه في كلمته من أن هذه العوامل لو انتفت ربما لما تمكّن الآخرون من أن ينفذّوا مخططاتهم مهما بلغ التمويل ومهما بلغت قدرة الدول، وهو تحدث في جانب آخر عن الحرب النفسية.
وأضافت: «رأيت أن ما تحدث به السيد الرئيس هو ضرورة التحصين النفسي والتربوي الداخلي للسوريين لكي يكونوا أمتن في وجه هذه الحروب النفسية، وفي وجه المفاهيم التي تبث في الخارج، والحقيقة أن هذا موضوع حيوي ليس فقط في سورية ولكن في كل العالم، فالفرق بين الصورة والواقع هو فرق جوهري ويحتاج لوعي شديد لنميز بين من يصطاد في الماء العكر ويزوّر الواقع ويذر الرماد في العيون، وبين واقع الأمر وحقيقته، وبهذا المعنى التركيز على المفاهيم».
ولفتت شعبان إلى أن الرئيس الأسد ركّز على القيم العائلية المجتمعية، لأن جزءاً أساسياً من هذه الحرب كان استهداف قيمنا، وكذلك ركّز الرئيس الأسد على العيش المشترك وعلى وجود الطوائف والديانات والعقائد المختلفة، حيث أكد أنها مصدر غنى وليست مصدر تفريق، وجمعها كلها في موضوع العروبة التي لديها كل هذه المكونات والتي يجب أن تكون مصدر قوة وليست مصدر ضعف.
وقالت: «كلنا يعرف أن اللغة التي يتحدث بها أعداؤنا ويتوجه بها الخصوم إلى بلداننا هي اللغة الطائفية، في حين هذه المنطقة هي منطقة عيش مشترك ومنطقة محبة منذ آلاف السنين، وتملك أدياناً وقوميات وأعراقاً وطوائف، لكن المنطق الذي جاء به الأعداء هو منطق خطير، ومنطق الفرقة الطائفية مكتوب عنه عشرات المقالات في الغرب والتي تسعى لدب الفرقة بين أبناء الشعب الواحد».
وبالنسبة لموضوع النأي بالنفس، لفتت شعبان إلى أن الرئيس الأسد لم يقصد فقط الآخرين الذين تحدثوا بالنأي بالنفس عن سورية وقت الشدة، ولكن أيضاً تحدّث عن السوريين الذين طالبوا بالنأي بالنفس عن قضايانا، وهذا منطق خاطئ لأن من طبّع مع «إسرائيل» أصابته الويلات، والرئيس يقصد أنه ما لم يكن هناك تكاتف عربي إقليمي لن يكون هناك حلول، وهذا واقع وليس حلماً أو تضخيماً.
وبينت شعبان، أن الرئيس الأسد ميّز بين الشعوب والحكومات، فإذا كان الواقع غير مؤهل لكي نتحدث عن تكاتف أو تنسيق عربي فهذا لا يعني أن التنسيق ليس ضرورياً أو أن نتراجع أو نغيّر المفهوم، فيجب أن نقتنع جميعاً بأن العلاقات بين دول الجوار والمنطقة هي علاقات أساسية وجوهرية لنمو الشعوب ومستقبلها، وهناك الكثير من العروبيين والمؤمنين بهذه الفكرة لكن كون الظروف صعبة فهذا لا يعني أنها ليست ممكنة.
وأضافت: «أحياناً بلدان وشعوب تناضل لسنوات حتى تصل لوضع سليم وصحيح ومجدٍ، ونحن في سورية كما قال السيد الرئيس قدرنا أن نناضل ونتمسك بالمفاهيم السليمة والجوهرية لعروبتنا وبلداننا إلى أن نتمكن من تحقيقها».
وبخصوص الطروحات الخبيثة المرتبطة بالدستور السوري، أشارت شعبان إلى الطروحات التي كانت تطالب بتعليق الدستور تحت مسمى «وجهة نظر»، والتي تشكّل مكمن الخطورة، حيث يتم طرح مفهوم خطير على البلاد ويعتبر «وجهة نظر» لاسيما أنه أتى من شخصيات وازنة أو شخصيات كان لها ماضٍ في الحكم بالبلاد، مؤكدة أننا لن ننال رضا الغرب بمحاولة الاستجابة لطلباته المدمرة لبلدنا، فتعليق الدستور هو أمر في غاية الخطورة وتغيير الدستور أمر قد يكون كارثياً على البلاد وخاصة تغييره بما لا يخدم الشعب السوري.
وأضافت: «حين يكون الدستور موضوعاً من قوى هي خصم فهذا أمر في غاية الخطورة، وليس من السهل أبداً تغيير الدستور بعد ذلك، فالدستور هو صمام الأمان في البلد، وإصرار الدولة السورية على إجراء الانتخابات في وقتها، وعلى تغيير الدستور كما يريد الشعب السوري وإخضاعه للاستفتاء الشعبي، هو من الأمور التي لا يذكرها الكثيرون، لكنها من الأمور الجوهرية التي صانت البلاد، لأنه لو ابتلينا بدستور على هوى من يستهدفنا لكان هذا الدستور كفيلاً بتدمير بلادنا»، معتبرة أن من يطرح الحل السياسي هو نفسه من أرسل الإرهابيين إلى بلادنا ومولهم وسلحهم ودمر منشآتنا وألحق الكثير من الخراب في بلادنا وقتل أبناءنا، فمن أرسل الإرهابيين هم أعداء للشعب السوري، وبالتالي من يطرح طروحات الحل السياسي وتغيير الدستور هم أعداؤنا ويستهدفون سورية.
وشدّدت شعبان على أنه علينا أن نتمتع بدرجة عالية من الوعي وأن تكون مرجعياتنا من صنع أيدينا وليس من صنع الآخرين وهذا أمر في غاية الأهمية. ولفتت إلى أن الرئيس الأسد تحدث عن عدم وجود منطقة رمادية فالخيانة ليست وجهة نظر، وهو وجّه الدعوة لمن يريد التراجع عن الخطأ وبأن الباب مازال مفتوحاً.
وأشارت إلى أن الرئيس الأسد تحدث عن فلسطين، وذكّــر بأن الموقف من فلسطين ثابت ولا مساومة عليه مهما كانت الظروف، وكذلك الموقف من الجولان العربي السوري المحتل، مؤكدة أنه في حال لم تسمح موازين القوى بحرب فورية لتحرير الأراضي فهذا لا يعني أنه لا يوجد صيغ أخرى يستطيع الشعب السوري بدعم ومساندة من الدولة السورية القيام بها، والرئيس الأسد وضّح أنه حين تكون هناك مقاومة للاحتلال، فإن من واجب الدولة أن تدعمها وأن تقدم يد العون لها، فتحرير الأراضي المحتلة هو أولوية دائمة من أولويات الدولة السورية مهما تعقدت الوقائع.
المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية، أشارت إلى أن فكرة التعافي لا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها في ظل حرب مدمرة استهدفت البلاد لأكثر من عشر سنوات، ولفتت إلى أن الرئيس الأسد ركّز على أن الدولة بذلت جهوداً كبيرة لتثبيت سعر الصرف، وكذلك زيادة المنشآت الصناعية، وأكد أنه حين تكون هناك إرادة سيتم المستحيل وزيادة الإنتاج هي الضمان الوحيد الأساسي للشعب السوري سواء الزراعي أم الصناعي والاعتماد على الذات ونكتفي ذاتياً.
شعبان لفتت إلى أن الرئيس الأسد قال لكل مواطن أن هؤلاء الجرحى والشهداء لهم فضل عليك، فلولاهم ولولا أنهم سقوا تراب الوطن بدمائهم وأنهم خسروا قطعة من جسدهم لما كانت سورية كما نراها اليوم، وهذا أمر يجب أن يكون ضمن التفكير البنيوي لكل مواطن وحتى لكل طفل، وحتى بالمناهج التربوية، تقديراً لما قدموه والشعب قادر على اختراع الطرق التي يجب أن يعبر عنها عن القيمة الكبرى التي يمثلونها بالمجتمع.
وبخصوص العلاقة مع الأصدقاء والحلفاء، لفتت شعبان إلى أن الرئيس الأسد شكر الصين وروسيا وإيران على دورها المهم في مساعدة سورية، لكنه أكد كما فعل في عدة مرات أن الدور الأساسي كان على الدوام للجيش العربي السوري والسوريين فلو لم نصمد لما وجد الحلفاء والأصدقاء من يدعمهم، وهو يعوّل بشكل أساسي على الشعب السوري في كل مفصل وهو يعلم أن للأصدقاء والحلفاء إستراتيجيات وربما اختلاف في وجهات النظر، لكن القاعدة الأساسية أن الحلفاء هم مع مصلحة الشعب السوري ومع الندية بين سورية وبينهم، وهناك خريطة سياسية ممتازة بيننا وبين الحلفاء ولكن الاعتماد الأساسي على أنفسنا.
شعبان لفتت إلى أن الرئيس الأسد قدّم رؤية وليس وعوداً، وهو يحب أن يعمل ومن ثم يتحدث، معتبرة أن خطاب القسم يشكل رؤية لما يجب القيام به من قبلنا جميعاً وخطة عمل تحتاج إلى خطة تنفيذية، وواجب الحكومة القادمة دراسة هذا الخطاب ووضع خطوات تنفيذية لهذا الخطاب ومنهجية عمل في المجالات المختلفة.
وقالت: «من المهم أن يحصل تغيير في الذهنية وهذا ينتج تغييراً حقيقياً على الأرض، فإذا اقتنعنا أننا قادرون على الإنتاج وأن لا نسكت عما نراه يضر بالوطن، يمكن جداً للرؤية التي وضعها الرئيس الأسد أن تكون منتجة خلال وقت ليس طويل وإنما قريب».
واعتبرت شعبان أن المتغيرات الدولية موجودة على الدوام لكن نحن لا نعوّل على أن هذه المتغيرات من الممكن أن تنقذنا أو أن تكبلنا، وهناك العديد من التجارب لدى حلفائنا ومنهم الصين وإيران وكوبا والتي استطاعت تحويل العقوبات الأميركية إلى فرصة في تطوير ذاتها، فالعقوبات الأميركية ليست قدراً يقتل الشعوب إذا كان لدى هذه الشعوب الإرادة والإمكانية، وخصوصاً أن الشعب السوري قادر على صناعة مستقبله بيده».
وأوضحت شعبان، أن سورية التي تعرضت لكل الغزاة تمكّنت من دحر هؤلاء الغزاة وبقي الشعب السوري الذي يستحق الحياة وقادر على صنعها بأبهى صورها.
الوطن