تخمة في زمن الأطباق الخاوية
مرًت الأيام العشرة الأولى من الشهر الفضيل، وخابت آمال مئات آلاف الفقراء في سورية ممن احتفظوا في ذاكرتهم القديمة ببقايا صور سابقة لفعل الخير والمبادرات الطيبة التي اشتهرت بها غرف التجارة عبر تاريخها الطويل..
وبات مدهشا لدرجة الاستفزاز أن لا تحرك أي غرفة - لا في دمشق ولا سواها - ساكناً بطواقمها الصامتة المنكفئة والسلبية لأقصى درجات السلبية..
وان لا تسعى أي غرفة لمجرد رفع العتب أمام دور تقليدي ومسؤولية وواجب اجتماعي وأخلاقي تلكأت وأخفقت وتوانت عنه فأخذته وتولته وزارة الأوقاف لتملأ فراغٍ لا يجوز أن يبقى بل ومن المعيب والكارثي أن يبقى..
تجاهل التجار بغرفهم مسؤولياتهم تجاه فقراء بلدهم، وعلى الرغم مما يتركه من أثر ورضّ عميق في نفوس من تأملوا خيراً، يبقى هيناً وبسيطاً أمام الأخطر الذي يستوجب بحث عن مفردات جديدة لتوصيفه، وهو إمعان التجار ولاسيما أعضاء مجالس الغرف، باستفزاز الأهالي والفقراء عبر استعراض العزائم ودعوات الترف وتوزيع صور يتحلّقون حول الموائد العامرة في فنادق الخمس نجوم..وطبعاً لم ينسوا الدعاء لبعضهم بعبارة " تقبل الله طاعتكم وصيامكم" ..ضاربين بعرض الحائط مشاعر كل المنكوبين والمأزومين في بلد حرب السنوات العشر .. وغير مكترثين بروائح تجشؤاتهم العطنة ما بعد الوجبات الدسمة التي أزكمت أنوف من رأى حتى ولو مجازياً في الصورة.
لقد فوتت الغرف التجارية فرصة تاريخية في الشهر الفضيل لغسل سلبيتها ونفض غبار الترهل والنعاس عن مجالسها الغائبة كلياً عن الساحة..بل والغائبة عن هذا العالم كما يتندر بعض المراقبين عن قرب.
قد يكون هؤلاء نسوا أو تناسوا أنهم عبارة عن "مؤسسة أو مؤسسات" عليها سلسلة واجبات ومسؤوليات ..وليسوا مجرد أصحاب دكاكين هاجسهم غلة نهاية اليوم...حتى أصحاب الدكاكين يتركون ويخصصون للشهر الفضيل قدر ما لإنفاقه على شكل زكاة أو صدقة ..
الواقع هي سلبية قاتلة للغرفة..ظهرت بصورة بشعة في شهر الخير ..لكنها امتداد لحالة تشبه الشلل تغلف أداء هذه الغرف وتهدد الاقتصاد السوري ..نعم تهدده لأن غرف التجارة تكون عادة رائدة في الحراك والفعالية ومحركاً للمبادرات وليست مجرد هيكل كئيب عبئ الحكومة والمواطن والبلد عموماً.
الاقتصاد اليوم