مع الله الحياة مثل تخطيط القلب.. إذا كان على خط واحد فهذا يعني أنك ميت!
صاحبة الجلالة _ ماهر عثمان
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
الله أقرب ما يكون للإنسان.. أقرب إليه من روحه ومن حبل الوريد.. فهو موجود في كلّ لحظة وخلجة وخفقة، وهذا من باب ربوبيّته ورحمته ولطفه وعطفه ومحبّته وحرصه على خلقه.. وهذا القرب وهذا الحضور لله في حياة خلقه هو نعمة من أهم النعم الّتي أنعم بها الله على الإنسان .
وحول علاقة الإنسان بالله يحدثنا الخطيب والمدرس الديني فضيلة الشيخ عبد الرزاق السمان
فيقول:
مع الله .. ماذا تعني هذه الكلمة؟
بمسح ميداني سريع، قد نلاحظ انفكاكاً في السلوك، وازدواجية في السلوك، لاحظوا معي:
هناك من رفع شعار: الغاية تبرر الوسيلة!
كيف؟
كان يغش في أيام الامتحان ولم يبالِ بأن الغش حرام وتصرف سيء، ورغم هذا كان ناجحاً في الاختبار!
كان يستغل الناس في بيع بضاعته الرديئة وغير الصالحة ويعرف أن هذا حرام، ولم يبالِ، ورغم ذلك اصبح في النهاية من الأغنياء!
كان يؤذي الناس بكلامه الجارح وتصرفاته السيئة وغير الأخلاقية ولا يهتم بما يقول ويفعل، ورغم هذا لم يحصل له شيء سيء.
كانت متعددة العلاقات مع الشباب وتتكلم مع كل من هبّ ودبّ، ولم تبالِ بسمعتها وسمعت عائلتها، وفي نهاية المطاف فقد خُطبت من قبل شاب آخر غير أولئك الشباب!
كانت متبرجة سافرة، وتركت الحجاب وكل ما يتعلق بالدين والتدين، ولم تهتم بما يقال عنها، وفي النهاية قد تزوجت!
كان همه الوحيد هو التقدم بأي طريقة كانت، وإن كانت غير شرعية، وبأي اسلوب!
كان المهم عنده أنه يرتفع ويفعل ما يريد بأي طريقة، حتى وإن كانت طريقة خاطئة ولو على حساب الغير!
وهناك من عاش الازدواجية بصورة أخرى، فهو يريد أن يكون ملتزماً بالقانون الشرعي والإنساني، ولكنه يعيش في بعض الأحيان سقوطاً غير مبرر!
كيف؟
ترى البعض من هؤلاء الملتزمين يقول أقوالاً لا تلائم التزامه الديني.
يتأثرون بما يفعل الطرف الأخر وهو (المنحرف وغير الملتزم) رغم التزامهم وسيرهم على الطريق الصحيح.
في بعض الأحياء يغبطون هؤلاء المنحرفين ، فيقولون: لماذا رغم انحرافهم عن الطريق الصحيح فهم دوماً ناجحون ومتقدمون نحو الإمام رغم معاصيهم وانحرافهم؟ فهم مرتاحون سعداء في حياتهم لم تواجههم اي مشاكل أو مصاعب في حياتهم اليومية أو الأسرية، رغم ما كانوا عليه من تصرفات غير مسؤولة وغير لائقة؟
في خضمّ هذه الرؤى، يجب أن نلتفت إلى أن الله تعالى يستدرج أهل المعاصي ويفتح لهم أبواب الخير فينسون مقصدهم في هذه الحياة وما هو سبب وجودهم فيها،
لقد اعطاهم الله فرصاً كثيرة في حياتهم، ووفّر لهم سبل الراحة والحياة الهانئة، فلم يستغلوها لصالح آخرتهم، ولكن هذا الحال لن يستمر إلى الأبد، لأن الله تعالى يمهل ولا يهمل، فقد يواجههم في الموت المفاجئ وسوء الخاتمة مثلما حدث مع الكثيرين الذين باعوا آخرتهم بدنياهم!
قال تعالى {فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ. فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [الأنعام 44 – 45]
أتاهم الموت بغتة!
ندموا!
وتحسروا على ما فعلوا في هذه الحياة الدنيا!
ولم يكن ينفعهم ذاك الندم!
فقد حاسبهم الله، وكان كل شيء فعلوه في كتاب أُخْرِج لهم في يوم القيامة، { وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً . اقْرَأْ كِتابَكَ كَفىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء 13 – 14]
{وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف 49]
فيا أيّها الإنسان المؤمن، لا تتضايق إن وجدت في حياتك بعض التقلبات والمصاعب والمشاكل المستمرة، فهذا شيء اعتيادي، فالدنيا سجن المؤمن، فهي دار اختبار وبلاء وفناء.
إن الحياة مثل رسم وتخطيط القلب، إذا كان على خط واحد فهذا يعني أنك ميت!
فلا تكن إلى ربك كنوداً، تعدُّ المصائب وتنسى نعم الله الكثيرة عليك.
ابتعد عن معاصيه فربما يأتيك ملك الموت فجأة فيجدك عاصياً فتقابل الله وأنت على معصيته!
اشكر الله على كل نعمته انعم الله بها عليك، وكن من الشاكرين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.
وكن مع الله يكن الله معك وقريب منك فمن كان الله معه فمن عليه؟! .