الأرقام الاقتصادية الحقيقية.. هل حصل نمو اقتصادي فعلاً خلال 2019
نشرت الحكومة بيانات مجموعتها الإحصائية لعام 2019 ، وهي المجموعات التي أصبحت تنشر غير شاملة، حيث لا ترد فيها بيانات محدثة حول الجوانب النقدية ولا تشتمل على كل البيانات المالية على سبيل المثال...
ولكنها تشتمل على تقديرات الناتج المحلي الإجمالي المؤشر الأهم الذي يعبر عن الزيادة في الدخول المتولدة في سورية، فما الذي تقوله الأرقام الحكومية عن النمو في 2019 ؟!
هل حصل نمو اقتصادي فعلًا في 2019 كما تقول الحكومة؟!
تقول الإحصائيات الحكومية إن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد بلغ في عام 2019 : 11900 مليار ليرة تقريباً.
مرتفعاً عن مستوى عام 2018 بما يقارب: 2300 مليار ليرة ونسبة زيادة قاربت الثلث بمعدل سنوي! ولكن هذه الزيادة المقاسة بالليرة السورية دون حساب تراجع قيمة العملة لا تعكس النمو الفعلي طبعاً.
أما باحتساب التضخم وفق الحسابات الحكومية، فإن الناتج المحلي الإجمالي قد ازداد بنسبة تفوق % 3.5 خلال عام 2019 بالقياس إلى عام 2018 . عندما تقاس قيمة الليرة ومستوى الأسعار بعام 2000 (باعتبار عام 2000 = 100 ).
حيث كان الناتج في عام 2000 : 904 مليار ليرة، وانخفض إلى 688 مليار ليرة بتثبيت الأسعار ثم ارتفع إلى 714 مليار ليرة في .2019
من أين يأتي هذا النمو وفق الأرقام الحكومية؟
وفق المكتب المركزي للإحصاء نمت الزراعة بمعدل سنوي % 5.9 بين 2018 - 2019 ، بينما نمت الصناعة بمعدل % 5.5 ، نمت الخدمات الحكومية بنسبة % 6.5 بينما نمت بقية القطاعات بمعدلات أقل وتراجع فقط قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية.
فقطاع الخدمات الحكومية أصبح يشكل نسبة % 29 من الناتج في 2019 ، بينما كان يشكل نسبة % 9 فقط في عام 2000 ، ونسبة % 15 في عام 2010 . وهذه الزيادة الكبيرة ترتبط بانتقال أثر قطاع الطاقة من الصناعة الاستخراجية إلى الخدمات الحكومية. فالطاقة في سورية أصبحت مؤمنة بجزئها الأكبر عبر الاستيراد، كما ان حصة من الزراعة وتحديداً القمح أصبح يؤثر أيضاً في حجم الإنفاق الحكومي لاستيرادها القمح، وهي أسباب الزيادة الكبيرة في أثر الخدمات الحكومية في الناتج باعتبارها جزء أساسي من أوجه إنفاق الدخل الوطني.
الزراعة والصناعة أصبحت نسب مساهمتها في الناتج أقل من التجارة والتخزين والاتصالات، أما قطاع المال والتأمين والعقارات فلا يساهم إلا ب % 2 من الدخل رغم أنه يجمع جزءاً هاماً من الموارد في ودائع المصارف على الأقل!...
أخيراً بالحسبة الدولارية فإن الناتج المحلي الإجمالي، قد انتقل من قرابة 20 مليار دولار في نهاية عام 2018 وفق أعلى سعر للمركزي الذي كان قريباً من سعر السوق في حينها، بينما في 2019 فإن الناتج قد أصبح: يقارب 17 مليار دولار وفق سعر 700 ليرة للدولار وهو سعر السوق في نهاية عام 2019 والذي لحقه سعر المركزي في شهر 1- 2020 .
أي بمقياس الدولار الذي أصبح يشكل جزءاً هاماً من حاجة الحكومة للإنفاق ومن حاجات البلاد لاستيراد الأساسيات فإن الناتج المحلي الإجمالي أصبح أقل بنسبة % 15 في عام واحد...
فأي مقياس يجب الأخذ به؟! وهل نستطيع القول أن هنالك نمو حقيقي، أم أن المسألة في قياس التضخم وسعر الليرة وسعر الدولار.
أياً تكن الأرقام الحكومية، ولكن السوريون يعرفون جيداً أن عام 2019 شهد بداية ركود اقتصادي عميق وتعقيدات اقتصادية بدأت تنفجر وتتدهور في 2020 . وإن كانت الحكومة تريد القول أن نمواً حقيقياً قد حصل، فإنها يجب أن تسعى لتفسر لنا كيف لم يتحول هذا النمو في الزراعة والصناعة إلى تشغيل ودخول إضافية وانخفاض في الأسعار... على كلّ (الأرقام بتروح وبتجي، المهم الناس) والناس في سورية متعبة وتحتاج لنمو حقيقي تراه في زيادة الدخول وفرص العمل وزيادة الكهرباء وإنهاء الطوابير، هذا النمو الحقيقي وليس الذي في أرقام الحكومة.
المصدر: المشهد أونلاين