الاتجار بالبشر جريمة خفية تطال أغلب دول العالم
الاتجار بالبشر من أخطر الجرائم التي تهدد أغلب دول العالم وخاصة الأطفال الذين هم أكثر الضحايا عرضة لها, وبالنظر إلى الطبيعة الخفية لهذه الجريمة، فإن العدد الفعلي لضحايا الاتجار بالبشر أعلى بكثير من الأعداد المعلن عنها, حيث ينظر المتاجرون بالبشر إلى ضحاياهم وكأنهم “سلعة” ولا يأبهون بكرامة الإنسان ولا بحقوقه.
تقرير عالمي لمكافحة الاتجار بالبشر صادر عن أحد مكاتب الأمم المتحدة كشف أن عدد الأطفال ضحايا المتاجرين بالبشر تضاعف ثلاث مرات في الأعوام الـ15 الماضية، وقال التقرير: “هناك ازدياد مضطرد في أعداد ضحايا الاتجار بالبشر حول العالم, في ظل المآسي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حول العالم, والحروب والاضطرابات التي منيت بها أجزاء كبيرة من العالم والتي وضعت مجتمعات عديدة –وليس فقط الأفراد– تحت لواء الخطر أو الاستضعاف، وأكثر عرضة للاتجار بهم”, مضيفاً: “إن جائحة كورونا زادت من تدهور الاتجاه العام للاتجار بالبشر, لأن هذه الجائحة العالمية أتت عقب أزمة اقتصادية عالمية وعقب اضطرابات ونزاعات في مناطق عديدة حول العالم فتركت آثاراً مدمرة على المجتمعات وأدّت إلى زيادة كبيرة في نسبة ضحايا الاتجار بالبشر, لأنها وضعت العديد من الأشخاص خارج العمل أي سبل العيش, خصوصاً جموع اللاجئين والنازحين بلا مأوى على حدود مناطق النزاع أو خارجها أو حتى في أوروبا”.
وحسب الإحصائيات أشار التقرير إلى أن ما يزيد على 65% من حالات الاتجار بالأشخاص على مستوى العالم تتم عن طريق شبكات إجرامية منظمة عبر الحدود، وتتاجر بالبشر كوسيلة منهجية لتحقيق الربح، وأن حوالي 35 % من الحالات تتم عن طريق جماعات أصغر، وأبرزها هو زواج القاصرات والعمالة المنزلية القسرية في العديد من المناطق.
وأشار التقرير إلى ازدياد في استخدام “الإنترنت” في جريمة الاتجار بالبشر والترويج لها، خصوصاً ما يُسمّى بـ”الشبكة السوداء”, وأن أكثر من 50% من عمليات الاستقطاب والاتجار بالبشر ووسائل الإكراه ووسائل الخداع تتم باستخدام الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي سواء بتهيئة عمل كاذب أو وظائف كاذبة أو تيسير الحصول على وثائق مزورة للحصول على فرصة عمل.
مراقبون أكدوا أن العالم أمام تحد كبير لإيجاد حلول لجريمة الاتجار بالبشر خاصة أن العائد المادي يصل إلى مليارات الدولارات، ولذلك فليس من السهل مكافحة هذه العوائد المربحة للعصابات الإجرامية سوى بتكاتف جميع الجهود على المستوى الوطني والإقليمي والدولي, وأن يكون هناك شراكات أيضاً مع المجتمع الدبلوماسي خاصة بين دول المصدر ودول العبور لمحاولة التنسيق خاصة في موضوع تزوير مستندات الهجرة أو جوازات السفر أو غيرها، أو في موضوع العودة الطوعية.
تشرين