محافظ يعلن عن فساد.. والتحقيقات باردة نقيب المحامين السابق هذا بلاغ ويجب أن تتحرك له النيابة والقضاء
صاحبة الجلالة _ ماهر عثمان
يجمع القانونيون السوريون على أن مكافحة الفساد والوقاية منه لا يمكن أن تتم إلا بإشراك الناس بالتصدي للمشكلة عبر الإبلاغ عن الفساد الذي يتمكنون من اكتشافه لكن هذا الأمر على أرض الواقع غير موجود على ما يبدو فبعيدا عن عشرات حالات الفساد التي ينشرها المواطنون يوميا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والتي يمكن اعتبارها إخطارا للمعنيين بمكافحة الفساد للتدقيق في صحتها من عدمه بأضعف الإيمان.. فأحيانا هناك إعلاميون ورجال قانون ومسؤولون يتحدثون عن تلك الحالات دون أن تحرك الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد ساكنا.
ومثار حديثنا اليوم هو تأكيد اللواء غسان خليل محافظ الحسكة الخميس الماضي بأن الكميات المسوقة من محصول القمح ليست بأيد أمينة نتيجة الخلل الكبير في فرع الحبوب والسرقات الموصوفة التي قام بها الفاسدون واستمرار المفسدين الداعمين لهم بالدفاع عنهم بكل وقاحة بحسب قوله.
فما تحدث عنه محافظ الحسكة من هدر وفساد كبيرين في مراكز تخزين الحبوب وعرقلة لمجريات التحقيق في هذا الفساد ومعالجة سوء التخزين عبر تغييب 40 عاملا في مركز جرمز بقصد حدوث نقص في اليد العاملة وامتناع مدير الفرع الجديد عن تقدير الأضرار الحاصلة نتيجة حالات الفساد والسرقة وتأخير إنجاز تقرير الأضرار من قبل هيئة الرقابة المالية.. كل ذلك لم تأخذه جهات مكافحة الفساد على أنه إبلاغ بدليل عدم خروج أي منها بتصريح حول المعلومات الخطيرة التي أكدها محافظ وليس إعلامي أو مواطن بسيط.
وللوقوف على موضوع الإبلاغ عن حالات الفساد قانونيا تواصلت صاحبة الجلالة مع نقيب المحامين السوريين السابق الأستاذ نزار سكيف الذي أكد أنه وفقا لقانون العقوبات يحق لأي مواطن الإبلاغ عن حالات الفساد بكل أشكالها معتبرا ما صرح به محافظ الحسكة من معلومات عن وجود فساد بمثابة إخبار وعلى النيابة العامة أن تتصدى له فورا وكذلك الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والقضاء .
وبين سكيف أنه من المفترض أن يتحرك القضاء فورا وإذا لم يكن قادرا (وهو قادر) وفق أحكام القانون فبإمكان النيابة العامة التصدي لأي معلومة عن جريمة سواء أكانت جزائية أم مدنية وذلك بمجرد العلم والإخبار لافتا إلى أنه لا يمكن لشخص بمنصب مسؤول كمحافظ أن يورط نفسه بمثل هذه المعلومات دون امتلاكه لأدلة دامغة .
وأكد سكيف أن تلك المعلومات تعتبر بمثابة إخبار يفرض على الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش التحرك والتصدي له بصفتها أيضا ضابطة عدلية.
وعلمت صاحبة الجلالة من مصدر مسؤول أن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش فتحت تحقيقا بالموضوع وما تزال التحقيقات جارية حيث تم اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية.
هامش: التصدي للفساد يتطلب الاعتراف الصريح بوجود مشكلة ثم التحقق منها وقياس تأثيرها بأدق صورة ممكنة وصولا للمحاسبة التي هي الخطوة الأهم في مكافحة الفساد.