أزمة البنزين تشل حركة الأسواق بنسبة 40 إلى 60 بالمئة أغلب القطاعات تسجل خسائر.. صيانة السيارات والنقل الأكثر تضررا
صاحبة_الجلالة _ أحمد العمار:
على غير العادة جلس أبو النور، الميكانيكي الخمسيني، يشرب الشاي، فيما ينشغل عماله باللعب على هواتفهم الجوالة، حيث بدت الورشة المؤلفة من أربعة محال، خالية من أي زبائن في مشهد يلخص حركة كتل الخفيفة (مجمعات) إصلاح سيارات البنزين في المنطقة الصناعية في "حوش بلاس" جنوبي دمشق، والتي تدخلها عادة آلاف السيارات يوميا.
الحركة ماتت، لا أحد يسأل عن الكحل في أعيننا.. لقد تراجعت أعمالنا بنسبة 60 بالمئة- يقول أبو النور لصاحبة الجلالة مؤكدا أنه لم يسبق لقطاع إصلاح السيارات أن تعرض لمثل هذا الجمود، حتى في أشد أوقات الأزمة، فالبنزين هو عصب النشاط، والسيارة التي لا تسير على الطرق، لا تتعطل ولا تحتاج للإصلاح..
بدت بعض المحال مغلقة، فيما تأخر بعضها الآخر عن بدء يوم عمل يقول عنه محمد مازن، الذي يبيع قطاع غيار السيارات، إنه غير مشجع، إذ لا أحد يشتري، فبعد أن كان يبيع لأكثر من مئة زبون يوميا، لم يبع أمس إلا لنحو عشرين زبونا، لأن المبيعات لديه تنشط تبعا لحركة الإصلاح، لكن يبدو أن الجمود بات سيد الموقف، وهو جمود تفسره حركة السيارات من وإلى هذه المنطقة، التي تعد الأكثر نشاطا وازدحاما وقربا من دمشق..!
قطاع نقل الركاب تضرر هو الآخر، بشكل لافت، ويؤكد سائقو سيارات أجرة أن أكثر من ثلث السيارات في دمشق وريفها توقفت كليا أو جزئيا، جراء نقص البنزين، ولا ينفي أحدهم رفع الأجرة، مبررا ذلك بطول فترة الانتظار للحصول على الوقود، لأن السيارة تتوقف يوما أو أكثر للتعبئة، ما يعني أنها تتعطل عن العمل لفترات طويلة، يضطر معها السائق لتعويض خسارته برفع هذه الأجرة، إذ لا حل آخر أمامه، كما يقول هذا السائق.. !
وفي الوقت الذي غابت فيه عن الخطوط الداخلية غالبية (السرافيس) العاملة بالبنزين لصالح نظيرتها العاملة بالمازوت، قلت نسبة السيارات الخاصة السياحية في الشوارع، والشيء نفسه لحافلات نقل موظفي الشركات الخاصة، حيث استعاض بعض هذه الشركات عنها بأخرى تعمل بالمازوت..
ثمة عديد القطاعات الأخرى التي عانت من مشكلة تأثير نقص البنزين على أعمالها، سيما في ظل الانقطاعات المتكررة للكهرباء، فهناك عيادات أطباء الأسنان وبعض الورش والمكاتب التجارية ومكاتب الخدمات وغيرها..
ضعف الحركة والشلل الذي أصاب بعض الأسواق، قاد إلى جمود النشاط التجاري والخدمي، إذ انقطع عن المدينة زبائن كثر كانوا يحضرون من الريف للتسوق والعمل، وهؤلاء يشكلون رافعة الحركة الأسواق كافة، سيما مع وجود تقديرات غير رسمية تفيد بأن أكثر من نصف موظفي العاصمة والعاملين في القطاعين العام والخاص يسكنون خارجها، وهؤلاء يتوزعون بين ريف دمشق وبعض مناطق المحافظات الجنوبية (درعا، القنيطرة، السويداء)، وينشّط هؤلاء الحركة التجارية في الاتجاهين.