رجال أعمال يحذرون من تداعيات خروج مرفأ بيروت من الخدمة على الأسواق السورية وآخرون: قد تصبح الحاجة الى المرافىء السورية ضرورة لا يستغني لبنان عنها
صاحبة_الجلالة _ أحمد العمار:
حذر رجال أعمال من إنعكاسات سلبية لخروج مرفأ بيروت من الخدمة، بعد الإنفجار الكارثي الذي وقع هناك الثلاثاء الفائت، على الأسواق المحلية لجهة تأمين سلع ومواد أساسية، كانت تدخل البلاد من أوروبا عبر هذا المرفأ، وذلك بالتوازي مع أضرار ستلحق بالأسواق الأردنية وبعض الخليجية.
ورأى الصناعي عاطف طيفور أن المرفأ كان يشكل رئة تجارية لسورية، سواء ما يتعلق بإعادة التصدير والشحن إلى مرفأي اللاذقية وطرطوس، أم بتبديل وثائق الشحن والمنشأ للبضائع التي تدخل البلاد عبر البر، كما كان عاملا مخففا لتداعيات العقوبات الجائرة المفروضة على البلاد، سيما عندما يتعلق الأمر بتلك الشركات التي ترفض التعامل مع رجال أعمال ومؤسسات سوريين، بذريعة حماية نفسها وعلاماتها التجارية من العقوبات الأميركية والغربية، خاصة عند التعامل بالمواد الأولية وقطع الغيار والآلات الصناعية، التي يمنع توريدها إلى سورية.. !
وعدّ طيفور أن الكارثة التي حلت على لبنان، بعد الدمار الكلي الذي أصاب البنية التحتية للمرفأ وما حوله، ستترك آثارا سلبية على اقتصادات المنطقة وحركة التبادل التجاري البينية والعالمية، لأن هذا المرفأ كان محطة مهمة من محطات طريق الحرير، الذي دفعت الصين مليارات الدولارات لإنجاحه..
وتوقع الصناعي هيثم حلبي أن تشهد الأشهر القليلة المقبلة طلبا لبنانيا كبيرا على استجرار المواد الأولية والصناعية المتعلقة بالبناء والإكساء من السوق المحلية، كذلك ستشهد طلبا على المواد الغذائية، سيما القمح، بالنظر لتدمير الصوامع التابعة للمرفأ، كما توقع أن يحول لبنان تبادلاته التجارية إلى ميناء طرابلس، وقد يعتمد على الموانئ السورية في بعض هذه التبادلات، ولكن في الحالات جميعا، ستبقى الأسواق السورية هي الأسواق الأقرب والأرخص والأسهل لوجستيا بالنسبة لنظيرتها اللبنانية عموما.
من جهة أخرى رأى أحد رجال الأعمال أن ما حدث في مرفأ بيروت والحاجات الكبيرة التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني قد تكون فرصة ذهبية لازدهار مرفأي طرطوس واللاذقية السوريين وفرصة أيضا للحكومة السورية من خلال رفع العقوبات عن بعض مواد الاستيراد.
ويشير خبراء اقتصاديون لبنانيون إلى خسائر قد تلحق بالاقتصاد الوطني، جراء حرمان الأسواق المحلية منفذ مهم للاستيراد، سيما من أوروبا، وفقدان عوائد مهمة من العملة الصعبة، التي كانت تدرها تجارة الـ"ترانزيت" عبر الشاحنات من لبنان إلى الأسواق الأردنية وبعض الخليجية، فضلا عن تشغيل أعداد كبيرة من العمالة في البلدين.
ويقسم هؤلاء الخبراء الخسائر التي مُني بها الاقتصاد اللبناني إلى خسائر مباشرة، هي عبارة عن تدمير البنية التحتية للمرفأ، وتدمير المنازل والسيارات، واحتراق السلع التي كانت مخزنة فيه، وهنا يقدرون هذه الخسائر، بشكل أولي، بنحو 100 مليون دولار، فيما تشمل الخسائر غير المباشرة تصدير السلع والبضائع، وفقدان العمالة لفرص العمل، وإغلاق الشركات، وخسارة القدوم والأنشطة السياحية، وتقدر مثل هذه الخسائر بعدة مليارات من الدولارات.
في موازاة هذه التقديرات، يرفع مسؤولون بيروتيون هذه الخسائر إلى أكثر من 30 مليار دولار، مع بقاء قرابة 300 ألف شخص دون مأوى، وخسارة 125 ألف طن من القمح كانت مخزنة في صوامع الحبوب في المرفأ، وهي خسائر كبيرة إذا ما قيست باقتصاد صغير كالاقتصاد اللبناني، الذي لا يتجاوز حجمه 50 مليار دولار، وهو بحاجة لإعادة تحفيز نمو وإنقاذ سريعين، خاصة مع ارتفاع حجم الدين العام للبلاد، والذي يصل نصيب الفرد منه إلى 15 ألف دولار.
ومن المستبعد أن يشكل ميناء طرابلس بديلا عمليا وكفوءا لبيروت، وإن كانت البلاد مضطرة للاعتماد عليه مبدئيا، وبدرجة أقل على مرفأ صور، ويعد مرفأ بيروت، الذي تديره شركة مرفأ بيروت منذ 1960، من أنشط المرافئ في الحوض الشرقي للمتوسط، حيث ترسو فيه قرابة 4000 سفينة سنويا، ويستقبل 70 بالمئة من البضائع الواردة إلى لبنان، وقد بلغت إيراداته للعام الفائت إلى 199 مليون دولار.