اللحوم (بالوقية) والفاكهة (بالحبة) الغلاء يبّدل أنماط الاستهلاك الغذائي...والمطبخ الدسم أصبح من الذكريات..؟!
قوّض صعود أسعار المواد الغذائية هذه الأيام من عادات استهلاك الحلبيين، ولطالما اعتاد مطبخ مدينة “المشاوي والكبب” أن يعجّ بأشهى أصناف الطعام، إلا أن دوام الحال من المحال في زمن أكبر موجة غلاء يعيشها الشارع.
ومع كل تدابير شد الأحزمة لصرف (الليرة) بمكانها، لم يعد للناس طاقة تحمل أعباء إضافية تعينهم على البقاء بوتيرة واحدة بذات النمط الاستهلاكي وسط جموح غير مسبوق لأسعار الخضار والفاكهة واللحوم.
في هذا الوقت تشهد أسواق الغذاء شبه استقرارٍ بالأسعار بعد تدخل خجول وبروز أسواق البيع من المنتج، ولم تفلح معها دوائر حماية المستهلك في المدينة وريفها من كبح الارتفاع الجنوني خلال الشهر المنصرم.
وترك صعود المعدن النفيس (الذهب) والقطع الأجنبي تأثيره على سوق المواد الغذائية وتحوّلت عائلات إلى خفض كمية ونوعية ما تنتجه مطابخهم على الدوام.
تقول السيدة أم رامي: “لم نعد نتمكن من صناعة المأكولات التي نحب فمثلاً طبق (الكبة) الشهيرة تحوي مواد من اللحوم والجوز أو اللوز استبدلناها بالفستق العبيد لغلاء سعره وباتت هذه الأكلات ومثيلاتها حلماً بالنسبة للكثيرين لأنها مكلفة جداً قد تكلف نصف راتب شهري”.
في مقابل ذلك انخفضت أسعار الخضار ولاسيما الخيار والبندورة والبطاطا لـ 250 ليرة في حين تحافظ أسعار الفاكهة على مستواها المرتفع.
وانعكس هذا الارتفاع على شراء المستهلك وبات المتسوقون يشاهدون صناديق صغيرة من البلاستيك تتسع لـ (6) حبات من الدراق بمبلغ ألف ليرة سورية أو تلحظ شراء الموز بالقطعة وليس بالكيلو.
من جهته يرى أحد الباعة أن السعر المرتفع للمواد دفع باتجاه هذا النمط من الشراء وأصبح بديلاً مع ما تسعى له عائلات الدخل المحدود ممن تقطعت بهم السبل للشراء بـ (الكيلو) والتي بدورها لا يمكن أن تُجاري ارتفاع الأسعار.
ويضيف البائع: “صدف أكثر من مرة أن تقاسم اثنان على شراء بطيخة واحدة ذات اللون الأحمر بعد أن وصل سعرها لأربعة آلاف ليرة سورية”.
وأسقط المستهلكون من قاموس موائدهم لحم الخاروف مع ارتفاعه الجنوني حيث وصل نحو 15 ألف ليرة ويقول تاجر بالأمانة يعمل بالتشاركية مع السورية للتجارة “فهد كلاوندي”:
“اختلف البيع كثيراً خاصة بالأسبوعين الأخيرين وانخفض للربع، حيث ارتفع سعر كيلو الغرام الواحد من لحم الكباب لـ 12 ألفاً للخاروف (المدبوغ) في صالات السورية للتجارة بينما يباع في الأسواق بـ 15 ألفاً وكيلو الدهنة 9 آلاف خارج الصالات تزيد إلى 9 و10 آلاف ليرة”.
السعر المرتفع لـ لحوم الخاروف فرض على المشترين تخفيضاً في الكميات وصلت إلى شراء ربع كيلو أو بالوقية (100 غرام) من اللحوم وفق حديث التاجر في السورية للتجارة “كلاوندي” ودفع صعود سعر اللحوم إلى اتجاه المستهلكين إلى لحوم الدجاج “الفروج” و”الديك الأحمر”.
وحيال هذا تخطت لحوم الفروج والديك أربعة آلاف ليرة دون طائل من الحصول عليها من قبل عائلات الدخل المحدود والتي اتجهت إلى تدبر أمورها بالاعتماد أكثر على البقوليات والخضار، فيما بات المطبخ الحلبي الزاخر بما لذّ وطاب في كل بيت من الذكريات.
توجهنا إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب للوقوف على حال الأسواق والإجراءات المتبعة لضبط الفوضى الحاصلة ومخالفة التجار المخالفين وخاصة فيما يتعلق بجنوح الأسعار إلى مستويات خيالية تفوق طاقة المواطنين على اختلاف شرائحهم، حيث أكد أحمد سنكري مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك تكثيف النشاط الرقابي بين الفترة من أول الشهر الحالي، مبيناً تنظيم (١٩٠) ضبطاً بمخالفات متنوعة منها:
٤٩ ضبط عدم الإعلان عن الأسعار لمحلات المواد الغذائية( الفروج والخضار والفواكه والألبسة ..) ٤٨ ضبطاً عدم حيازة فواتير شراء، ٢٧ ضبطاً البيع بسعر زائد ٣١ ضبطاً إضافة إلى تقاضي أجر زائد (امبيرات) ٧ ضبوط طرح مواد مخالفة للمواصفة القياسية السورية و ضبط واحد نقل حليب بسيارة غير مبردة ٦ ضبوط تخص جودة الرغيف ونقص الوزن، ضبط واحد بيع مواد منتهة الصلاحية و٢٣ ضبطاً عينات للتحليل في المخبر كما تم تشميع/١٢ محلاً بالشمع الأحمر.
تشرين