معامل الأدوية والمستودعات تتحدى الحكومة باحتكار الدواء.. والصيدليات تبيع الاكسسوارات
تصدرت أخبار الدواء في سوريا حديث الناس والشارع، بعدما ضربت الأزمة الاقتصادية التي تكابدها سوريا هذه الأيام، قطاع الأدوية، ذي الأهمية الحيوية على مستوى أمن سوريا الدوائي والصحي.
وفي وقت تصدر فيه القطاع الصحي اهتمام العالم أجمعه بسبب فايروس كورونا، صُدم السوريون ببوادر ظهور أزمة دواء تضاف إلى أزماتهم اليومية، تقاذفت المسؤولية عنها جميع الأطراف المعنية، من وزارة صحة إلى معامل الأدوية إلى المستودعات، وصولا للصيدليات.
ورأى وزير الصحة نزار يازجي في تصريحات أطلقها انه “لايوجد أي انقطاع لأي مادة دوائية”، وأنه “قد يكون هنالك انقطاع لأسماء تجارية، يوجد بدائل لها”، لافتا لدور قانون العقوبات الأميركي الجديد “قيصر”، وأثره على الاقتصاد عامة والقطاع الصحي خاصة.
وأشار الوزير إلى أنه”لامبرر للمعامل يتيح لها وقف إنتاج الدواء”، بينما يشير أصحاب معامل دوائية إلى أنهم يضطرون لشراء الدولار من السوق السوداء متقلبة الأسعار، لتغطية نفقات مستورداتهم، ثم يفرض عليهم قانونا بيع منتجاتهم وفق سعر صرف تفضيلي مقدر ب700 ليرة للدولار الواحد، وهذا ما ينعكس خسارة عليهم، تفرض عليهم إيقاف معاملهم حاليا.
في حين يذهب الصيادلة للقول إن الوزارة تمنعهم من رفع أسعار الأدوية الموجودة في صيدلياتهم، فيضطرون لبيعها بالسعر المحدد القديم مع غياب الأدوية بسبب احتكار الكثير من المعامل والمستودعات لها من أجل توزيعها بالسعر الجديد المرتفع، والذي تباينت قيمة زيادته بين ال60 إلى ال500 %، وهو أيضا ما يشكل خسارة لهم.
صيدلانية في دمشق فضلت عدم ذكر اسمها أكدت أن الكثير من الصيدليات أغلقت بسبب فقدان الأدوية مضيفة “نبيع حسب طاقتنا .. المعامل والمستودعات من عشرة ايام ماعم توزع و الشعب هجم عالصيدليات صار يمون ويلم ادوية من كل الصيدليات شي لازم وشي مو لازم .. لهيك فضيت الصيدليات و بالأساس كان في كتير اصناف مقطوعة”.
وتابعت ” أنا هلأ مثلا سكرت لأنو صرلي تلات ايام بيع ومافي ترميم بضاعة ..صيدلياتنا ماعاد فيها شي غير اكسسوار ومتممات .. انا ماعندي ولاحبة سيتامول لأي شركة ..ولا نوع ضغط”.
وتابعت “الناس ما بتساعدك .. بتقلو علبة بتكفيك فيها عشرين حبة ومن هون لعشرين يوم بتكون انحلت هالأزمة .. يا بيتخانق معك بدو الكل .. يا بيقتنع بيروح بيشتري وحدة وحدة بس من خمسين صيدلية”.
وأمام هذا الواقع المر، احتار السوريون بأمرهم، بين فقدان الكثير من الأدوية أو شراء الأدوية بالسعر المرتفع، أو التوجه لشراء الدواء المهرب مهما بلغت قيمته، أو حتى التجمهر على أبواب الصيدليات لتموين أصناف دوائية قبل ارتفاع سعرها أو انقطاعها.
إلا أن اللافت في الأزمة الحالية، هو دور صفحات و “غروبات” التواصل الإجتماعي عبر “فيسبوك”، والتي تحولت بين ليلة وضحاها لما يشبه “صيدليات الكترونية”، حيث انتقلت المنشورات من تقييم الأطعمة والمأكولات، والسؤال عن الألبسة والأجهزة، إلى عرض وطلب أصناف الأدوية.
وظهرت العديد من المنشورات في مجموعات “الفيسبوك”، التي عبر فيها السوريون مجددا عن تضامنهم مع بعضهم في ظل المحنة الحالية، والتي تضمنت عرضا مجانيا لمختلف أصناف الدواء التي لايحتاجها أصحابها، علها تجد طريقا لمن تلزمه حاليا في ظل انقطاعها.
وسجلت المنشورات التي يسأل أصحابها عن صنف دواء مقطوع من السوق، تفاعلا كبيرا من المتابعين والمعلقين بنقطة أو صورة، لتحقيق أوسع انتشار للمنشور، كنوع من مساعدة محتاجي الأدوية في الوصول إلى مبتغاهم، وربطهم بمن يتواجد الدواء لديهم.
وأظهر السوريون في مرات عدة، تضامنا اجتماعيا لافتا فيما بينهم، في عدة أزمات سابقة، مرت عليهم او من خلالهم، مستفيدين من قدرات وسائل التواصل الإجتماعي على ربط الناس ببعضها البعض.
يذكر أن هذه المبادرات الشعبية، تأتي تجسيدا لمبدأ “ما حك جلدك متل ضفرك”، حيث سئم السوريون من انتظار الخطوات الفعلية لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وقرروا أن يشعلوا شمعة، بعد ان سئموا لعن الظلام، مؤكدين تفوقهم في فن إدارة الأزمات، على كثير من المسؤولين.
الخبر