كيف تكسب أي جدال يحتمل خسارتك!
هل ترى أن الفضيلة حسنة والرذيلة قبيحة، الصداقة خيرة والعداوة سيئة، لكن: الإسراف رذيلة، فإذن البخل فضيلة، الحمقى يقولون الحقيقة، فإذن الحكماء يكذبون: هذا غير صحيح.
إن كنت من أولئك الذين يجدون متعة في الدخول في جدال عقيم إلى أن ينسحب الآخر معلناً أنه لم يعد لديه القدرة على الاستمرار فيجتاحك شعور عظيم بالنرجسية، أو ربما على العكس تشعر بالانهزامية لمجرد أنك لا تجد في قاموس مصطلحاتك رصيد كافي للاستمرار في جدال مدفوع له دفعاً..
جدال أساسه العبث بمفردات اللغة أو ما يسمى بالمبارزة الكلامية “استراتيجية هدفها الوحيد هو الانتصار على الآخر” وهذا ما تعمد شوبنهاور “الفيلسوف الألماني” إظهاره في كتابه “فن أن تكون دائماً على صواب”.
جميعاً نعترف بأننا لا نتمتع بنزاهة كافية، فنحن لا نبحث في أي مجادلة عن الحقيقة وحدها، دون اهتمام بمعرفة إن كانت مطابقة للرأي الذي ندافع عنه أو لرأي الخصم، كل ما يهم هو الانتصار، فالكبرياء الفطري لدينا يأبى أن يخرج من أي جدال منهزماً؛ لفساد الرأي، فعدم النزاهة عند بني آدم مع الكبرياء يشكلان الحافز الأكبر على الاستمرار في نقاش ممل للنهاية، حتى إذا ما تنبه إلى فساد رأيه، عمد إلى حفظ ماء الوجه عبر إظهار العكس؛ لذا كان الطريق القويم للتعبير عن مدى صواب رأيك، هو التفكير أولاً ثم الكلام ثانياً، لكن معظم الناس دائماً بحاجة إلى الثرثرة.
وحتى تجد حجة ملائمة تجرد بها خصمك من سلاحه وتنتصر فيها لكبريائك عليك بالحيل الآتية:
إخفاء القصد
جدال .. عندما تريد الوصول إلى نتيجة ما، فلا يجب أن تجعل هدفك واضحاً، بل اسع بسرية أن يسلم بمقدمات دوافعك دون أن يصل إلى قصدك النهائي حتى يقبل بما تدفعه إليه دفع للتسليم به في النهاية.
طرح الأسئلة بترتيب مخالف
جدال.. لا تطرح أسئلتك بالترتيب لكن بدِّل شكل السؤال حتى لا يستطيع خصمك أن يعرف ما ترمي إليه كما تستطيع أيضاً استعمال إجاباته الخاصة لاستخلاص استنتاجات جديدة.
الحصول على التأييد بواسطة الاستجواب
الاستجواب هو الحل السريع لتحصل على تنازلات من الخصم على صدق إثباتك أي طرح مجموعة أسئلة دفعة واحدة وتوسيع السياق وعرض حججك بسرعة تباغت إدراك خصمك، ومن خلال تلك التنازلات التي تم الحصول عليها تستطيع الوصول إلى مرادك، لأن أصحاب الفهم البطيء لا يمكنهم أن يتابعوا البرهنة بدقة ولا يستطيعون إدراك عيوبها.
نظريًا نعم، عملياً لا
ربما هذا صحيح نظرياً، لكن خاطئ عملياً، بفضل تلك العبارة تستطيع إرباكه. أي أنت تسلم بالأسس، رافض للنتائج، برغم زيفها لأن ببساطة ما هو صحيح نظرياً يجب أن يكون صحيح عملياً، وإذا لم يكن كذلك، فهناك خطأ في النظرية.
صادر على كل ما يقول
إذا ذكر خصمك كلمة أسود، فيكون ردك أنت عنصري، أو حين يستحدث تغييراً معيناً في شيء ما تنعته بذكر أنها بدعة، أي المصادرة على كل ما يقول، إذا استخدم كلمة تعصب استخدم في المقابل كلمة ورع وتقوى وهكذا.
الغضب ضعف
إن غضب الخصم هو هدف في حد ذاته، لذا وجب الاجتهاد في الدفع بالحجة التي أدت إلى ذلك، ليس فقط لأنه من الأفضل إغضابه، ولكن لأننا أصبنا نقطة الضعف في استدلاله، ويمكننا بلا شك مهاجمته أكثر من هذه النقطة.
الحجة على الذات
أي اعتمادك على أقوال خصمك وأفعاله لهزمه، مثال ذلك إذا انحاز خصمك لفكرة الانتحار، يجب الصراخ في الحال قائلاً: “لم لا تشنق نفسك؟” وإذا أكد مثلاً أن بلدك مدينة بشعة: نصرخ حالاً قائلين: “لماذا لا ترحل عنها؟”.
الاتساع
تأويل حجة الخصم وفهمه بأوسع معنى ممكن، وفي المقابل يلزم تقليص حجتك إلى المعنى الأكثر حصراً وإلى أضيق الحدود الممكنة، مثال ذلك عندما تقول “البريطانيون أول من عرف فن الدراما فيكون رد خصمك: معروف أن لا أهمية لهم في الموسيقا، ولا الأوبرا”، عارضه منكراً: إن الموسيقا ليست جزءاً من فن الدراما، فهذا المصطلح لا يعني إلا التراجيديا والكوميديا، هو يعرف ذلك جيدا ولكنه يحاول تعميم الموضوع، حتى يشمل جميع أشكال العروض المسرحية وهذا حتى يكون على ثقة من انتصاره.
المصالح أقوى من العقل
بمقدورك إشعار الخصم بأن رأيه، إن كان صحيحاً؛ سيسبب ضرراً في سعيه للوصول إلى هدفه…
مثال: مالك أرض يدعي بأن إدخال الآلية في الزراعة شيء عظيم، فآلة واحدة تقوم بعمل العديد من العمال وهنا يكون ردك: معنى هذا أن العربات لن تحتاج إلى الخيول لجرها وهذا سيخفض من ثمن الخيول بشكل كبير مما سيعرضك للخسارة وسيتم الاستغناء عن كثير من العمال وستزيد البطالة، فيذعن لرأيك لمجرد أنه سيصيب مصالحه بالخلل حتى ولو على حساب فكرة التطور.
الشيء نفسه، إذا كان المستمعون يشكلون جزءاً من طائفتك أو من نقابة أنت منتمي إليها أو من النادي نفسه… إلخ، وليسوا من طائفة الخصم، فمهما كانت دعواه صحيحة، بمجرد أن تلمح إلى أنها تخالف أهداف الجماعة المنتمي إليها، سيجد جميع المستمعين حجج الخصم، مهما كانت جيدة، ضعيفة ورديئة، وحججنا بالمقابل، مهما كانت مختلقة من الرأس حتى القدم، صحيحة وملائمة، وهنا سيتراجع الخصم إلى الوراء خجلاً.
إقناع الجمهور وليس الخصم
تستخدم هذه الحيلة عندما يتناقش علماء أمام مستمعين غير متعلمين، يجب تقديم الحجة للمستمعين على أنها اعتراض، ولكن هذا الاعتراض غير صحيح ولا يعلم عدم صحته إلا المتخصص، وهذا المتخصص هو الخصم، وليس المستمعين. في نظرهم الخصم هو الذي انهزم، خاصة إذا جعلت إثباته مثيراً للسخرية. إن الناس مستعدون دوماً للضحك، وبالتالي تجعل الضاحكين في صفك، مثال: يدافع الخصم عن كون الإنسان حيوان ناطق، نعترض قائلين: هل معنى هذا أننا أنا والجمهور المستمع إليك نملك ذيولاً؟ ولنفترض أن هذا صحيح وهل يستطيع الحيوان أن يفهم الإنسان؟
مقابلة فاسد الحجج بفاسد الحجج
في حالة حجة مموهة، بالطبع تستطيع هدمها، بشرح ما فيها من خداع، ولكن من الأفضل معارضته بحجة مضادة مموهة أيضاً؛ بهدف الانتقام لأن ما يهم ليس الحقيقية بل الانتصار عليه.
عكس الحجة على الخصم
الاعتماد على حجة الخصم، واستخدامها ضده، مثلاً: أن يقول بأن جميع المحامين كاذبين، فيكون الرد ولكن أنت محامي إذاً فأنت كاذب.
الحيد عن الموضوع
عند شعورك باقتراب الهزيمة، فتوقف عن الجدال في نفس النقطة، وابدأ في الحديث عن شيء مختلف تماماً، كما لو كان ذلك جزءاً من الموضوع المتجادل عليه.
مقاطعة وتغيير المجادلة
إذا انتبهنا إلى أن الخصم لديه حجة ستسمح له بهزيمتنا، وجب علينا منعه من الوصول إلى منتهى برهنته، بأن نقطع في الحال المناقشة ونغير مجراها، متجنبين أو محولين المجادلة إلى قضايا أخرى.
إغضاب الخصم
إغضاب الخصم، لأن بإغضابه يصير غير قادر على إصدار حكم صحيح وإدراك مصلحته. إغضابه بأن نكون جائرين في حقه، مستفزّيه، كاشفين عن وقاحته.
لست أفهم شيئاً مما تقوله
إذا لم يكن لدينا حجج؛ لنواجه بها الخصم هنا نبدأ بالاستهزاء، بادعاء أن ما يقوله يفوق قدرتنا العقلية على الاستيعاب، ربما لأن فهمنا بطيء، وبهذه الطريقة اضمن أن ينظر الآخرين لما يقوله خصمك على أنها حماقات، لكن لا يجب استعمال هذه الحيلة إلا إذا كنا متأكدين أننا سنحظى من قبل الحاضرين باحترام، يفوق الخصم أي هجوم مضاد ولكن على طريقتك الخاصة. وكرر عليه حجتك الذي صار واضحاً أنه لم يفهم منها شيئاً، فإذا أراد أن يلمح إلى أنك تقول تفاهات فأثبتنا غباوته ويتم ذلك بكل لباقة.
مبدأ الجمع المهين
التشكيك في إثبات الخصم، وذلك بإدراجه في تصنيف مقيت أنت ملحد، أنت علماني… إلخ.
إرباك الخصم
إربك الخصم بوابل تافه من الكلام، وهذه الحيلة قائمة على أساس أن ”عادة ما يعتقد الإنسان انه لم يفهم جيداً ويجعل المسألة ترجع إلى سوء فهمه وليس تفاهة الحوار، وضرورة أن يوجد في هذا الكلام موضوع للتفكير، إذا كان واعياً بمكامن ضعفه، وإذا كان معتاداً على سماع أي أشياء لا يفهمها والتظاهر بفهمها، نستطيع أن نفرضها عليه راوين له بجدية تامة التفاهات ذات الطابع الغامض، إلى درجة أن يصبح عاجزاً عن الاستماع وعن الرؤية والتفكير.
إعلان الفوز رغم الخسارة
يتمثل المكر، في حال إذا كان قد أجاب عن مجموعة من الأسئلة دون أن تكون إجاباته متفقة مع النتيجة التي نطمح إليها، أن نعلن أنه برهن على ما نريد الوصول إليه وإعلان الانتصار طالما صوتك عالٍ، وتمتلك الجرأة، وكان الخصم خجولاً أو ضيق الفهم. ”أي اعتبار ما ليس بعلة علة“.
الهجوم على الخصم
إذا تبين لك أن خصمك متفوق، وأنك لن تربح، ينبغي اللجوء إلى الأحاديث الفظة الجارحة وهذا يتمثل في هجر الموضوع الأساسي، ما دمنا خسرنا اللعبة لأجل التحول إلى الخصم ومهاجمته وذلك فقط لإرضاء كبريائك في النهاية.