لماذا موسيقى انتظار المكالمات سيئة؟
بعض الشركات تعتبر أن موسيقى انتظار المكالمات هي تعبير عن هوية العلامة التجارية للشركة، حيث يتم مزج الموسيقى مع رسالة شفهية، ليبدو الأمر أقرب إلى إعلان إذاعي.
في الماضي، كانت موسيقى الانتظار مقبولة إلى حد كبير، ربما لم تكن بنفس جودة موسيقى المذياع، لكنها كانت جيدة وغير مزعجة.
المثير للغرابة، أنه على الرغم من التطور التكنولوجي الكبير الذي نشهده، أصبحت موسيقى الانتظار ذات جودة سيئة، فما السبب وراء ذلك؟
هل جربت الانتظار عدة دقائق على أنغام الموسيقى أثناء اتصالك بشركة ما بينما يتم تحويل المكالمة إلى الموظف المسؤول؟ يمكن أن تكون هذه الموسيقى مفيدة للشركات عند تعليق المتصلين على الخط، حيث يمكن لمقطع الموسيقى المناسب أن يصرف الملل عن المتصل، ويقلل من إدراك مرور الوقت، ما يجعل احتمالية حدوث شكاوى حول وقت الانتظار أقل.
دعنا نعود قليلاً للوراء إلى بداية تاريخ شبكات الهاتف، حيث كان هناك عدد محدود جداً من الهواتف والخطوط، وكانت الاتصالات تتم عبر مقاسم يدوية.
كان العاملون يحولون المكالمات بشكل يدوي، كما أن كل مكالمة كانت تأخذ خطاً كاملاً وتمر دون أي ضغط. لكن هذه الآلية كانت بطيئة، وهي مصممة للتعامل مع عدد صغير نسبياً من الهواتف، وذلك لأن التعامل مع آلاف الاتصالات بهذا الشكل سيكون كابوساً حقيقياً وأمراً غير عملي كذلك.
بعد ذلك ظهرت المقاسم الآلية التي تقوم بتحويل المكالمات وربط الخطوط ببعضها البعض، دون الحاجة لعامل بشري أصلاً، وهنا أدركت شركات الهواتف أن وضع عدة اتصالات على الخط نفسه ستوفر الكثير من المال.
كان الأمر يعني ببساطة إزالة الترددات المنخفضة والعالية جداً للصوت، والإبقاء على المجال المهم لفهم الكلام فقط، وبذلك يتسع الخط الواحد لعدة مكالمات عند الاتصال.
تتجمع المكالمات في المركز الخاص بالمتصل، ويتم إعادة فصلها وتوزيعها عند نقطة الوصول.
لا شك أن هذا سيؤثر بالطبع على جودة الاتصال، لكن فكرة التوفير المادي مع القدرة على التعامل مع عدد متزايد من الاتصالات كانت جذابة للغاية، وأكثر أهمية من فكرة الجودة،
عندما بدأت الهواتف المحمولة في الظهور تبين أن أبراج التغطية (التي تلعب دور المقاسم) يمكنها التعامل مع عدد أكبر من الاتصالات معاً، في حال تم ضغط هذه الاتصالات بشكل رقمي، وكلما كان الصوت مضغوطاً أكثر يستطيع البرج التعامل مع عدد أكبر من المكالمات وتنخفض تكلفته التشغيلية.
المشكلة كانت أن الضغط يتم في الهواتف نفسها، وقديماً كانت الهواتف ذات قدرات معالجة ضعيفة جداً، على عكس هواتف اليوم الذكية.
كان يتم ضغط أكبر قدر ممكن من خطوط الاتصالات مع التضحية بالتفاصيل والمعلومات ضمن الصوت، ما يجعل الأصوات تنحصر ضمن مجالات معينة فقط.
الهواتف مصممة لنقل الصوت البشري
أيضاً، صممت الهواتف -سواء العادية التقليدية أو المحمولة- في الأساس لنقل الصوت البشري، وليس لنقل الموسيقى.
لذلك كان صوت الموسيقى يبدو مكتوماً ومنخفض الدقة ومزعجاً بسبب آلية ضغط الخطوط التي اتبعتها الشركات لزيادة حجم أرباحها من ناحية، وأن الهواتف غير مصممة لنقل الموسيقى من ناحية أخرى.
لكن الهواتف تطورت كثيراً بعد ذلك إلى الحد الذي يجعلها تتعامل مع فيديوهات 4 كيه باحترافية كبيرة، فلماذا ظلت موسيقى انتظار المكالمات سيئة.
الشبكات الداخلية للشركة ذات جودة سيئة
معظم الشركات لديها شبكات اتصال داخلية خاصة بها، مستقلة عن الشبكة الهاتفية الخارجية، تستطيع من خلالها التحكم في المكالمات الصادرة والواردة بشكل أفضل، كما أنها توفر سعر المكالمات التي تجري ضمن الشبكة الداخلية للشركة.
في هذه الشبكة الداخلية تتوفر أرخص معدات ممكنة بجودة سيئة للغاية، ويحدث ضغط إضافي للمكالمات لتوفير الأجور التشغيلية للمقسم الداخلي.
هذا يعني أن اتّصالك على شركة الاتصالات وتحويلك لموظف خدمة العملاء يعني أنه سيتم تحويل المكالمة إلى شبكة الهواتف الداخلية للشركة، لتستمع لمزيج من الضجيج والتشويش معاً.
مراكز الاتصالات بعيدة عن الشركات نفسها
في كثير من الأحيان تكون مراكز الاتصالات التابعة لشركة ما منفصلة عن مقر الشركة نفسها، وقد تكون في بلدان أخرى، وبالأخص بالنسبة للشركات الكبرى.
هنا يتم ضغط الموسيقى في مركز الاتصالات وإرسالها لتعود إلى الشركة الأصل، ومن هناك تضغط الموسيقى بشكل سيئ وترسل عبر شبكة الهاتف التي تضغطه مجدداً وتدمر ما تبقى من الجودة.