التطفيف.. وسيلة الغش المسكوت عنها.. منتجون تلاعبوا بأوزان وأشكال العبوات خلال عقود لتفقد أكثر من 20%
صاحبة الجلالة- أحمد العمار:
كلما طورت الجهات الرقابية على الأسواق وسائل مكافحة الغش، كلما بادر بعض المنتجين، وربما الباعة في بعض الأحيان، إلى "التفنن" في ابتكار وسائل جديدة، هذه المرة ليس من قبيل تغيير المواصفات، أو خلط المادة بمواد ضارة، أو تعديل التاريخ وبلد المنشأ، بل عبر إنقاص وزن العبوة، بحيث تراجع وزنها عبر عقود، مع المحافظة على الأوزان النظامية "نظريا"، أي التي تباع وفقا لها العبوات (نصف كغ، واحد كغ، اثنان كغ، وهكذا..).
طول الفترة أسهم في استقرار (الأوزان الجديدة) في أذهان المستهلكين، أو لنقل برمجة العقل الباطن لهم ليدفعوا ثمن علبة الشاي زنة 450 غرام على أنها نصف كغ، وعلبة السمن زنة 1800 غرام، على أنها 2000 غرام، وكيس الملح الذي ظل وزنه يتدحرج من خمسة كغ حتى استقر على أربعة، ما يعنى بيع المنتج للمستهلك كمية وهمية بنسبة 20 بالمئة من زنة الكيس، أو لنقل إن المستهلك المغرر به دفع خُمس هذا الكيس، دون أن يحصل عليه فعليا، وتقتضي أبسط قواعد البيع والشراء، أن يكافئ المبلغ المدفوع مواصفات السلعة عموما ..!!
يدعى هذا النوع من الغش، لغة وشرعا، تطفيفا، لأنه يشكل خداعا وغررا بالمستهلك، بعد أن خضعت العبوات لرجيم قاس لتصبح زنة العبوة ((الابنة أو الحفيدة)) نصف أو ربع زنة ((جدتها)).. ؟!
يقول مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك علي الخطيب إن هناك إنقاصا في الأوزان، وهو مخالف لأنظمة الرقابة، شأنه شأن أية مخالفات أخرى، لأن وزن العبوة والمحتوى يدخلان ضمن المواصفة القياسية السورية الخاصة بالمنتج.
ويضيف الخطيب أن وزن محتوى العبوة إذا كان لا يتطابق مع ما هو مدون على الغلاف أو العبوة نفسها، فهذا مخالفة صريحة تحمل ضررا للمستهلك، الذي دفع قيمة وزن هو غير موجود أصلا، وذلك عبر عديد الطرق (إنقاص المحتوى، تقعير العبوة، تغيير شكلها)، مشيرا إلى أن عدد عناصر الرقابة سواء لدى المديرية أو أية جهة رقابية أخرى، غير كاف بالمطلق لتغطية حجم وعدد الفعاليات التجارية الهائلة والمنتشرة في أسواق متباعدة وغير متجانسة، فهناك أكثر من 30 ألف فعالية تجارية (منفذ بيع، منفذ إنتاج، مستودع) في دمشق وحدها.
وتحدد المواصفة القياسية السورية رقم 2341 المحتوى الصافي في العبوات، الذي يقصد به كمية السلعة في العبوة، باستثناء مواد التغليف، أو أية مواد أخرى معبأة مع السلعة، وعندما يتجاوز النقص المقدار المسموح به، يعد مخالفا للمواصفات.
ويحصر قرار الوزارة، رقم 50 لعام 2019، أوزان أغلب المواد الغذائية ومواد التنظيف، كما يحدد أوزان جميع أنواع الزيوت بأنواعها والحلاوة الطحينية والطحينة والخبز غير التمويني والشوكولا السائلة والحلويات العربية بأنواعها والشاي والسكر والرز والقمح والدقيق والبرغل والبقوليات والحبوب والدبس وزبدة المائدة، أو بدائلها النباتية والخل والبن والبهارات والمضافات المعبأة والمغلفة وغيرها.