خميس:التأمين أصيب بالشخصنة والمحسوبيات
لم يتأخر رد رئيس الحكومة عماد خميس طويلاً على أحد أسئلة الحاضرين خلال اجتماع العمل الخاص بقطاع التأمين أمس، حول الاهتمام الخاص والكبير من رئيس مجلس الوزراء بقطاع التأمين، موضحاً: «إنني مهتم بكل القطاعات الحكومية وربما أنكم ترون اهتمامي بالتأمين كونكم تعملون به فأنا أزور كل مؤسسات وقطاعات الدولة حتى مؤسسات الخضر والفواكه وحتى مزارعي البطاطا».
وخلال الاجتماع أكد رئيس الحكومة أن قطاع التأمين أصيب بالشخصنة والمحسوبيات والفساد «والعديد ممن كانوا قائمين على القطاع أصابوه في الصميم نتيجة شخصنة الأمور واستنزاف موارد الدولة وخاصة في موضوع التأمين الإلزامي الذي لم يخدم الدولة».
موضحاً أنه منذ عام 2009 كان لدى التأمين الإلزامي بين 4-5 مليارات ليرة بما يعادل 100 مليون دولار، تم وهب 80 مليوناً منها لشركات القطاع الخاص الموجودة صورياً، مبيناً أن عطاءات الدولة التي عاش عليها بعض هذه الشركات لن تستمر إذا لم تحقق تنمية اقتصادية وأنه لا بد أن يحقق التأمين هدفه الحقيقي وأن يصل إلى مرحلة التألق عبر شقيه الاقتصادي والاجتماعي الخدمي الذي لا بد أن يلتقيا ويشكلوا رافعة حقيقية لقطاع التأمين والعملية التنموية.
وأشار إلى أنه يجب على القائمين على قطاع التأمين اليوم أن يملكوا رؤية واضحة وواسعة في عملهم وجميع الأدوات والطرق لتحقيق أهداف التأمين وأن يتمتعوا بصلاحية القائد الإداري الناجح والقائد المخطط والإستراتيجي لاستثمار المكونات البشرية في قطاع التأمين بالشكل الأمثل والصحيح.
كما بيّن أن العديد من الشركات في قطاع التأمين مارست فساداً مدقعاً و«خلال سنوات الأزمة وهو الوقت الذي كنا بأمس الحاجة إليها لم تقم بأي عمل أو إنجاز، وحتى في التأمين الإلزامي لم تكن تقدم المطلوب منها إلا عبر اللجوء للقضاء والمماطلة».
وأشار إلى أنه لا بد من دراسة واقع المؤسسة العامة السورية للتأمين وتحديد أين تكمن أهمية وجودها أكثر في عودتها إلى مقرها الأساسي في حمص بعد تحسن الأوضاع أو بقائها في دمشق «وسنحضر بعد العيد لاجتماع موسع لمجالس الإدارة لكل القائمين على قطاع التأمين بحيث يكون اجتماعاً مركزياً».
وطلب رئيس الحكومة من مدير عام السورية للتأمين تحضير خطة تدريب ذاتي وبرامج لتنفيذها خلال أيام وتقديمها لوزير المالية الذي سوف يشرف على تنفيذها ومتابعتها وخاصة أن عدد العاملين في المؤسسة بحدود 850 موظفاً. كما اعتبر رئيس الحكومة أن معظم القائمين على قطاع التأمين ترهل ولعدة أسباب أهمها لجهة انتمائه للمؤسسة وغياب هدف المؤسسة لديه.
كما أبدى خميس دعمه للمديرين الجدد في التأمين لتصحيح واقع القطاع وأن عليهم أن يتمتعوا بالقوة والصلابة لتنفيذ مهام وأهداف التأمين دون أي محسوبيات أو أي اعتبارات أخرى، مبيناً أنه منذ تعيينهم تم تحريك قضايا منذ أكثر من 10 سنوات لدى هيئة الرقابة والتفتيش بهدف التشويش على عملهم وأدائهم، وأن الحكومة سوف تحمي مديريها الفاعلين والنشيطين، وسوف تراقبهم وتقيم أداءهم باستمرار.
كما طالب خميس تغيير وتعديل مجلس الإدارة لهيئة الإشراف على التأمين حتى يكون مجلساً قوياً وقادراً على تنفيذ مهامه على أكمل وجه. وأوضح أنه سوف يتم إعفاء وتبديل أي مدير غير كفوء أو غير قادر على القيام بمهامه وتحقيق أهداف المؤسسة التي يقودها.
وعن التأمين الإلزامي أكد أنه مع نهاية العام الحالي سوف يصبح هذا القطاع للمؤسسة العامة فقط من دون مشاركة الشركات الخاصة، مبيناً أن منحه للشركات الخاصة أمر غير مجد وأن على هذه الشركات التوجه نحو التأمين الاختياري وتطوير المنتجات التأمينية لديها منوهاً بأن هيئة الإشراف على التأمين كانت شريكاً لبعض شركات القطاع الخاص.
وفي موضوع التأمين الصحي بيّن خميس أنه يؤيد فكرة أن يكون هذا التأمين مستقلاً لكن من دون أن يكون هذا توجيهاً حيث لا بد من دراسة هذا التوجه ومعرفة مدى الجدوى منه.
و أوضح وزير المالية مأمون حمدان أنه بعد تغيير مديري السورية للتأمين وهيئة الإشراف على التأمين لا بد أن تنتهي معه المسائل الشخصية التي كان يعانيها قطاع التأمين وأنه مع وجود مديرين جدد حالياً لا بد من مراقبة العمل وتقديم الدعم الحكومي لدفع وتطوير آليات ومنظومة العمل في التأمين وتحقيق أهدافه.
وعن مسألة إعادة هيكلة القطاع بيّن الوزير أنه مع وجود انتشار واسع للمؤسسات والشركات العاملة في ميدان التأمين لا بد من الحد من هذا التناثر ومعرفة وتحديد الجهة المشرفة على هذا القطاع وهي هيئة الإشراف على التأمين ليكون عمل كل مكونات القطاع تعمل تحت مظلة الهيئة، والهيئة تحت مظلة وزارة المالية وأنه من غير المقبول استمرار التشتت في عمل التأمين ولا بد من وضوح حقيقة وقيمة التأمين في دعم الاقتصاد والعمل على تطويرها وتفعيلها.
كما بيّن الوزير أنه يتم بحث مقترح وجود معاون وزير لشؤون التأمين والمصارف في وزارة المالية للمتابعة الدائمة والمستمرة لعمل هذين القطاعين المهمين.
وبيّن مدير عام هيئة الإشراف على التأمين سامر العش أنه تم العمل على إعادة تموضع العلاقة للهيئة مع باقي القطاعات وأن ما يساعد على ذلك هو تعديل قانون التأمين الذي سيضع التصور النهائي لعمل قطاع التأمين وأن الاجتماع وضع النقاط على الحروف لتطوير قطاع التأمين وتلافي السلبيات السابقة كما وجه الاجتماع رسالة واضحة للقائمين على قطاع التأمين.
منوهاً بأن الهيئة لديها مهمة صعبة لكن لا بد أن تكون البوصلة واضحة لكل العاملين في السوق وهناك العديد من التوجهات التي كانت سائدة سابقاً في قطاع التأمين تم نقضها اليوم ولم يعد لها وجود وأن التركيز هو على الأعمال التنظيمية وتطوير القطاع، وهناك العديد من الإجراءات يتم العمل عليها حالياً.
و أكد مدير عام السورية للتأمين إياد زهراء أنه مع فكرة وجود كيان مستقل للتأمين الصحي وأنه في الأساس عند إنشاء مشروع التأمين الصحي طلب من المؤسسة العامة أن تقوم بالبدء بالإقلاع بهذا المشروع لمدة عام وكان هناك إعداد مرسوم لإحداث شركة للتأمين الصحي إلا أن سنوات الحرب فرضت ظروفاً لتأجيل هذا المشروع لكن لا بد أن ينتقل إلى مرحلة الاستقلالية التامة وهو ما سوف يشكل دعماً وتطويراً لعمل التأمين الصحي في البلد.
وأشار إلى أنه لا بد من تطوير العلاقات مع الدول والمنظمات العربية التي يمكن أن تساعد قطاع التأمين على تطوير عمله ولا بد من الاهتمام بالكوادر البشرية عبر زيادة التدريب والتأهيل وتأهيل جميع المفاصل العاملة في هذا القطاع وزيادة العلاقة والروابط الإيجابية بين الاتحادات في سورية مثل الاتحاد السوري لشركات التأمين وشركات إدارة النفقات وربط العلاقة بشكل إيجابي ومباشر مع شركات الإدارة وشركات التأمين مع هيئة الإشراف على التأمين لتكون قوة حقيقية للاقتصاد ولقطاع التأمين والانتقال به بطريقة سلسلة وإيجابية لأخذ دوره الحقيقي الداعم والرافع في الاقتصاد والمجتمع.
يشار إلى أن الاجتماع حدد الخطوات اللازمة للبدء بإحداث تغيير حقيقي في آليات العمل من خلال دراسة إعادة الهيكلية الإدارية الجزئية والشاملة لمكونات القطاع وخاصة المؤسسة العامة السورية للتأمين وهيئة الإشراف على التأمين لجهة تحقيق الهدف من هذه المكونات لبلوغ البعد الوطني الاقتصادي من العملية التأمينية بشكل عام.
واعتمد الحضور وضع مؤشرات علمية دقيقة لتقييم أداء العاملين والقائمين على المؤسسات التأمينية وتفعيل آلية الإشراف وفق مؤشرات علمية حقيقية ورؤية شاملة في هذا المجال ووضع خطة تسويقية وإعلامية شاملة لتنشيط قطاع التأمين ليكون أكثر وضوحاً وشفافية في التعامل مع السوق التأمينية بجميع مكوناتها.
وعن التأمين الصحي طلب المشاركون من المعنيين تقديم مذكرة تتضمن رؤية تطويرية لهذا القطاع المهم تتضمن دراسة وأثر أن يكون هذا القطاع كياناً مستقلاً أو يكون إحدى مديريات المؤسسة العامة السورية للتأمين.
وبينوا ضرورة وضع رؤى وإستراتيجيات للنهوض بهذا القطاع بعد الترهل الذي أصابه خلال السنوات الماضية، مؤكدين العزم على إحداث نقلة في هذا القطاع بكل مكوناته ليمارس الدور المنوط به في التنمية والاقتصاد الوطني، لافتين إلى ضرورة التنسيق والتشاور المستمر بين أركان العملية التأمينية للوصول إلى واقع أفضل من جميع النواحي ليكون قطاع التأمين داعماً حقيقياً في التصدي للحرب الاقتصادية على الشعب السوري.
وتمت دعوة القائمين على قطاع التأمين إلى تحمل مسؤولياتهم في تطوير هذا القطاع الحيوي بكل العناوين وتحقيق الهدف الاقتصادي والخدمي منه، مشيرين إلى ضرورة أن يتمتع القائمون على القطاع بالفكر الإداري الناجح والتخطيط المهني والاستثمار الأفضل للعناصر البشرية.
وتم خلال الاجتماع تشكيل مجموعة عمل للنظر بواقع معهد التأمين العربي والصرفيات التي تقوم فيه والتي أدت إلى تآكل 4 ملايين دولار من رأسمال المساهمة الحكومية في المعهد إضافة إلى مناقشة واقع الاتحاد السوري لشركات التأمين وواقع عمل الشركات الخاصة.
عبد الهادي شباط
"الوطن"