هل من سقوف لارتفاعات أسعار الأدوية أو للأرباح في الجيوب؟
دون الإعلان رسمياً، كما جرت العادة بكل هدوء وصمت قاتل، تعاود وزارة الصحة القيام برفع أسعار بعض الأصناف الدوائية، بذريعة الاستمرار بالإنتاج الدوائي، تحت ضغط ومطالب معامل إنتاج الأدوية والمستودعات، والمستوردين والمهربين من خلف هؤلاء، كجزءٍ من الشرائح المستفيدة من آلام المواطنين ومعاناتهم.
الارتفاع الأخير طال العديد من الأصناف الدوائية، كان على رأسها: المسكنات، وأدوية آفات الأمراض القلبية، وعلى رأسها أيضاً: أدوية الجلطات، وهي من الأصناف التي تعتبر ذات معدلات استهلاك مرتفعة، نظراً للحاجة الدائمة لها من قبل المواطنين، وهو ما أكده نقيب صيادلة السويداء عبر إحدى وسائل الإعلام، نهاية الأسبوع الماضي.
بين الرسمي والشعبي
بعض الحديث الرسمي يقول: إن الارتفاعات الأخيرة، هي استكمال لتنفيذ الدراسات التي جرت على أسعار التكلفة للأصناف الدوائية من قبل وزارة الصحة بالتنسيق مع منتجي الدواء، وذلك لضمان استمرار معامل إنتاج الأدوية بالإنتاج، حيث سبق وأن تم رفع أسعار العديد من الأصناف الدوائية خلال الفترة الماضية بناءً على تلك الدراسات، كان آخرها منذ ثلاثة أشهر تقريباً، في حين ما زالت هناك بعض الأصناف قيد الدراسة والرفع القادم لأسعارها.
بالمقابل فقد كان حديث الشارع يتمحور حول بعض النقاط الأخرى ذات الصلة بمعاناة المواطنين المستمرة بتأمين الأدوية والعلاجات المطلوبة لبعض الأمراض، حيث كان لافتاً لهؤلاء أن بعض الأصناف الدوائية يتم احتكارها من قبل بعض المنتجين والموزعين والصيادلة والمهربين، ليتم تمرير كميات محدودة منها للبيع والتداول عبر الصيدليات من أجل فرض أسعار احتكارية لها، مع هوامش عالية من الربح، في استغلال مباشر لحاجات المواطنين الملحة للدواء، كما يتم استثمار هذه الآلية كعامل ضغط من أجل فرض رفع سعرها بالشكل الرسمي، والدليل على ذلك هو أنه ما إن يتم رفع سعر أحد الأصناف الدوائية، حتى يتم توفره بالكميات المطلوبة للاستهلاك عبر الصيدليات، وهكذا فقد أصبح موضوع رفع السعر المتتالي للأدوية غير مقترن عملياً بواقع التكلفة الحقيقية للمنتج، على الرغم من ضرورة وأهمية الاعتماد عليه، بقدر ارتباطه بهوامش الربح الكبيرة التي يتم الضغط من أجل الحصول عليها عبر هذا الأسلوب من الالتفاف والاستغلال.
سعر الصرف ذريعة مستهلكة
الأمر الهام الذي توقف عنده المواطنون بهذا الصدد، هو ذريعة سعر الصرف وتذبذبه، التي يتم تداولها من قبل المنتجين والمستوردين، أو من قبل وزارة الصحة نفسها أحياناً، في تبرير دراسة تكاليف المنتج الدوائي حسب ما يتم ادعاؤه في الدراسات المقدمة، في حين أن واقع الحال يقول: أن سعر الصرف سبق وأن كان مستقراً منذ بداية العام تقريباً، بل إنه انخفض عن السابق بشكل لافت، وبمقابل ذلك لم يطرأ أي تعديل على الأسعار انخفاضاً بما يتناسب مع انخفاض سعر الصرف، لنصل لنتيجة مفادها: أن دراسات التكلفة المعتمدة نفسها باتت بحاجة لإعادة النظر بها مجدداً، وفرض نتائجها على المنتجين، بما ينعكس إيجاباً على صحة المواطنين كنتيجة.
الدواء ليس رفاهية!
لابد من التذكير بأن الدواء ليس مادة استهلاك رفاهي بالنسبة للمواطنين والمرضى من ذويهم، بل هي حاجة حياتية مقترنة بالصحة والسلامة، على ذلك فإن توفيرها وتأمينها من المفترض أن يكون من أولويات وزارة الصحة والحكومة ككل، بعيداً عن كل أوجه الاستغلال والاحتكار والتلاعب، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ بعض الأصناف الدوائية غير المتوفرة عبر المسالك الرسمية يتم تأمينها عبر المسالك غير الرسمية، مع ما يعنيه ذلك من احتمالية عدم مطابقتها للمواصفة والجودة المطلوبة، ناهيك عن أسعارها التي تفرض عنوة تحت ضغط الحاجة، والنتيجة: أن صاحب الحاجة وصحته أصبحت هدراً بيد المستغلين، على أعين الحكومة، ووزارة الصحة وأجهزتها الرقابية، ومسامعها، وما من مجيب!.
"قاسيون"