الحكومة تلزم المستوردين من 25 إلى 15 بالمئة من مستورداتهم لـ السورية للتجارة
خلافاً لما تم تداوله سابقاً، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قراراً ألزمت بموجبه مستوردي القطاع الخاص للمواد الممولة من المصارف العاملة في سورية المرخص لها بالتعامل بالقطع الأجنبي بتسليم كمية 15 بالمئة من المواد التي يستوردونها بسعر التكلفة وحسب نسبة التمويل لمؤسسات القطاع العام، على حين كان رئيس مجلس الوزراء يتحدث عن نسبة 25 بالمئة. وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن تعديل النسبة الخاصة بإلزام مستوردي القطاع الخاص للمواد الممولة من المصرف المركزي جاء بعد دراسة القانون المتعلق بمهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والذي ينص بأنه في حال الضرورة يحق لمجلس الوزراء تحصيل 15 بالمئة كحد أقصى من المستوردات. وأضاف: «أما ما تم تداوله سابقاً عن نسبة 25 بالمئة فكان اقتراحاً، ولم يكن هناك قرار رسمي بها، وعندما طرح هذا المقترح كان للتباحث، وعند العودة للقانون الخاص بمهام الوزارة، تبين أن النص القانوني من خلال المادة 6 يشير إلى ألا تتجاوز النسبة 15 بالمئة». وأوضح النداف أنه في المرحلة الحالية سيتم العمل على تفادي الإشكاليات كافة التي حدثت سابقاً، وفي حال ظهور أي إشكالية سيتم العمل على علاجها بالشكل الأنسب، مشيراً إلى أن القرار ساري التنفيذ، مؤكداً أنه لم يصل إلى الوزارة أي اعتراض من التجار على القرار. الخسارة واقعة نائب رئيس غرفة تجارة دمشق عمار البردان صرّح لـ«الوطن» بأن القرار يعتبر كارثة بحد ذاته، بغضّ النظر عن النسبة المخصصة، وقد بدأت تظهر ردود الفعل عليه من تخوف التجار والتوقعات برفع أسعار بعض السلع، إذ إن الخسارة لن تختلف سواء كانت النسبة 15 بالمئة أو خسارة 25 بالمئة، إضافة إلى أن آلية تنفيذ القرار لم تتوضح حتى الآن، وكيف سيتم التسعير، مع ملاحظة أن هناك فترة ستمر لحين وصول الصك التسعيري؟ وأشار إلى أنه لم يتم التشاور مع غرفة تجارة دمشق، ولم يؤخذ رأيها بأي قرار صدر، وقد علمت به كما وصل للجميع عن طريق وسائل الإعلام. ولفت البردان إلى أن التجار محبطون ولم يجتمعوا أو يعترضوا، ولم يقوموا بأي ضغط أو رفع كتب للحكومة بهذا الخصوص، لتخفيض النسبة من 25 إلى 15 بالمئة، ولكنهم متخوفون وخاصة لناحية إشكالية التمويل، التي لا تزال تجري بالشكل الخاطئ، فكيف سيتم اقتطاع النسبة من البضائع وهي لم يتبين إن كان سيتم تمويلها أم لا؟ وما نسبة تمويلها، إذ إن أغلب عمليات التمويل الحالية لا تكون بنسبة 100 بالمئة؟ وهو أمر مرتبط بمصادر القطع الأجنبي، فهناك إجازات استيراد تمول بنسبة 10 بالمئة فقط، إضافة إلى أن هناك إشكالية فرق السعر وقت التمويل والسعر وقت استلام البضاعة، ولدينا العديد من الحالات لبوليصات تمويل لا تزال في المصارف، ولم يجر تمويلها حتى الآن رغم مضي عدة أشهر عليها. وبيّن البردان أن القرار كان مطبقاً في السابق ولكن بنسبة 15 بالمئة للمواد المستوردة كافة، وقد توقف العمل به منذ نحو العام بسبب الإشكاليات التي حدثت في آليات التنفيذ، والقرار الحالي فقط للمواد الممولة والتخوف ذاته لا يزال من الأخطاء في آلية التنفيذ. ونوه بعدم إمكانية تحديد نسبة التجار الذين يمولون أنفسهم بنسبة 100 بالمئة ولكنهم قلة، وكذلك الأمر فإن نسبة إجازات الاستيراد التي تمول بنسبة 100 بالمئة هي قليلة جداً، نظراً لعدم وجود مصادر قطع أجنبي كافية، ولكن عند لجوء التاجر لتمويل نفسه بنفسه سيضطر للبحث عن مصادر بديلة للقطع الأجنبي، ولذلك فالتوقعات بارتفاع الأسعار ستكون إما بسبب لجوء التاجر للبحث عن مصادر تمويل بديلة، وبالتالي يرتفع سعر القطع عليه وسيعوضه برفع الأسعار، وإما إنه سيتجه لتمويل نفسه من المصرف المركزي والمصارف الخاصة وتسليم النسبة وفق القرار، مع ملاحظة أن التمويل لا يجري بشكل مباشر، وإنما يضطر للانتظار لعدة أشهر من دون أن يعلم ما هي نسبة التمويل التي سيحصل عليها، وخاصة في الظروف الحالية مع ضعف مصادر القطع الأجنبي، ولذلك سيضطر لرفع الأسعار أيضاً لتعويض فرق النسبة التي سلمها والتي تعتبر خسارة بالنسبة له، أمام الواقع الحالي فإن التاجر يدخل في إشكاليات تمويل تشابه لعبة الحظ واليانصيب. تحصيل ضريبي أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق رسلان خضور صرح بأن المستوردين يحصلون على تمويل إجازات الاستيراد من المصرف المركزي وبالسعر الرسمي، لذا من الطبيعي أن يتم بيع سلعهم وفق هذا السعر الرسمي بعد احتساب التكاليف، ولكن ما يجري أنهم يحسبون التكاليف ويبيعون على أسعار القطع الأجنبي في السوق الموازية (السوداء) التي تزيد على السعر الرسمي بأكثر من 130 ليرة. وأضاف: «لذلك فإن قرار الحكومة يعتبر إجراء لضبط هذه العملية، وهو طبيعي ليكون هناك نسبة تخصص لمؤسسات الحكومة لتبيع بسعر التكلفة الممكنة، أما الاختلاف على النسبة، فالمفروض أن يكون هناك تواصل واتفاق مع المستوردين لإقناعهم بهذا النسبة، والتوضيح بأن هذه مصلحة وطنية، وأن يتم تسويق هذا القرار بشكل جيد إن كان لجهة المستوردين أو لجهة المواطنين وألا يمر كمجرد قرار رسمي». وتابع خضور: «أما إن لم يقتنعوا بالقرار، فيجب إلزامهم به، إذ إن المستوردين سيعتبرون أنهم تعرضوا للظلم وللخسارة في أرباحهم الاستثنائية، ويعتبرونه إجراء غير مناسب تسبب لهم بالخسائر، ولكنهم يجب أن يعلموا بأن هذا القرار يماثل التحصيل الضريبي على أرباحهم الاستثنائية التي يحققونها من فرق سعر الصرف، وخاصة أنهم لا يقبلون أن يبيعوا على أساس السعر الرسمي للقطع والممول من المركزي، لذا، فإن هذا الإجراء جيد للحد من ارتفاع الأسعار ولإيجاد تناسب بين التكاليف وسعر المبيع». وختم بالقول: «حالياً، فإن نسبة 15 بالمئة تغطي جزءاً جيداً من متطلبات السورية للتجارة، مع أنه لا يضبط الأسعار بشكل مباشر، ولكنه يفيد في إيجاد توازن من خلال خفض الأسعار من السورية للتجارة، وإن كان بنسبة محدودة، ولكنها تدفع التجار إلى خفض أسعارهم بسبب المنافسة». الوطن