خبير اقتصادي: تأثيرات كبيرة ستطال الفقراء من رفع الدعم عن البنزين
اعتبر الخبير الاقتصادي عمار يوسف أن رفع الدعم الحكومي عن البنزين -بحال تم- "لعبة خطيرة تمس حوامل الطاقة وسيكون لها منعكسات اقتصادية على حياة المواطن السوري، حيث تؤدي وبشكل فوري لارتفاع أسعار كافة المواد لارتباط كافة المواد بالمحروقات". وأضاف يوسف أن "رفع سعر البنزين سيؤدي إلى رفع أجور المواصلات بشكل فوري، واتخاذ تجار الأزمة هذا الارتفاع مبرراً لرفع أسعار المواد الغذائية، إضافة إلى خلق سوق سوداء للتجارة بمادة البنزين من خلال منظومة الفساد المعروفة في سورية". السيارة ليست ترفاً ونفى يوسف اعتبار السيارة ترفاً ورمزاً للرفاهية، مبيّناً أنها حق المواطن الطبيعي، وهناك العديد من الأشخاص يحتاجونها كون بيوتهم بعيدة، أو ربما يعملون عليها، وحصرهم بـ120 ليتر لن يكفيهم، أي أن رفع الدعم لن يمس فقط الأغنياء بل سينعكس على الشرائح الأخرى. وقال "بحال رفع الدعم الحكومي عن البنزين، فسيكون المواطن أمام حلين، إما أن يرضخ للقرار ويشتري المادة بالسعر الحر الذي ستحدده الدولة لاحقاً، أو سيركن سيارته جانباً ويعود للنقل العام، وهذا ما سيخلق ازدحاماً وأزمة أخرى، وسيجعل المواطنين رهينة الأسعار التي سيتحكم بها سائقو السرافيس والتكاسي". مواصفات لا ترقى للعالمية وحول ما يشاع عن التوجه لجعل سعر البنزين وفق السعر العالمي، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن "المواصفات الحقيقية للبنزين السوري لا تصل أصلاً إلى جزء بسيط من مواصفات بنزين الدول المجاورة وسعره أغلى". وتابع "البنزين السوري بحدوده العليا لا تتجاوز نسبة الأوكتان فيه 88% حسب التصريحات الحكومية، وبمعادلة بسيطة وباعتبار أن السعر الجديد المقترح لدى الحكومة هو 9,500 ليرة سورية لتنكة البنزين، وباعتبار أن لبنان هي الأقرب لسورية، فإن سعر تنكة البنزين في لبنان أوكتان 95% يبلغ وحسب سعر الصرف الحالي 9,500 ليرة، و10,500 للأوكتان عيار 98%". معادلة غير مقبولة واعتبر يوسف أن معادلة رفع الدعم عن المواد الأساسية وخاصة حوامل الطاقة غير مقبولة، فلا بد من تحسين دخل الفرد لكي يستطيع الاستمرار على قيد الحياة، حيث إن الحد الأدنى للأجور في الدول المجاورة، ولبنان مثلاً في حده الأدنى 800 دولار، بينما الحد الأعلى للأجور في سورية 200 دولار. منعكسات نفسية وفي نهاية حديثه، أشار يوسف إلى أن "تهديد الحكومة بشكل متواصل برفع الدعم عن المواطنين سيكون له منعكس نفسي عليهم، وخاصة في هذه الفترة أي فترة العقوبات الاقتصادية الخارجية، والشعب السوري ليس ضد رفع الدعم لكنه مع تحسين الدخل ومستوى المعيشة ليستطيع الاستمرار في الحياة". ورغم تأكيدات الخبير الاقتصادي عمار يوسف بأن رفع الدعم الحكومي سيكون له منعكسات سلبية على المواطنين، لكن خبراء اقتصاديين آخرين أكدوا أن من حق الدولة رفع دعمها عن المادة، معتبرين أن من يملك سيارة يكون وضعه المادي جيد ولا يحتاج دعماً، مقترحين توزيع بدل نقدي على من يستحق هذا الدعم. وقبل أن تؤكد الحكومة وجود دراسة لتحديد مخصصات البنزين المدعوم، اقترح رئيس "هيئة الأوراق والأسواق المالية" عابد فضلية بنهاية 2018 مضاعفة سعر البنزين وإعطاء ذوي الدخل المحدود والفقراء مايتم تحصيله من رفع السعر، معتبراً أن ذلك يعد أحد الحلول المقترحة لوصول دعم المشتقات النفطية لمستحقيها حقاً، حيث إن الدعم يصل الغني والفقير، حسبما ذكر. وتصل تكلفة ليتر البنزين إلى 315 – 320 ليرة بينما يباع للمواطنين بـ225 ليرة أي دعم الليتر بين 90 و95 ليرة، وفق ما قاله مدير الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية "محروقات" مصطفى حصوية في تشرين الثاني الماضي. وخصصت الدولة في موازنة العام الجاري 811 مليار ليرة للدعم الاجتماعي، موزعة على 361 مليار ليرة لدعم الدقيق التمويني، و430 مليار ليرة لدعم المشتقات النفطية، و10 مليارات ليرة لصندوق الإنتاج الزراعي، و10 مليارات للصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية. فيما بلغت إيرادات الفروقات السعرية 774.73 مليار ليرة وهي عكس الدعم الاجتماعي، أي بيع الدولة للسلع والخدمات بأسعار أعلى من الأسعار الإدارية، وبالتالي فإن الدعم الاجتماعي الفعلي يبلغ 36.27 مليار ليرة فقط، حسبما قالته مؤخراً الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، مبيّنةً اتباع أسلوب التضخيم الإعلامي في أرقام موازنة 2019، حيث تم تضخيمها 1.2 تريليون ليرة. ويوجد حالياً، بحسب تأكيدات رئيس "مجلس الوزراء" عماد خميس، دراسة لدعم ما يقارب 120 ليتر بنزين شهرياً، أي بيع الليتر بـ225 ليرة، فيما تباع أي كميات إضافية تتجاوز هذا الرقم بسعر الكلفة، لكنه بيّن في الوقت نفسه أن الموضوع لا يزال قيد الدراسة، ولم يصدر فيه أي قرار بعد. الاقتصادي