معرض لتوثيق التراث السوري وتراث مباني حلب في ألمانيا
افتتح في متحف “بيرغامون” في العاصمة الألمانية برلين نهاية شباط الماضي، معرض “المشهد الثقافي السوري – الحفاظ على الآثار في وقت الحرب وأرشفتها”، ومن ضمنه مبادرة تحمل اسم “توثيق تراث مباني حلب”. وبحسب مركز دمشق للدراسات والأبحاث “مداد” فإن “مدير متحف الفن الإسلامي، ستيفان ويبر قال إنَّ “المشروع، الذي بدأ في عام 2013، كان من بين المشاريع الأولى من نوعها، حيث قام بتجميع أكبر أرشيف للمعلومات حول التراث السوريّ خارج سوريا”. وجاءت مصادر هذه المواد من باحثين سوريين عدة، إضافة إلى الأرشيفات التاريخية الخاصة والعامة، بالإضافة إلى المقيمين السوريين واللاجئين، ويضم المشروع 15موظفاً، تسعة منهم سوريين. وقال ويبر، الذي سكن في سوريا سابقاً: “نحن لسنا فريق إعادة إعمار، ولا يمكننا إلا تقديم الوثائق، وكنا محظوظين، لأنَّ الكثير من السوريين جاءوا إلى ألمانيا وعملوا معنا”. وتعرض بعض هذه الوثائق، إلى جانب الأفلام والشاشات التفاعلية التي سيتم تشغيلها في المعرض “رحلة افتراضية للاستكشاف” عبر التراث السوريّ، مع التركيز على مدن دمشق وحلب وتدمر والرقة، وما تسمّى المدن المنسيّة أو “المدن الميتة”. أحد الباحثين المشاركين، باحث سوريّ في علم الآثار، يدعى رامي الأفندي، يعمل مع فريق يتألف من ثلاثة أشخاص في مبادرة تسمّى “توثيق تراث مباني حلب”، ضمن مشروع الحفاظ على التراث السوري. قضى الأفندي خمس سنوات في ماليزيا يعمل على شهادة الدكتوراه، التي تبحث في الألواح الخشبية ذات الطراز العثمانيّ المزينة بالزخارف العثمانيّة في 12 منزلاً من منازل حلب الفخمة. وبين عامي 2006 و2010، قام الأفندي بالتقاط مئات الصّور الفوتوغرافية والفيديوهات للمنازل والمباني الحلبية، ما قبل الحرب، مثل: بيت غزالة، وهو منزل يعود إلى القرن السابع عشر، تم ترميمه في عام 2009-2010 ليكون بمثابة متحف للصُّور التذكاريّة لمدينة حلب. وأشار الأفندي إلى أنه “تمت إزالة جميع لوحات بيت غزالة تقريباً، ولسنا متأكدين إذا كانت قد دُمّرت، ونعتقد أنَّ لصوصاً سرقوها لبيعها ولم يظهر أيٌّ منها حتى الآن”. وقام فريق المشروع بإرسال مجموعات من البيانات عن مواقع التراث السوريّ إلى اليونسكو، بما في ذلك تقرير عن الألواح الخشبية المفقودة في بيت غزالة، وقد تم تمرير هذا إلى الإنتربول والمجلس الدوليّ للمتاحف، على أمل أن تعود الألواح إلى الظهور في سوق الفنّ وتتم استعادتها. و ينظر ويبر إلى مدينة حلب كواحدة من أهم المواقع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بقلعتها ومساجدها ومدارسها وكنائسها وقصورها وأسواقها”. ونوه مدير متحف الفن الإسلامي إلى أنه “في حين أنَّ المواقع القديمة غير المأهولة، مثل تدمر، يمكن إعادة بنائها في مرحلة لاحقة بمساعدة نماذج ثلاثية الأبعاد، إلا أن عملية إعادة إعمار حلب هي أولوية ملحة جداً مع عودة الحياة السكانية والاقتصادية”. وأضاف “حلب موقع مُدرج على لائحة التراث العالميّ لليونسكو منذ عام 1986، ومدينة مأهولة منذ أكثر من 5000 عام، وكانت مركزاً للعديد من طرق التجارة الرئيسة منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، وفي القرن السادس عشر، كانت حلب تماثل من حيث المساحة مدينة لندن”. وبين ويبر أنه “حتى فرز وتصنيف آلاف الصّور التي تلقاها المشروع للسوق يُعدّ عمليّة شاقة، لم تحدد أيّة صورة من هذه الصور الموقع، وتم أخذ معظمها عندما كانت المتاجر مفتوحة، لذلك ينبغي عليك أن تعرف المكان جيداً حتى تستطيع التعرف عليها”. وأوضح ويبر أنّه “بالنسبة للمشروع لا يتم جمع مواده بشكل عشوائي، ولكن يتم اختيار المواد التي ستكون مفيدة كقاعدة وأساس لأولئك المشاركين في إعادة الإعمار”، مضيفاً “صحيح أنَّ العمل بطيء، ولكن أعتقد أننا سننجز شوطاً طويلاً في غضون هذه السنوات الثلاث القادمة من الآن”. وأشار المقال إلى أنه “اقتصر تمويل الاتحاد الأوروبيّ ومشاركته في إعادة بناء التراث السوريّ، حتى الآن، على المبادرات الخاصة بسبب العقوبات المفروضة على سوريا”. والمشروع عبارة عن تعاون بين متحف الفن الإسلامي ومعهد الآثار الألماني وشبكة التراث الأثري، ويضم خريطة تفاعلية للتراث في سوريا، وهي التراث والذكريات المنقولة شفاهةً من سوريا وعن سوريا. تلفزيون الخبر