خروج أكثر من 500 ورشة صناعية في حلب.. والاقتصاد تعزي السبب لتوفير القطع الأجنبي!
شكل توقف أكثر من خمسمئة منشأة تعمل في مجال صناعة النسيج الدائري (السيركولير) في حلب حالة خلل واضطراب على أكثر من صعيد منذ أربعة أشهر وحتى تاريخه. وتشير المعلومات الأولية من بعض أصحاب هذه المنشآت والورش الحرفية المنتشرة في أكثر من منطقة صناعية وحي، إلى وجود نقص كبير في أسواق حلب من الأقمشة (المصنرة) الأساسية في صناعتهم منذ فترة طويلة دفعتهم مع مرور الوقت إلى إغلاق ورشهم الحرفية وتسريح مئات العاملين لديهم والتوقف عن الإنتاج بانتظار إيجاد الحلول المناسبة لعودتهم للعمل وإعادة فتح هذه المصانع. وخلال زيارتنا إلى غرفة صناعة حلب للوقوف على حقيقة هذا الموضوع والإجراءات المتخذة حياله، قال المهندس فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف الصناعة ورئيس غرفة صناعة حلب: في الحقيقة وكما هو معروف للجميع أنّ حلب عانت خلال فترة الحرب على سورية، والحصار طالها من جميع الأوجه، ولذلك فإن مصانعها وأسواقها مازالت تعاني من النقص الشديد في العديد من المواد الصناعية والتجارية والإنتاجية وبالأخص في هذا الوقت، حيث تعاني معامل وورش الصناعات النسيجية والأقمشة المصنرة والمصابغ والخيوط وغيرها. لكن في الوقت نفسه نجد أن هناك جهود ملموسة لمعالجة هذا الواقع وهذا الموضوع من خلال ماتبذله الحكومة للحفاظ على هذه الصناعة وإعادة الروح إليها وإلى المنشآت المتوقفة عن الإنتاج، تمثلت بتشكيل لجنة من قبل وزير الصناعة السابق عرفت بلجنة القرار ١١١٤ تاريخ ٢٦ /٦/ ٢٠١٨ برئاسة معاون وزير الصناعة الدكتور جمال العمر وعضوية (١٨) شخصاً من المختصين العاملين في القطاعين العام والخاص مهمتها دراسة وتطوير وتحفيز قطاع الصناعات النسيجية بمختلف مكوناته بداية من زراعة الأقطان وحلجها إلى صناعة الغزول والصناعات النسيجية بمختلف مراحلها. وبعد مرور أربعة أشهر على عمل هذه اللجنة وتحديداً من تاريخ ١٥ / ١٠ / ٢٠١٨ صدر عن هذه اللجنة العديد من المقترحات من أهمها وأبرزها الفقرة ١٣ التي تقول: السماح باستيراد الأقمشة المصنرة لأصحاب المنشآت الصناعية فقط القائمة والجاهزة للعمل والإنتاج بناء على الكشف الحسي وفق المخصصات المحددة لها من مديرية الصناعة المعينة وضمن طاقاتها الإنتاجية. وبتاريخ ٥ / ١١ / ٢٠١٨ تمّ إقرار مقترحات هذه اللجنة ضمن التوصيات التي صدرت عن المؤتمر الصناعي الثالث الذي انعقد في حلب، ثمّ أقرت الحكومة في اجتماعها الأسبوعي بعده ما جاء في هذه التوصيات. لكن وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على تشكيل هذه اللجنة نجد أنّه لم تصدر بعد القرارات التي تمنع استيراد الأقمشة المصنرة المستوردة بشكل مفتوح وواسع للجميع لتلحق الضرر بأكثر من (٥١٠ ) منشآت متوقفة عن الإنتاج من أصل ١٢٤٩ منشأة كانت تعمل في حلب قبل الحرب. موقف وزارة الصناعة بالاتصال هاتفياً مع معاون وزير الصناعة الدكتور جمال العمر وسؤاله عن مصير هذه المقترحات ولماذا لم تصدر بعد ؟ قال: نحن كلجنة رفعنا مقترحنا بهذا الموضوع وأقر في المؤتمر الصناعي الثالث، لكن التنفيذ يقع على عاتق وزارة الاقتصاد الجهة صاحبة الصلاحية في إصدار أو منع قرارات الاستيراد أو التصدير. اللجنة الاقتصادية لم توافق وبالتواصل مع مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ثائر الفياض وسؤاله عن مصير هذا الموضوع، قال: لقد تمّ رفع مقترحات لجنة القرار ١١١٤ إلى اللجنة الاقتصادية ولم توافق عليه وطالبت بالتوسع بدراسته وهو قيد المعالجة، وليس بإمكاننا إصدار قرار قد تكون له نتائج سلبية على الجهات المعنية والمختصة، وخاصة لجهة صناعة الألبسة الجاهزة أو صناعة أقمشة الجينز، وهذا القرار لايتعلق بوزارة الاقتصاد فقط، إنّه يتعلق بوزارة الزراعة ووزارة الصناعة واتحاد غرف الصناعة ومؤسسة حلج وتسويق الأقطان وهيئة تخطيط الدولة وجميع المؤسسات ذات الصلة، نظراً لتأثيره على كميات الإنتاج وعدد المنشآت الصناعية القائمة حالياً وحجم الاستيراد لدينا وحاجة السوق، وبناء علـى هذه المعايير يقـوم صاحب القـرار باتخاذ القـرار المناسب. وأضاف الفياض: فإذا وجدنا أنّ الصناعة المحلية من هذه الأقمشة تغطي حاجة السوق فلا داعي للاستيراد لأنها توفر القطع الأحنبي لاستخدامه في مجال آخر، وهيئة تخطيط الدولة تنظر بمدى حاجة السوق المحلية لهذا الموضوع، فإذا كانت الصناعة المحلية تغطي حاجة السوق حالياً فلا مشكلة لدينا لأنها تريحنا من توفير القطع الأجنبي لاستخدامه في مجال آخر. وتابع: نحن في وزارة الاقتصاد نقف إلى جانب أيّ مادة تنتج محلياً ولا نقوم باستيرادها للمحافظة على القطع الذي لدينا أو لاستخدامه في عمليات استيراد مواد أخرى قد تكون أكثر أهمية مثل المواد الغذائية، ونحن كوزارة الاقتصاد ندعم الصناعة المحلية لأبعد الحدود، واعتقد أنّه من المقرر أن يعقد قريباً اجتماع لأصحاب هذه الصناعة مع وزير الاقتصاد ليتم البحث معهم في النقاط المثارة من قبلهم واتخاذ القرارات المناسبة بعدها. وبالعودة إلى غرفة الصناعة أفادت بأنّ هذا الادعاء غير دقيق بدليل أن الغرفة وافت الوزارة بالمعلومات الكافية عن عدد هذه المنشآت وحجم عملها وبأنّه كفيل بتغطية حاجة السوق وزيادة، وبأنّ ذلك نوقش أصلاً من خلال مناقشة اللجنة ١١١٤. إننا نأمل أن يجد هذا الموضوع الأهمية الكافية لجهة المنعكسات السلبية على إغلاق أكثر من ٥٠٠ ورشة حرفية وتأثيرها على واقع صناعة الألبسة في حلب بشكل خاص والأضرار المتوقعة على باقي هذه المصانع وهذه الورش والبطالة التي سينتجها. تشرين