دراسةحديثة: عمل حكومات الأزمة بمعظمه لم يكن موفقاً ولا مفهوماً
أعلنت دراسة أعدتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة والجمعية العلمية الاقتصادية أن نسبة 40 إلى 50 بالمئة من الأضرار المباشرة التي لحقت بالاقتصاد السوري في ظل الحرب عليها نتيجة العقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب على البلاد.
وانتقدت الدراسة التي عرضها الباحث الاقتصادي مدين علي بحضور ممثلين عن بعض الوزارات أداء الحكومات المتعاقبة منذ بداية الأزمة في تعاطيها مع العقوبات، معتبرة أنها اتجهت منذ اندلاع الحرب نحو تعاط مختلف لم يكن في جانب كبير منه موفقاً ولا حتى مفهوماً.
وبينت الدراسة أن سياسة الحكومات حول موضوع السياسة النقدية وإدارة القطع الأجنبي قائمة على تبديد الاحتياطي واستنزافه بصورة غير عقلانية ومفهومة بالمنظور الوطني والمصلحة الوطنية العليا ولا حتى بالمنظور الاقتصادي العلمي.
واعتبرت الدراسة أن هناك خللاً كبيراً في سياسة إدارة احتياطي القطع الأجنبي التي قامت على أسس ملتبسة منها المضاربة والتدخل وتوزيع القطع وكأننا لسنا في حالة حرب ما أدى إلى انهيار القوة الشرائية لليرة نتيجة انخفاض سعر صرفها تجاه الدولار.
وأضافت الدراسة: إن الحكومات لم تتصد بقوة وحزم لنشاط التهريب وفتح الاستيراد من دون ضوابط وقيود، مؤكدة أنها غضت الطرف عن تشكل سوق موازية «سوق اقتصاد الظل» ما أدى إلى أنها سيطرت على 70 بالمئة من الاقتصاد.
ورأت الدراسة أن الحكومات اعتمدت على قوى وفعاليات اقتصادية جديدة في تجاوز التحديات بلا هوية ولا ثقافة اقتصادية وطنية متماسكة وصلبة، معتبرة أن الحكومات استسلمت لمسألة العجز واتجهت نحو الاعتماد ugD الاستدانة عبر خطوط ائتمانية على حين هناك مئات المليارات التي تعود للدولة تضيع عبر قروض متعثرة لدى متعاملين على أرض البلد أو من خلال مستأجري أملاك عامة أو مستثمريها.
وأشارت الدراسة إلى أن سياسة الحكومات قامت على دولرة غير معلنة للاقتصاد وليس عبر التداول العلني بالدولار وهذا ما أدى إلى غض النظر عن عملية التسعير بالدولار سواء كانت صغيرة أم كبيرة مستوردة وغير مستوردة وسيطة أم نهائية على أساس تقلبات سعر صرف الدولار الذي كانت توجهه سياسة سعر الصرف وإدارة القطع الأجنبي.
وأكدت الدراسة أن هناك استفحالاً في ظاهرة الفساد داخل الأجهزة البيروقراطية التي كانت للعقوبات دور كبير في انتعاشها.
وأكدت الدراسة أن العقوبات نجحت من الناحية الاقتصادية إلا أنها فشلت من الناحية السياسية، موضحة أنه حدث نتيجة العقوبات خلل كبير بين حجم الطلب والعرض المتاح وخصوصاً في ظل تعاظم دور تجار الأزمة والقوى الاحتكارية الذين استغلوا ظروف الحرب والعقوبات وانشغال الدولة بأولويات أخرى.
ورأت الدراسة أن للعقوبات أثراً في إعادة تشكيل ديناميكي للمجتمع وللاقتصاد السوري تقوم على الهدم عبر تغير مجرى العملية التوزيعية المتعلقة بالفائض والدخل القومي.
وأوضحت الدراسة أن أدوات السياسة الاقتصادية تحولت إلى أدوات عاجزة كلياً أو جزئياً بنسب متفاوتة عن إدارة الاقتصاد الكلي بكفاءة وتقنية عالية.
وأضافت الدراسة: إن كل هذه العوامل أدت إلى استمرار تردي الوضع الاقتصادي لعدم القدرة على تفسير نتائج السياسات في غالب الأحيان بأسباب منطقية ومقنعة تقوم على أساس مقاربات علمية، إضافة إلى التخبط وعدم الاستقرار الاقتصادي والتشريعي وتبادل الاتهامات بالمسؤولية عن العجز أو الفشل في تنفيذ الخطط وخصوصاً أن الكل يقدم نفسه كمنقذ استثنائي.
واعتبرت الدراسة أن تنامي العجوز المالية وانخفاض سعر صرف الليرة وتراجع الكبير في القوة الشرائية جعل الأسرة السورية المكونة من 6 أفراد بحاجة إلى 200 ألف ليرة شهرياً لتغطية تكاليف المعيشة، إضافة إلى أن الأسرة فقدت الكثير من الموارد الغذائية والدوائية وغذاء الأطفال ومستلزمات الاستهلاك اليومية.
"الوطن"