بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

الجمال ما بين اللغة والفلسفة

الثلاثاء 25-04-2017 - نشر 7 سنة - 5794 قراءة

منذ بدء الخليقة والإنسان يحمل مفاهيم لا يستطيع أن يُجسدها في قوالب مادية، كالعدل والصدق والحرية والكرامة… مثل هذه المفاهيم كانت وما زالت لا تُجسد ومع ذلك يستطيع الإنسان أن يعيشها ويشعر بوجودها أو غيابها، فمثلًا لا يستطيع أحد أن يجد شيئًا ماديًا ويقول هذا هو العدل! وعلى الرغم من ذلك يستطيع أن يشعر بوجود العدل أو غيابه وهكذا بالنسبة لكل هذه المفاهيم.

من هذه المفاهيم مفهوم الجمال. دعنا نرَ أولًا ماذا يعني الجمال في لسان العرب.

يُعرف الجمال عند علماء اللغة بالروعة والبهاء والحسن والرونق والرواء. يُقال الفتاة جميلة أي حسنة المظهر وهكذا.

ولكن الفلاسفة لهم في ذلك شأن آخر، فقد تعددت وتنوعت آراء الفلاسفة في تعريف الجمال، واختلفت تبعًا لزاوية نظر كل منهم للأمر. سنلقي النظر على بعضها.

الجمال عند أفلاطون

وصف أفلاطون الفن الجميل بأنه «هوس»، وكثيرًا ما يتبادر إلى الذهن معنى خاطئ وشائع لهذه الكلمة، والمعنى عند أفلاطون هو الإلهام الذي مصدره الآلهة وربات الفنون.

والهوس عند أفلاطون أربعة أنواع، منهم ما يسميه «هوس الصوفية» وهذا النوع لا يأتي إلا لمن تطهرت نفسه وتجملت وأصبحت نقية، فتكشفت لها الأسرار الدينية.

والنوع الآخر الذي نحن بصدده الآن هو «هوس الشعراء»، وهو الإلهام الذي يُصيب الشاعر فيجعله يُجيد فن الشعر حتى لتتضاءل أمامه أي براعة مهما بلغت درجة إتقان الصنعة فيها.

فالإلهام أو الهوس كما يسميه أفلاطون مرتبط بجمال نفس صاحبه أي نقائها وطهارتها ومدى ارتباطها بعالم المثل والحقائق.يقول أفلاطون في محاورة «القوانين»: إن من يسعى إلى أجمل الغناء والموسيقى – وكذلك الأمر بالنسبة للفنون الأخرى – عليه ألا يبحث عما يبدو لذيذًا بل ينبغي أن يبحث عن الصحيح وعن صدق المحاكاة التي تتلخص في التعبير عن الأصل من جهتي الكم والكيف.

* الجمال عند «بندتو كروتشي»: فيلسوف إيطالي وُلد عام 1866

من أعظم مؤلفات كروتشي هو كتابه عن «الجمال» الذي نشره عام 1902، ويرى كروتشي أنه في الوقت الذي تقدم لنا العلوم فيه الفائدة فالفنون تقدم لنا الجمال، لذلك ظهر في كتابه هذا تفضيله للفن على العلم والميتافيزيقيا.

إن المعرفة نوعان، معرفة يُنتجها الخيال وأخرى يُنتجها العقل، والمعرفة الفنية هي معرفة خيالية وثروة ذهنية. وبما أن الخيال يسبق الفكر فإن فاعلية العقل الفنية وقدرته على تكوين الصور الذهنية تسبق فاعليته المنطقية.

فالفاعلية الفنية يكمن جوهرها في الجهد الساكن الذي يبذله الفنان وهو صامت ليتصور الصور الكامنة المتقنة التي تعبر عن الموضوع الذي في ذهنه، ليست المعجزة الفنية في إخراج الصورة وإظهارها وإنما في تصورها كفكرة، لأن إخراج الصورة ليس إلا صياغة آلية وبراعة يدوية.

ومن هنا يتضح تعريف الجمال عند كروتشي حيث يرى أنه الصورة الذهنية التي يبدو فيها جوهر الشيء المدرك فهو يمت إلى الصورة الباطنية أكثر منه إلى الصورة الخارجية التي هي تجسيد للباطنية.

ومهما اختلفت الآراء في تعريف الجمال فسيظل إحدى القيم الثلاث التي ترد إليها الأحكام التقويمية وهذه القيم هي الجمال والحق والخير.

يقول ابن سينا: وجمال الشيء وبهاؤه أن يكون على ما يجب له.

ولكن أليس الأمر يستحق بعض التأمل والنظر ولو قليلًا داخل أنفسنا لمعرفة مفاهيم هذه المعاني بالنسبة إلينا أو ما تعنيه لنا، دون اللجوء لآراء الفلاسفة والمفكرين، ومن ثم إدراك جانب من ذواتنا الغامضة بالنسبة إلينا؟

 

هافينغتون بوست


أخبار ذات صلة

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

إشراف.. الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

المايسترو ميساك باغبودريان:

المايسترو ميساك باغبودريان:

من المحزن عدم وجود أي برنامج يتحدث عن الموسيقا في قنواتنا التلفزيونية