هذه المعتقدات قد تحرمك من السعادة
في منتصف القرن السابع عشر في أواسط أوروبا، انتشر مرضٌ نفسيٌ بشكل كبير بين مُختلف طبقات الشعوب؛ ألا وهو شعور المريض بأنَّه زجاجي، وأي احتكاك أو تعامُل جسدي مع الآخرين سيتسبب في تَكّسّره، وتَفتتّه إلى شظايا. سميت تلك الحالة فيما بعد بـ«متلازمة الزجاج»، أو «وهم الزجاج»، وكان أشهر من عاَنى من تلك الحالة الملك «شارل» السادس ملك فرنسا. وإنَّ هذا المُعتقد قد يسجن الشخص داخل إطار من المُحرمات أو المحظورات التي تؤثر على أسلوب حياته، كما فعل المُصابون بمتلازمة الزجاج الذين قضى أكثرهم أغلب فترات حياته معزولًا عن الآخرين، ويتعامل مع الأشياء بِحرص وبُطء. لو تخيَّلت هذا المِثال المذكور، وتأثيراته مع مُعتقدات أخرى، فلسوف تجد أنَّ تلك المُعتقدات قد تؤثر على أسلوب حياتك، وقد تحرمك من السعادة باعتبارها هدفًا يَسعى كل البشر إليه. لا أستطيع أن أكون نفسي وإلا سيتم انتقادي عندما تتمسَّك باعتقادك أن الآخرين من حولك هم المعيار والحَكَم لتصرفاتك وأسلوب تعامُلك مع الحياة فأنت فعليًا تبني لنفسك زنزانة من الآخرين. عندما ظهرت المُذيعة التلفزيونية الأمريكية السوداء «أوبرا وينفري» انتقد نَجاحها وجرأتها ملايين من المُتعصبين عرقيًا، والذين هاجموا مَسيرتها، ووصفوها بأنها «عنصرية»، و«بدينة لا تصلح للعمل الإعلامي»، ولكنها لم تأبه لتلك الانتقادات وأكملت مسيرة نجاح استمرت ثلاثين عامًا. كذلك يَنطبق الأمر على العديد والعديد من الأمثلة عن شخصيات شهيرة انتُقِدوا للون بشرتهم، أو مُعتقداتهم الدينية، أو آرائهم السياسية ولكنهم وصلوا لقِمَة نجاحهم، ووصوا إلى السعادة. بدلًا من أن تنتظر الحكم عليك من الآخرين؛ قل لنفسك: «ليست مهمتي أن أُرضِي الناس في حياتي». لا أستطيع أن أقع في الحب وإلا سوف أتألّم عادةً ما يَحمل الكثير من الأشخاص تلك الفكرة لاشعوريًا، أو في عقلهم الباطن. ويُبقون أنفسهم بعيدًا عن أيَّة علاقات شَخصية أو عامة، خوفًا من ألَّا يُقَدِر الآخرون مشاعرهم، أو يكافئون حُبهم بِصَدمة عاطفية. بينما قد ينفتح آخرون على علاقات مُتحفظة أو علاقات زمالة، ولكنهم برغم ذلك يظلّون مُنغلقين شعوريًا خشية الجرح. بالرُغم من كل هذا الحذر؛ فالخَوف من الألم العاطفي سوف يَمنعك من أن تجد الحب الصادق، أو الشريك المُحب بِنُضْج كافٍ لو صَح ذلك الوصف. الألم العاطفي سيحدث لا محالة، ولسوف يُعلمّك أن تتجاوز مِحنتك، ويصنع منك شخصًا أقوى من الذي يرقد في قوقعته خائفًا من البحث عن المشاعر الصادقة. بدلًا من تلك الفكرة حاول أن تقول لنفسك: «الألم لن يقتلني. الألم يساعدني على تجاوز الصِعاب، وإيجاد الحب الصادق، وتمييزه عن المُزيف». لا أستطيع أن أطلب من الآخرين أشياء خوفًا من أن يرفضوا تقول «سيلستين شوا» إحدى أهم مُدربي التطوير الذاتي والمهني: «في بداية حياتي حاولت كثيرًا أن أحصل على فرصة كي أعرض مهاراتي وقُدراتي على الشركات كي أحظى بوظيفة أحلم بها، ولطالما كانوا دائمًا يتنصّلون من إزعاجي – بالنسبة لهم – بأن يطلبوا مني أن أرسل سيرتي الذاتية عبر البريد الإلكتروني، ومن داخلي كنت أعلم أنهم فقط يريدون التخلُّص مني، وبعد الشعور بالرفض أحب أن أوضح أنني لم أتوقف عن المحاولة، وحَصلت على إحدى أهم الوظائف في حياتي بِعَقد عمل لِمُدة عامين مُدربة تنمية وتطوير في أهم شركة في بلدي سنغافورة». ما أرادت أن تقوله هو أن الخوف من الرفض شيء طبيعي، والرفض ذاته شيء طبيعي، وجزء مهم من مسار الحياة. كُلّما تشَبّثت بخوفك من الرفض، تراجعت في مسيرتك. واجهْ الرفض، وأكمل السير، وتعامل مع الأمور في حياتك على أنها غير أكيدة؛ ثم تعامل بِحِكمة مع عدم اليقين. لن أثق في الناس خَشية أن يَخُونوا ثِقتي عندما تحاول جاهدًا أن تتعامل بحذر مع الآخرين، وألا تُعطي ثقتك كاملة لمن حولك؛ فأنت تلقائيًا تبني أسوارًا خفية بينك وبين الآخرين. من الطبيعي ألَّا تثق ثقة عمياء في الآخرين، ولكن على الجانب الآخر إذا بادرت بإعطاء الثقة للآخرين بالتدريج فسوف تضع دائمًا الآخرين في مسؤولية تجاهك، وعندما تبدأ في اكتساب ثقتهم فأنت الآن في محطة تمييز الأشخاص، ومدى جَدارتهم بثقتك. حتى لو خان أحدهم ثقتك فهذا دائمًا شيء سيء؛ لكن تذكر أنه شيء سيء من الآخرين وليس مِنك أنت. بدلًا من أن تخاف من خيانة الثقة ممن حولك حاول أن تفكر: «كل الأشخاص جديرون بالثقة ما لم يثبت عكس ذلك، وإن ثَبت فلن يجعلني هذا شخصًا سيئًا، بل يجعل من خان ثقتي كذلك». لن أسعَى وراء أحْلامي لأنني قد أفشل عندما تقوم بتحديد أهدافك وأحلامك فأول ما يتردد في ذهنك عادة تساؤلات مثل: هل سأفشل؟ ماذا سيكون شكل حياتي لو فشلت؟ هل سيراني الآخرون مِن حَولي شخصًا فاشلًا؟ كل تلك الأسئلة والمخاوف ليست فقط طَبيعية، بل هي المُكَون الأساسي لدوافع الإنسان لإنجاز أي شيء. بداية الأمر هي فقط التأكد من أنَّ لديك خطة. هذه هي البداية الأصح. لديك خطة، ولديك خطوات ثابتة، ولديك احتياطات حيال العقبات. هَكذا تقوم بِبرمجة أفكارك ببساطة. بعد ذلك يأتي تعريف الفشل. هل الفشل في مشروع تجاري مثلًا هو عدم تحقيقي هامش ربح؟ هل الفشل في مسيرة عمل هي الحِرمان من الترقية؟ هل الفَشل في تأليف كتاب هو كساد مبيعاته؟ بالطَبع لا. لكل مرحلة وخطوة إنجازها المُستقل. بدء التخطيط لمشروع هو نجاح جزئي أتى بَعده بدء المشروع، وتَحَوّله إلى عمل قائم. وخسارة ترقية هي مزيد من الخبرة في المجال تأهيلًا لأخرى. نشر كتاب أو رواية هو نجاح جُزئي حتى مَرحلة أُخرى وهي الانتشار الجماهيري. كل تلك الأمثلة تريد أن تُخبرك أن الفشل نسبي، والذي قد تراه فشلًا بِحُكم مُسبق قد يَكون نجاحًا قريبًا. فلماذا تُطلق الحُكم المُسبق دُون خوض الأمر خطوة تلو الأخرى. قُل لِنفسك دائمًا: كل خطوة في طريقي تمت فهي نجاح. لكن ليست كل عقبة فشلًا».