الإصلاح الإداري و الفساد تقليص له ام علاج ؟
الأربعاء 25-07-2018
- نشر 6 سنة
- 5493 قراءة
ناقشت جمعية العلوم الاقتصادية أمس ورقة عمل بعنوان «الإصلاح الإداري في سورية بين الواقع والطموح» قدمتها الدكتورة ديالا الحاج عارف وذلك ضمن حلقة نقاشية، بينت خلالها أن فعالية الإصلاح تتطلب الابتعاد عن الفهم الجزئي للإصلاح الإداري والانتقال إلى فهم أعمق وأكثر جدوى وأثراً في المكونات والمقومات على أساس أنه نظام مفتوح يؤثر ويتأثر بالبيئة بمختلف عناصرها.
وشددت عارف بأنه يجب تصور الإصلاح كعملية مستمرة ومتجددة تخلق درجة من التوازن الديناميكي لتحقيق أفضل النتائج الإدارية في الإطار السياسي والاجتماعي السائد، فالإصلاح الإداري ليس عملية معاكسة للفساد، بمعنى أنه لا يعني علاج الفساد وإنما أثره واضح في الحد منه وفي تقليصه، ولذلك من الضروري إشراك كل المؤسسات السياسية والتشريعية والتنفيذية والاجتماعية والتربوية والثقافية والعلمية والبحثية لإثراء الإصلاح الإداري في مختلف مراحله تخطيطاً وتنفيذاً ومتابعة وتقويماً.
ورأت عارف أن ملامح الواقع الإداري في سورية منذ عام 2000 تشير إلى أن إدارة الدولة تعي وجود فجوة بين ما تنشده من آمال وطموحات وما هو محقق، وأن تجسير هذه الفجوة في محاولة لردمها يحتاج إلى إصلاح إداري سريع وعاجل وشامل يتكامل مع الجهود الإصلاحية في المجالات الأخرى ويكون حاملاً لها، مبينةً أن محاولات إصلاح الجهاز الإداري كانت تأخذ طابع ردة الفعل على ظهور مجموعة من العوامل السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السكانية التي تؤثر في مسيرة الحياة المعيشية للمواطنين، ولم تكن استباقية مبنية على إستراتيجية منهجية للإصلاح، فكانت معظم هذه الحالات ذات طابع إداري يحاول منع اختراق القوانين والأنظمة أو إساءة استخدام السلطة أو ابتزاز أو الرشاوى أو الاتجار بالوظيفة العامة.
منهجية الإصلاح
ولفتت إلى أن المنهجية في ذلك هي محاولة منع التعدي على المال العام على اعتبار أن الإصلاح هو الوسيلة الأساسية لحجب آثار الفساد، وذلك على اعتبار الإصلاح عملية من رمية واحدة يتم القيام بها في نقطة معينة من الزمن وتنتهي ويستمر مفعولها فترة غير قصيرة، معتبرة أن مراحل الإصلاح تضم الإحساس بالحاجة للإصلاح ووضع الأهداف وتطبيق الإصلاح وتقويم الإصلاح سياسياً وفنياً، ومن ثم اتباع منهجية الإصلاح الإداري الأفقي التي تنصب على قلة من العناصر المكونة للنظام الإداري الكلي ولكنها تطبق على كل منظمات الجهاز الحكومي وقطاعاته، أي الانطلاق من تحويل الإدارة الكلاسيكية إلى إدارة أكثر معاصرة بتجاوز الفكر السياسي والمنهج الاقتصادي.
وأشارت عارف إلى أن الإصلاح الإداري عانى ضعف القدرة على مواجهة التحديات من مفارقات الرواتب والأجور والتعويضات، وطبيعة العلاقات بين القيادات السياسية وإدارات الجهاز الإداري، والهياكل المبنية على نظام التسلسل، وتداخل الاختصاصات وازدواجها، وبطء حركة سير إجراءات العمل، وكثرة القوانين والتشريعات والتعديلات الجارية عليها، والميل الشديد لاقتناء الوسائل التقنية الحديثة دون ربطها بالبيئة الإدارية التي ستستخدمها، والتضخم الوظيفي وتبني سياسة التوظيف الاجتماعي، وضعف كفاءة وسائل متابعة التنفيذ الداخلية والخارجية كالرقابة الشعبية والإعلامية ورقابة الأحزاب والرأي العام.
الجهود الإصلاحية
ونوهت عارف بأنه يجب الاعتماد على الوسيلة الإدارية والتشريعية بشكل أساسي في القيام بالجهود الإصلاحية والاستناد بشكل جزئي إلى الوسائل السياسية من عمليات التطهير والمحاسبة للشخصيات العامة وتكوين لجان التحري والاستقصاء والتفتيش والرقابة التابعة لأعلى قمة الهرم الإداري، وإعادة تنظيم الجهاز الإداري بما يضمن الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني.
ورأت أنه للوصول إلى إصلاح إداري صحيح في المستقبل يجب الابتعاد عن تراشق التهم والإدانات والتحول إلى تأصيل منهج فكري خاص بالإصلاح الإداري يقوم على المبادأة والتخطيط والتجديد والابتكار، ويجب دعم الدور الرقابي للمؤسسات الخارجية على الجهاز الإداري العام وتفعيل رقابة القضاء والإعلام والرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني، ويجب تحديد المواعيد الزمنية لمراحل الإصلاح وخطواته ونشر ذلك جهراً وعلانية، مع العناية باختيار أفراد الجهاز الإصلاحي.
وختمت عارف بأنه لابد من حسم العاقة بين المؤسسات الحزبية والأمنية والتنفيذية وبيان حدودها وتداخلاتها والحرص على تقليص مقاومة التغيير بتقديم برنامجه التنفيذي وفق خطوات تنعكس آثارها الإيجابية كبداية على المستوى المنظور الذي تحصد نتائجه بشكل مباشر الأغلبية العظمى من الشرائح في المجتمع ومن ثم تتابع ثمارها التنموية على المستوى البعيد الأجل.
الوطن