أسواق حلب الأكثر تضرراً وتخريب متعمد لآثارها
صاحبة الجلالة – (خاص)
تعرضت مدينة حلب خلال الفترة الماضية لأسوء ما يمكن تخيله، وكما في الحروب عادة، لا شيء خارج الحسابات، لذا كان للآثار حصتها من الاعتداءات والخسائر. من المعروف أن حلب القديمة مسجلة على لائحة التراث العالمي، وفي مخططها القلعة ومجموعة كبيرة من "مباني سكنية، مباني الخدمة العامة، جوامع، مقامات، مدارس، حمامات، أسواق" إضافة إلى شرائح أثرية أخرى مسجلة بقرارات إفرادية.
ولا مبالغة في القول إن كل ما سبق ناله الاعتداء والتخريب، لكن الأكثر تضرراً هي حلب القديمة، فنصف أسواقها بحالة سيئة، كونها تعرضت للهدم والاحتراق، وكل أشكال الضرر التي سمع عنها السوريون، أما بقية مباني الخدمة العامة فتضررت بنسب مختلفة، أيضاً تعرض محيط القلعة لأضرار كبيرة نتيجة تفجيرات من الأسفل طالت أساسات المباني فيه، حسبما قال مدير المباني الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف، نظير عوض لـ "صاحبة الجلالة".
وبيّن عوض إن حوالي 155 مبنى تعرض للضرر، منها "حمام يلبغا" و"مبنى البلدية" حيث تعرضا لتفجيرات سفلية، لكن لا يمكن الحديث عن إحصائيات دقيقة حتى تدخل الفرق الفنية إلى المدينة وتبدأ عملية توثيق الأضرار، علماً إن العاملين في مديرية آثار حلب، بدؤوا ذلك فعلياً، تمهيداً لأي أعمال ترميم أو إعادة صيانة أو إعادة بناء، حتى إنهم قاموا بحماية المتحف خلال أصعب المراحل، وتواصلوا مع المديرية لتقديم معلومات عن المدينة القديمة.
لكن ما قد يستغربه البعض، هو أن المديرية لا تستطيع ترميم كل ما تهدم، فهي معنية بما تمتلك من مباني، تالياً لا يمكنها إصلاح أي شيء في البيوت أو المرافق العامة، حتى لو كانت ضمن المنطقة الأثرية، يمكن لها فقط أن تضع الضوابط وتنظم العملية فنياً مع تحديد المعايير الدولية للعمل، وقد بدأت بإصدار التعليمات لكيفية إدارة الركام الأثري قبل أن تبدأ عملية التوثيق.
تبعاً لما حدث في حلب، لا شك أن الكثير من البيوت والقصور تعرضت للتخريب والسرقة، وربما طالها التنقيب غير الشرعي أيضاً، بالنتيجة يمكن معرفة المسروقات من البيوت المسجلة بقرارات إفرادية من خلال الوثائق والبيانات أو الذاكرة، لكن هذا يختلف بالنسبة للمباني التاريخية والأثرية، فلا يمكن تقدير مسروقاتها سريعاً، لأنها تحتاج إلى دراسة وتمهل قبل إعطاء أي حكم.
يضيف عوض: تعرّض هذه الحاضرة الإسلامية للتدمير الممنهج، يتطلب منا تروياً ودقة لنخرج بتجربة خاصة بنا في إعادة الإعمار ضمن القطاع التراثي الأثري ، ولا سيما أن حلب لا تشبه كثيراً من المدن التاريخية التي عايشت الحرب.
المجتمع المحلي شكّل بدوره خط الدفاع الأول عن التراث، حيث قام المواطنون بحفظ ما أمكن منه ونقله إلى أماكن آمنة قدر المستطاع، وهو ما ساهم في تخفيف حدة الضرر إلى حد ما، لكن ذلك لم يمنع آخرين من استغلال الظرف، فهناك مفردات معمارية مثل "القيشاني، أشغال خشبية، لوحات، مفردات أثرية"، تعرض خارجاً، ويتم ملاحقتها عبر وحدة خاصة أُنشئت لهذه الغاية، والتأكد فيما إذا كانت ملكيتها تعود لسورية أم لا، علماً أن الاتجار غير المشروع بالآثار قضية تشرف عليها شبكة عالمية، تنقل القطع وتزور مصادرها وقد تخفي بعضها، كما أوضح مدير المباني الأثرية.
وكانت المديرية العامة للآثار والمتاحف أصدرت كتاباً حول "التراث الأثري السوري/ خمس سنوات من الأزمة 2011 – 2015 " جاء فيه إن عدداً من الأبنية المهمة في حلب تعرضت لضرر كامل أو جزئي منها: الجامع الأموي، القصر العدلي، منطقة باب النصر، منطقة باب الحديد، حمام القواص، سوق السويقة الأثري، ثكنة هنانو، البيمارستان الأرغواني الكاملي.
إضافة إلى إن عدداً كبيراً من المواقع الأثرية في منطقة "دارة عزة" ومحيط "دير سمعان"، تعرضت لأعمال تخريب مقصودة من قبل السكان، تمثلت في فك الأحجار الأثرية من الكنائس والحمامات والبيوت، واستخدامها كأحجار بناء لأبنية حديثة. كذلك تم توثيق أعمال جرف للتلال الأثرية بواسطة التركسات والآليات الثقيلة بالقرب من "مدينة منبج"، وفي "تل القملق" و"تل جبل خالد"، أيضاً تعرض مدفن "شاش حمدان" للحفر والتكسير بالفؤوس والمعاول مما دمر أجزاءً كبيرة منه بشكل كارثي وهمجي!.